ما أروع الوصية وبخاصة عندما تصدرعن حكيم مجرب خبر من الحياة أسرارها وسبر من عجائبها أغوارها ليقدم تلك التجارب والخبرات لمن يحب لينتفع به فى حياته ويضمن بها النجاة من فتن الحياة وضلالاتها
ولمكانة الوصية ودورها فقد حفلت آيات القرآن بقصص الأنبياء وهم يوصون أهلهم و ذويهم فهذا سيدنا إبراهيم عليه السلام يوصي أباه ” قائلا : ” يا أبت لا تعبد الشيطان إن الشيطان كان للرحمن .)
وهذا سيدنا يعقوب عليه السلام يوصي أبنائه عندما أرادوا الذهاب لمصر حيث قال لهم : ” يا بني لا تدخلوا من باب واحد وادخلوا من أبواب متفرقة . ” .
ومن منطلق إيمانى بقيمة الوصايا ودورها سعدت منذ أيام قلائل بمطالعة الوصية الرائعة التى صاغها شعرا شاعر الحب والجمال وزعيم الفصحى ورائدها المهندس والشاعر ثروت سليم حيث صاغ نهرا فيضا من الحكمة فى أبيات موجزة لينهل منها فلذات أكباده وتكون لنا جميعا زادا ومعينا — فكتب يوصى أبناءه قائلا :
عيشوا بعزٍ ..فما بالعِزِ مِن فَقْرِ
وسَلِّموا الأمرَ دوماً صَاحِبَ الأمرِ
لا تركنوا لاتكَالٍ واتقنوا عَمَلاً
فاللهُ قد جَاءَ بعدَ العُسْرِ باليُسرِ
قد عِشْتُ دَهراً وفي عَينَيَّ أمنيةٌ
ولمْ أزلْ رغمَ فَوْزٍ أولَ السَطْرِ
لكنني شاعرٌ .. والشِعرُ لي وطنٌ
وَزْنٌ وشَطْرٌ ..وفِعلُ الأمرِ بالأمرِ
ولستُ أخشَى مِن الدنيا على أحدٍ
فالدينُ والمالُ والتقوى على أثري
أنا الغَنيُ بما استثمرتُ مِن ولَدٍ
وفي ابنتي آيةٌ.. من صُورةِ القَمَرِ
لو كنتُ مُبتدَأً ..فالحُبُ لي خَبرٌ
فلتكملوا رِحلَتي بالحُبِ في سَفري
يالروعة الموصى ويالبلاغة الوصية فقد ترك شاعرنا نفسه على سجيتها دون الجرى وراء تنميق العبارات أوالتهافت على البيان والبديع فطبيعة المقام الذى قيلت فيه أبلغ من كل محسن وصدق العبارات أوفى من كل سعى للكمال
فهنيئا للموصَى بوصية موصٍ صادقٍ فى وصيته ودعاء إلى الله أن يبارك لنا فى عمره لنزداد وتزدان عقولنا وقلوبنا بروعة وجمال