مصطفى السبع
حلقة من حلقات مصطبة الفيس بوك
رئيس الجمهورية وماسح الأحذية
قصة خيالية ولكن بها دروس مستفاده
فى دولة من ضمن الدول الصغيرة كان بها رئيس جمهورية متواضعا وعادلا وكان دائما فى كل لقاءاته الاعلاميه يدعو الى نصر الحق على الباطل وكان دائما يحرم نفسه من أشياء كثيرة حتى يستفيد بها شعبه حتى لا يترك لهم أى مشكلة وتصبح هذه الدولة رغم صغر حجمها مليئة بالخير وتعتمد على مصانعها وانتاجها فكان دائما رئيس هذه الدولة يحسهم بأنه قريبا منهم فى كل لحظة حسب ماكان يقول دائما لهم فى لقاءاته التليفزيونيه أنه يمتلك حكومه متزنه تعيش معكم لحظه بلحظة وتنقل لى صور حية عن أحوالكم وعن الخير الذى تعيشون فيه وأنه يثق فى هذه الحكومة ثقة عمياء فكان دائما يطلب منهم التواضع والقناعه فى كل الأشياء ليخلق بداخلهم القناعة التى تمنع دخول الطمع داخلهم هذا ما كان رئيس الدولة يقوله فى كل أحاديثه بناءا عن الصوره التى كانت حكومتة تعرضها عليه.
وفى يوم من الأيام طلب رئيس الجمهورية من رئيس حكومته ان ينظم له زيارة للبلاد التى يحكمها ليرى ماهى أحوال الشعب بدأ رئيس الحكومة بترتيب كل ما يخص هذه الزيارة وعندما كان يسير فى زيارته رئيس الجمهورية فرأى شابا يقف بعيدا عن الناس وعلى كتفيه صندوق ومنفردا بنفسه ويبكى فأمر رئيس الجمهورية من معه بإحضار هذا الشاب وعندما سأله مابك قال له الشاب بداخلى حزن كبير لا يعلمه الا الله وسوف أقصه عليك ولكن على إنفراد فوافق رئيس الجمهورية وقال لهذا الشاب سأنتظرك بالقصر وعندما ذهب هذا الشاب للقصر وقابل رئيس الجمهورية فقال له ياسيادة الرئيس أنا الحزن الذى بداخلى له عدة أسباب أولها وفاة والدى وعندما كان يلفظ أنفاسه الاخيره كان يدعو لك وعليك فقال له رئيس الجمهوية لماذا كان يدعو لى ولماذا كان يدعو علي فقال له الشاب والدى دعا عليك عندما كان يراك ويسمع كل أحاديثك الغير صحيحه فكان دائما يقول فى دعائه لو الرئيس يعلم حقيقة القهر والعذاب اللى شعبه عايش فيه وهو يقول هذا الكلام ويضلل الحقيقة على وسائل الإعلام يبقى حسبي الله ونعم الوكيل فيه ولو هو فعلا طيب ومتواضع وبداخله الخير الذى يتحدث عنه دائما فليوفقه الله ويكشف عنه الغمه ليعرف حقيقة شعبه التى زيفتها له حكومته
فقال الرئيس للشاب وما هو السبب الآخر :
قال الشاب هو أنا وكل الشباب مثلى الذين تحطمت حياتهم وضاع مستقبلهم لعدم الحصول على وظيفه مناسبه حتى وصل بى الامر وانا خريج جامعه أن اعمل ماسحا للأحذية فقال له الرئيس وأين المشروعات التى تتحدث فيها حكومتى فعندما اذهب لإفتتاح مشروعا ما كانوا دائما يتحدثون فى فرص العمل الكثيرة التى تتوافر من هذه المشروعات فقال له الشاب ماهى الا مشروعات خياليه ليشاهدها الجميع ثم يستثمرها رجال الاعمال لمصالحهم الشخصية ولزويهم وقرائبهم أما نحن فليس لنا مكان بهذه المشروعات.
