ننطلق من عتبات النص، وسنتوقف عند العتبة الرئيسة، وهي العنوان الغريب المحير من خلال ثنائية حرفي السين والصاد! وكأنها رمزت الى الشخص الذي أحب البطلة بصدق للرمز (س) دلالة على السمو أما (ص) والذي يمثل الخداع، فرمزت له بحرف الصاد الذي يمثل الصبر على ألم السنين، حتى تم تصحيح المسار لحياتها من خلال اللقاء ب (س)
من المعروف ان العنوان هو آخر ما يكتبه الكاتب، وهو اول ما يتلقفه القاريء، فكأنه همزة وصل بين الكاتب والقاريء، يحمل رسالة بفحوى المضمون،ولم يكن اختبار الكاتبة للعنوان اعتباطا، إنما لتقديم رسالة تحمل ثنائية الخير والشر، وهما بطلا القصة نفسها، وكأنها تتناص مع الرياضيات التي يمثل فيها الرمزان( س وص) قيمة غير معلومة .
انطلق عنصر التكثيف في القصة بداية من الشخوص، فلم يكن هناك من الأبطال سوى البطل (ص) والبطل (س) فضلا عن البطلة محور الأحداث، كعادة الأديبات اللاتي يجعلن البطلة هي محور العمل القصصي،وشخصيات ثانوية هامشية كالأب والفتيات الزميلات، كما أن عنصر الحوار تم توظيفه جيدا، من خلال البطلة التي انطلق منها الحوار بطريقة المونولوج الداخلي أو السيرة الذاتية التي تضع المتلقي في بؤرة الصراع الذي تمثَّل في الصراع الخارجي بين البطلة و(س) في البداية ثم البطل (ص) .
اعتمدت الكاتبة أكثر من تقنية سردية ببراعة، فقد انطلقت من السرد المتتابع من خلال البدء من الوسط، ثم طريقة السرد المتناوب في أبسط صوره، حيث نقلتنا الى أكثر من مشهد، ثم عادت الى المشهد الأولي مرة ثانية دون اختلال في البناء الدرامي للقصة .
برعت الكاتبة في وصف الطبيعة الصامتة من خلال وصف حجرة النوم والصالة، واستطاعت استبطان البطلة من خلال ما يشبه عملية الفضفضة النفسية التي عبرت بها عن حكايتها من خلال المنولوج الداخلي، وجسدت حالة الخوف والاطمئنان ببراعة من خلال نمو الشخصية الدرامية المحورية للبطلة، كما برعت في وصف المشاعر الأنثوية لحظات ضعفها في إطار متحفظ بعض الشيء، مكثف من خلال اظهار نتيجة ما حدث لها من عملية خداع بقطرات الدم التي كرست الفعل الدرامي والتي مثلت ذروة الصراع في تلك القصة .
كما استطاعت توظيف حدث (القبلة) بذكاء، فقد طبعت على خد أبيها قبلة، وكأنها تمهيد لقبلة أخرى لحبيب ادعى أنها حبيبته وابنته! حيث انتظرت منه أن يكون معادلا موضوعيا للأب الذي يخاف على ابنته ولا يريد منها شيئا، إلا أنه مارس خساسته فأخذ منها كل شيء، وسلبها أعز ما تملك مستغلا براءتها وضعفها أمامه وصغر حجمها مقارنة به .
أرادت الكاتبة إضفاء صفة الإنسانية على تلك القصة من خلال عدم ذكر أسماء الأبطال وكأنها تتحدث عن كل إنسان يسمو بأفعاله مقارنة بكل خبيث مخادع، من خلال الشفرة البسيطة لحرفي السين والصاد، فهي قصة تحدث في كل مكان وزمان، وقولبة القصة وتخصصيها بأسماء معينة من شأنه أن يحملها من الاتساع إلى الضيق، لذلك قد نجحت أديبتنا في تحميل القصة تلك المعاني الإنسانية ببراعة من خلال الرمز، البسيط في مبناه العميق في معناه، كأنها تحذر كل الفتيات في العالم من ذلك الشخص (ص).
.اخذت الكاتبة قطاعا عرضيا من الحياة يحمل أحداثا عظيمة في فترة زمنية طويلة نسبيا، اختزلتها في كلمات قليلة .
كما امتازت بالتصوير الفني الرائع واستخدام الرمز ومنه أنه اعجب بحذائها دلالة على انحطاطه رغم ما قد يحمله من معاني الثراء وعلو المنزلة .
نلحظ سرعة الإيقاع القصصي من خلال تتابع الأفعال المصارعة خاصة في وقت المشاهد الحميمية للتعبير عن أنها كانت لذة وقتية سرعان ما تزول .
استطاعت الكاتبة ان تحافظ على أن تأخذ بلب المتلقي حتى لا يتسرب الملل الى نفسه من خلال عناصر التشويق الذي استخدمت له عدة أوات وهي تنويع زمن الحدث من الماضي إلى المضارع، فنجدها تحكي بصيغة الماضي ثم تستحضر الحدث أمام المتلقي من خلال التعبير بالفعل المضارع، دون أن يشعر المتلقي بأي خلل، كما أنها جعلت للبطلة صوتين حيث تحدثت عنها بصيغة الغائب وأحيانا بصيغة المتكلم .
وكذلك سرعة الإيقاع الذي امتد في القصة كلها، رغم تباطؤه من خلال وصف الطبيعة الصامتة في منزل البطل المخادع إلا أنها سارعت بذلك الإيقاع حتى كأننا داخل الحدث نفسه فنشعر بنفس صدمتها وتتلاحق أنفاسنا تناسبا مع سرعة الإيقاع .
وأخيرا فالقصة تحمل الكثير من المعاني والدلالات ونصها مفتوح للتأويل بشكل يحتمل كثيرا من التأويلات النقدية كتبت بحرفية عالية تنبيء بكاتبة موهوبة وبارعة في المجال القصصي بأسلوب راق شائق تملكت الكاتبة أدوات الكتابة الأدبية بروح الفنان التي نفتقدها في كثير من الأعمال الأدبية، فنان يقوم بتشريح المشاعر الإنسانية ويصف خلجات النفس وقت الخوف والترقب والقلق بذكاء فنان وأسلوب أديب، وإجادة استخدام الرمز .