د محمد قاسم المنسي
يكتب
في استثمار الطاقات المعطلة
1-استثمار الزمن
-1-
يشكل الزمن أحد أهم عناصر تحقيق النهضة والارتقاء لأية أمة علي الارض ، لانه يعد من أهم لوازم التخطيط و الاعداد للعمل التنموي والانتاجي ، فهو الوعاء الذي يحتوي جميع اعمال البشر
، وهو النهر الذي يفيض علي الجميع دون استثناء ، لكنه يصنع (ثروة) في مكان ، وفي مكان اخر يصنع( عدما) حسب تعبير مالك بن نبي ..
والسؤال هنا :
لماذا يصبح الوقت (ثروة) في مكان ، و(عدما ) في مكان اخر
مع ان الوقت الذي يمر علي الجميع واحد ، لايزيد ولاينقص
هل يعود الامر الي الوقت نفسه ؟
ام يعود إلي البشر وسلوكهم وثقافتهم ومدي استعدادهم لاستيعاب السيل المتدفق من مياه النهر؟!
-2-
ومن الغريب – في الأمر – اننا في العالم الاسلامي ، لدينا نظرة خاصة الي الزمن ؛ اذ ترتبط العبادات الإسلامية به ، فدخول الوقت احد شروط صحة العبادة
، وانقضاؤه ينقل التكليف من درجة (الاداء) الي درجة (القضاء)
ومن الواجب (الموسع) الي الواجب ( المضيق)..
ولا يقتصر الأمر على العبادات وانما يمتد ليشمل المعاملات والحقوق والالتزامات والواجبات الشرعية ، وغير ذلك من الامور التي ربطت فيها الشريعة بين الأفعال الإنسانية والعلاقات
الاجتماعية والأحكام الشرعية
، علي أساس أن الأحكام ليست اوصافا ثابتة وملتصقة بالافعال المحكوم فيها ، وانما هي علاقة متغيرة بحكم عوامل عديدة من أهمها عامل الزمن والأشخاص والظروف المحيطة بالافعال ولذلك تختلف الأحكام باختلاف كل هذه العوامل ، فيكون الحكم علي الفعل الواحد مختلفا بحسب
الفاعل والظروف التي تحيط به .
ومع ماسبق ، فإن ثقافة استثمار الزمن تكاد تكون من الفرائض الغائبة عن المسلم المعاصر ، الامر
الذي يعد من أهم اسباب التراجع الحضاري في العصر الحديث ،.
-3 –
ومن هنا يطرح مالك بن نبي في كتابه (شروط النهضة)حلا عمليا لإنهاء حالة الخصومة مع الزمن وبدء مسيرة انسانيةجديدة تقوم علي مبدأ احترام الزمن وتقديره ،
كي يصنع الثروة عندنا كما صنعها عند غيرنا..
يقول مالك:
لكي نعلم المسلم علم الزمن ، لابد أن نعلم الطفل والمرأة والرجل تخصيص (نصف ساعة) يوميا لأداء واجب معين ، فإذا خصص كل فرد هذا الجزء من يومه في تنفيذ مهمة منتظمة وفعالة ، فسوف يكون لديه في نهاية العام حصيلة هائلة من ساعات العمل لمصلحة الحياة الإسلامية
في جميع أشكالها العقلية والخلقية والفنية والاقتصادية والمنزلية.
وسيثبت هذا النصف ساعة عمليا. فكرة الزمن في العقل الاسلامي
اي في أسلوب الحياة في المجتمع وفي سلوك أفراده ، فإذا استغل الوقت هكذا فلم يضع سدي(بلا فائدة) ، ولم يمر اي(الوقت)كسولا(كسلان) في حقلنا ،،
فسترتفع كمية حصادنا العقلي واليدوي والروحي)
وهذه هي الحضارة!!