فقال له رئيس الجمهورية حدثنى عن سببا آخر لحزنك قال له الشاب هو أننى رأيت وسمعت إناس تتحدث عنك بإسلوب غير لائق بسبب إهمال الحكومة لهم من ناحية العلاج والمستشفيات والتعليم وغلاء الأسعار فعندما يشاهدونك تتحدث يغضبون من حديثك ويتحدثون بألفاظ جارحه ويرفعون أيديهم الى السماء يدعون عليك وعلى حكومتك فعندما وجدتك حزنت لأنك لا تستاهل سوى كل خير فسأله رئيس الجمهورية ولماذا أنت الوحيد الذى احسست بذلك فقال له الشاب انا ماسح أحذية ولى اختلاط بكل الطوائف وبجلس فى الشوارع والمؤسسات والادارات الحكوميه فعلمت بأنك ستزور منطقتنا منذ إسبوع لأننى وجدت كل مسؤليين المنطقة على قدم وساق يرتبون الطرقات ويتقربون للأهالى ويسعون لمساعدتهم والانتهاء من مشاكلهم فوجدت منطقتنا فى مرحلة جماليه غير مسبوقه وكل هذا بسبب زيارتك لنا ففى هذا الوقت أحسست بأنك لا تدرى اى شيئ عن حقيقة شعبك بسبب الصورة المزيفة التى تصلك من حكومتك .
فقال رئيس الجمهورية لهذا الشاب ماذا يقول الشعب عنى أفصح مابداخلك.
قال له الشاب انك تجلس فى قصرا وهم يسكنون فى منازل قديمة مهيئه للسقوط وأنت تلبس أحسن الثياب وهم يلبسون القديم وتأكل نظيفا وهم يأكلون الأكل ملوثا وانت تمرض ثم تعالج فى أحسن المستشفيات وهم لايجدون العلاج ولا يتحصلون على ثمن العلاج وقالوا أيضا ان كل ما تتحدث عنه بالوسائل الاعلاميه ماهو الا حديث مؤلوف يسرح بهم الى عالم الخيال وعندما يستيقظوا من غفلتهم يتحدثون مع بعضهم البعض وكل كلامهم عن أحاديثك بالاعلام وعن السحر فى كلامك الذى لا يتحقق ويكتشفوا ان يوما بعد يوم وعاما بعدعام لايتغير من الأمر شيئ وتستمر حالتهم كماهى لا تتقدم ولا تتطور فنظر رئيس الجمهورية الى هذا الشاب وماذا عن احزانك الباقية نظر إليه الشاب وقال له كنت اظنك تواسينى وتعزينى عندما قلت لك ان والدى توفاه الله قبل زيارتك لمنطقتنا بيوم واحد فقط لانك ياسيادة الرئيس قد إنشغل بالك بالامر الذى يخصك فقط ولهذا كيف تكون رئيسا لدولة وانت لا تشعر بشعبها وان تشاركهم أحزانهم كثيرون يموتون فداءا للوطن ولن نجد منك أى اعانة لزويهم أو أى مساعدة من خلالكم أهذه هى المبادئ التى تتحدث عنها كثيرا من خلال وسائل الإعلام ولهذا الحين تتسائل سيادتكم مايحزننى ألم تعلم ان أبى توفاه الله وهو غاضبا عنك لانه أثناء مرضه لن نستطيع توفير العلاج وتتسائل ماذا يحزننى وسيادتكم تزعم بأنك حاكما عادلا وانك توفر كل الاشياء لشعبك من أين جاءت هذه الثقة العمياء لمن ينقلوا اليك هذه المعلومات ان شعبك يعيش سعيدا ومرتاحا دون مشاكل
قال له رئيس الجمهورية يأتى إلي تقرير كامل عن الشعب وعن مايحدث بالدولة وكل التقارير تنص على ان الشعب متوفر له كل الأشياء فقال له الشاب هل نظرت بأعينك أم بأعين حكومتك فقال له رئيس الجمهورية لماذا أرى بعينى الشعب هل سأذهب لكل منزل من منازل الشعب حتى ارى كيف يعيشون وكيف حالهم ومادور الحكومة حين ذاك انا لا أستطيع ان افعل ذلك .
نظر إليه الشاب وقال له هل تثق بى
فقال له رئيس الجمهورية إعطنى ماعندك من أفكار
قال له الشاب سوف اصاحبك لمكان يتجمع فيه اقل فئات الدولة وستعرف منهم كل الحقائق فهم لا يعرفونك الا سمعا فقط لانهم لا يهتمون بوسائل الاعلام المزيفه التى تبعدهم عن الحقيقه .
فقال له رئيس الجمهورية أننى سوف أذهب معك واغير من شكلى قال له الشاب ليس تغيير الشكل فقط انما التغيير لابد ان يكون فى كل مايتعلق بذاتك ومن اهمها ان تنسي أنك رئيسا للجمهورية وأنك تتنكر فى شخصية متوسطه كمواطن عادى ولعلم سيادتكم فعليك أن تعى ان فى هذه الحالة لابد ان تبتعد عن الرسميات لابد ان تكون بالفعل مواطن عادى تسير معى وتجلس معى فى اماكن تجمعات ابسط الناس لترى ماذا يقولون عن معيشتهم وعن أخبار البلد سياسيا وإقتصاديا.
نظر اليه رئيس الجمهورية وقال له لماذا أنت ملم بكل هذه المعلومات فقال له الشاب أن ماسح الأحذيه هو أفقر الناس وأغلبهم وهو أقرب للناس وهو أكثر إنسان يستمع لمشاكل الناس عندما يجلس بجوار القهاوى بصندوقه او داخل المؤسسات الحكوميه فهو يرى كل مايحدث بين المواطنين من احاديث عن السياسه وعن المعيشه فهكذا عرفت كل هذه المعلومات ورايت الحقيقة التى تخفيها حكومتك وإعلامك عنها
لحظة التفكير لرئيس الجمهورية صعبه جدا وخصوصا القرار الذى سياخذه للخروج مع هذا الشاب لتفقد احوال الشعب فالاختيار صعب فكيف يقوم بعمل ذلك وكيف يتصرف ثم صمت صمتا رهيبا وطلب من الشاب ان يذهب الى بيته ويأتيه فى الصباح ويتركه حتى يأخذ قراره ذهب الشاب تاركا رئيس الجمهورية حتى يلتقي به بالصباح وعندما جلس رئيس الجمهورية وحده جلس يفكر كثيرا فى هذا الأمر فأرسل لرئيس حكومته بعمل اجتماع طارئ لمناقشة التقارير الخاصة بالدولة وعندما بدأ الاجتماع طلب منهم التحدث عن المشاكل التى تواجه الشعب فكان حديثهم واحد ان الشعب يدعوا لك وجمعيهم سعداء بسيادتك ولا ينقصهم سوى رؤيتهم لك والحديث معك ليشكروك عن خدماتك وتوفير كافة متطلباتهم لهم فوافق رئيس الجمهورية على تنظيم مقابله مع الشعب لمقابلتهم ولرؤيتهم حسب ما طلبوا منه حكومته وفى اليوم الثانى ذهب اليه الشاب ليرى ماهو قرار رئيس الجمهورية له وهل سيوافق على الذهاب معه وهو ماسح احذية و شخصية فقيرة مثلى وعندما دخل و سأل رئيس الجمهورية هل سيادتكم أخذت قرارا بهذا الشأن الذى تحدثنا فيه بالأمس فقال رئيس الجمهورية لهذا الشاب اتركنى بضعة أيام وسوف أرسل لك لتأتى فأنا حاليا الى هذه اللحظة لن أأخذ قرارا بشأن هذه الحالة ثم تركه الشاب وذهب الى بيته وهو يشعر بخيبة أمل وأن الذى يخطط له سوف يفشل فيه.
رئيس الحكومة أتى الى رئيس الجمهورية وأتفق على الميعاد المنتظر لمقابلة طائفة من طوائف الشعب يمثلون الشعب بالكامل وعندما ذهبوا للمكان المحدد ودخل رئيس الجمهورية الى قاعة الحضور وجد هذه الطائفة تتغنى بقدومه داخل القاعه ولن يظهر عليهم علامات الفقر والجوع والحرمان وعندما سأل رئيس الحكومه اين الشعب الذى سوف أتحدث معه فقال له رئيس الحكومة هم من يتكلمون ويتحدثون بلسان الشعب لانهم اقرب منا للشعب وهم أيضا من يمثلون الشعب فجمعنا من كل منطقة ممثلا للشعب فطلب منهم الحديث عن مشاكلهم ومشاكل الشعب فالجميع اجمع ان الشعب سعيد جدا وراضى عن الحياة التى يعيشها وانهم سعداء بأنك رئيسهم على الفور أنهى رئيس الجمهورية المناقشه واللقاء وأمر باستدعاء الشاب الى القصر وعندما أتى إليه الشاب تحدث معه رئيس الجمهورية عن هذا اللقاء وقال له عن ماذا دار وحدث من الاطياف التى كانت حاضره لهذا المؤتمر فقال له الشاب لقد رأيته وانا جالس بالقهوه من خلال شاشة التلفاز فسأله رئيس الجمهورية وماذا كان رد فعل الموجودين قال له الشاب لقد إنتحر شابا فى ذلك اللحظة عندما راى كمية التطبيل وعدم الاحساس بنا والتمثيل امام سيادتكم ببعض المأجوريين ليتحدثون عنا امام سيادتكم فقال له رئيس الجمهورية سوف أذهب معك وأنتظرنى غدا خارج القصر وسأذهب معك أمر رئيس الجمهورية حراسه بعدم إتباعه لانه يريد الذهاب لمكان ما بمفرده ثم خرج من قصره واخذ الشاب وذهبوا سويا الى منزل الشاب فوجد أم هذا الشاب مريضة وطريحه بالفراش وعندما دخل عليها تحدث معها وقال لها الم تعرفيننى قالت له لا فقال لها انا رئيس الجمهورية فابتسمت وقالت له أتريدنى اكرهك قبل اعرفك فقال لها رئيس الجمهورية ولماذا تكرهيننى قالت له لأنك شبهت نفسك بقاتل زوجى وسبب مرضى وموت الشباب فحزن رئيس الجمهورية وقال لها انا لن اسمع هذا الكلام من قبل ونظر الى الشاب وطلب منه الخروج من غرفة أمه والجلوس بالخارج .
فخرج له الشاب وقال له لاتغضب من حديث أمى فقال له الرئيس لن اغضب منها ولكننى حزنت على نفسي عندما شاهدت إمرأة عجوز مريضة بالفراش تكرهنى بهذه الصورة التى لن اتوقعها من قبل فكنت أظن أن الجميع يدعو لى ويحبنى إنما الآن أصبحت مكروها وظالما بسبب ثقتى بحكومتى وعدم تقربى الى الواقع الذى أنا غائبا عنه.
قام الرئيس وخرج من بيت الشاب ماسح الأحذية ليتفقدوا الشوارع وحالة الشعب على طبيعته ووجد ما لا يتوقعه من متاعب واحوال غريبة لن يسمع عنها من قبل بل إكتشف تدهور حال البلاد التى كانت حكومته وإعلامه يغلقون امامه ستائرهم على هذه الأحداث المؤسفة .
عاد رئيس الجمهورية إلى قصره وأعلن عن إجتماع طارئ للحكومة وأثناء الإجتماع طلب من كل مسؤل أن يتحدث عن اعماله وعن الايجابيات والسلبيات فكان رأى الجميع واحد الا هو لايوجد سلبيات بالدولة فعرض عليهم الرئيس قصته التى عاشها بضعة ايام مع ماسح الأحذية الذى اكتشف من خلالها حقيقة الاحداث التى يعيش فيها شعبه .
فطالب الرئيس من الحكومة بتقديم استقالتها وأمر بتحويلهم إلى القضاء للتحقيق معهم عن التقصير فى عملهم والتقصير فى حق الشعب كما طلب السيد الرئيس بوقف كل القنوات الاعلاميه التى كانت تزيف الحقائق إرضاءا للحكومة.
ثم قام بتشكيل لجان هو رئيسها وأعضاءها من الشباب المتميز للبدء فى عمل البنيه التحتيه لجميع المشروعات على ان تكون تحت اشراف ومسؤلية الشباب المتميز .
كما أمر الرئيس بإلغاء كل الأحزاب التى تزعم أنها تتحدث فى السياسة فيحدث حوارات مختلفه لا تمس الواقع بشيئ
كما امر الرئيس بعمل مراقبة داخلية على كل السلع والمحلات والمصانع لضبط أسعارها ولكفاءة جودتها .
وامر الرئيس بعمل صندوق تبرعات من القادرين لتوفير العلاج بالمجأن ولتطوير المستشفيات .
ثم امر الرئيس بمنع ووقف الدروس الخصوصيه والاهتمام بالمناهج الدراسية من خلال وزارة التربية والتعليم .
كما طلب الرئيس اجبار القضاء بالحزم فى القوانين . وسرعة الاحكام والتنفيذ للحد من القتل والاغتصاب والخطف والبلطجة .وجبروت التجار بسبب رفع الأسعار.
كما طلب الرئيس بالإعتماد على الشباب والإستفادة بطاقتهم نحو تنفيذ المشروعات الصغيرة والكبيرة.
فرض الإسلوب الأمنى لحماية منشآت البلد وحماية الشعب من أى مخاطر ومعاقبة المقصريين فورا وإتخاذ الإجراءات القانونية ضدهم.
ثم قام الرئيس بتكلفة الحكومة الجديدة بعمل تقارير بصفة مستمره لمراقبة كل المؤسسات والعمل على توفير الامان وتحقيق العدالة الإجتماعية بين طوائف الشعب.
هذا السرد من الخيال مثلما قولت مسبقا فى البداية ولكن يوجد بها دروس كثيرة أكيد أثناء القراءة ستجدون ماهى هذه الدروس.
فالعلامة المميزة لهذا المقال هو الشاب ماسح الأحذية البسيط الذى كان وجوده نقطة تحول كبيرة لرئيس الجمهورية ناحية شعبه ودولته.
تمت.
مصطفى السبع