عادل عامر
إن مشروع القانون المقترح بتعديل نصوص المواد 44 من قانون السلطة القضائية و83 من قانون مجلس الدولة و16 من قانون هيئة قضايا الدولة و35 من قانون هيئة النيابة الإدارية والخاص باختيار رؤساء الهيئات والجهات القضائية بترشيح 3 من نواب كل منهم ليختار رئيس الجمهورية أحدهم.
أن القانون قد يكون مقدمة لتعديل الدستور، محذرين من أن المسار الذي يسلكه البرلمان المصري يهدد بإفراغ سلطته من مضمونها ويحوله إلى مجرد تابع للسلطة التنفيذية. أن التعديل المقترح الذي يجعل اختيار رئيس محكمة النقض رئيس مجلس القضاء الأعلى بمعرفة رئيس الجمهورية من بين ثلاثة مرشحين من نواب رئيس محكمة النقض يرشحهم مجلس القضاء الأعلى
يمثل اعتداء على استقلال القضاء لمساسه بالثوابت القضائية المستقرة، وﻻ يحقق الغاية من التشريع باختيار الأجدر منهم لهذا المنصب، الأمر الذي ﻻ يتأتى إﻻ لجمعيتهم العمومية، في ذات الوقت على أن استقلال القضاء خط أحمر ﻻ يجوز المساس. وحيث أنه ينبغي أن يسير تنظيم وإدارة شؤون القضاء في كل بلد على هدى تلك المبادئ، كما ينبغي بذل الجهود لتحويلها كاملة إلى واقع ملموس،وحيث أن القواعد التي تخضع لها ممارسة الوظائف القضائية ينبغي أن تهدف إلى تمكين القضاة من التصرف وفقا لتلك المبادئ،وحيث أن القضاة مكلفون باتخاذ القرار الأخير بشأن حياة المواطنين وحرياتهم وحقوقهم وواجباتهم وممتلكاتهم،أن المجلس الأعلى للقضاء هو صاحب الحق الأصيل في هذا الشأن، مع عدم إغفال دور نادي القضاة، باعتباره الممثل المنتخب لجموع القضاة. لان الثوابت والأعراف القضائية تواترت واستقرت على الاختيار بالأقدمية المطلقة منذ إنشاء الهيئـات والجهات القضائية حتى الآن باعتباره معيارا موضوعيا لا تدخل فيه الأهواء، واستقرت الدساتير المتعاقبة ومنها الدستور الحالي على مبدأ الفصل بين السلطات حاكما للعلاقة بين السلطات الثلاث القضائية والتشريعية والتنفيذية. أن بعض النواب يريدون إقحام رئيس الجمهورية في القضية حتى تحظى بمساندة البرلمان بأكمله.
ومعلوم أن العلاقة بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي والسلطة القضائية هادئة نسبيا على خلاف العهود السابقة التي اتسمت بالكثير من التوتر، الأمر الذي دعا البعض إلى القول بأن الجدل الحاصل حاليا حيال مشروع القانون قد يكون بداية نهاية شهر العسل بين الطرفين. أن سيادة القانون أساس الحكم في الدولة وتخضع الدولة بكافة مؤسساتها للقانون وأن استقلال القضاء وحصانته وحيدته ضمانات أساسية لحماية الحقوق والحريات
وأن السلطة القضائية مستقلة والتدخل في شئون العدالة والقضايا جريمة لا تسقط بالتقادم وتقوم كل جهة أو هيئة قضائية على شئونها ويؤخذ رأيها في مشروعات القوانين المنظمة لشئونها. لقد عرفت مصر بين الدول منذ القدم باستقلال قضائها الأمر الذي كان مبعث شرفها وفخرها وعزتها بين الأمم على مر العصور والأزمنة والركيزة الأساسية والضمانة الحقيقية للمتقاضي قبل القاضي وأساس الحكم الديمقراطي الرشيد لدولة تبغي الحق سبيلا والعدل رشاد • إن السلطة القضائية تقف إزاء سلطتين أقوى منها فالسلطة التشريعية تمثل إرادة الشعب ، وتصدر تشريعات ملزمة للسلطة القضائية و لغيرها ، أما السلطة التنفيذية فتزاول اختصاصاتها من خلال إصدار قرارات تنظيمية وتكون مسئولة عن تنفيذ القوانين فضلاً عن دورها في التدخل بتنظيم الجهاز القضائي ، وبالتالي نجد إن اختصاص السلطة التشريعية و التنفيذية ايجابياً في حين إن اختصاص السلطة القضائية سلبياً في الأعم الأغلب ، فهو يقتصر على تطبيق القانون في حالة الطلب من احد المتنازعين ، أي بمناسبة إقامة الدعاوى ، وبالتالي يتبين ضعفها إزاء باقي السلطات .
•إن طبيعة الوظيفة القضائية قائمة على تحقيق العدالة وحماية حقوق الإفراد و حرياتهم و احترام القانون توجب عدم التدخل في عمل القضاء حتى يتمكن من تحقيق وظيفته وبخلافه فإن القضاء سوف يحقق أغراضه مما يؤدي إلى حدوث الاضطراب في المجتمع و زعزعة الثقة بالقانون لدى الإفراد .
•مادام القانون يمثل قوة إلزام لأفكار سامية و موضوعية حيادية و لا تميل أي ميل طبقي أو عشائري أو حزبي أو شخصي ، إلا إن هذه الأفكار الملزمة لا تستطيع تطبيق نفسها بنفسها ، مما يتطلب وجود جهاز قضائي يتمتع بالمواصفات نفسها التي يتمتع بها القانون من سمو و موضوعية و حيادية ، مما يستوجب التركيز و المناداة بضرورة استقلال القضاء .
•وكون القضاء يمثل الوسيلة المتاحة و السهلة للمواطنين للجوء إليه في عرض ظلماتهم بمعنى أن القضاء يمثل في نظر الأفراد الجهة الحيادية لذا فإن الإصرار و المنداة باستقلاله يعزز ثقة المواطنين بالدولة من جهة و من جهة أخرى يولد الشعور لهم بالأمان و الطمأنينة و التفاؤل بوجود جهة مستقلة قادرة على حمايتهم سواءً من الحكومة أو المؤسسات أو الأفراد .
ولكن هل المناداة بهذا المبدأ تتوقف عند حد عدم تدخل باقي السلطات في عمل القضاء، أم أنَّه يحمل معنى متوازن و متقابل أي وجوب عدم تدخل القضاء في عمل باقي السلطات ؟
أن القضاء يتمتع بالولاية العامة على الأشخاص و المنازعات في الدولة كافة ، لذا فأن وظيفته هذه تستوجب مراقبة عمل السلطة التشريعية حيناً فيما يعرف بالرقابة على دستورية القوانين ، أو النظر بعمل السلطة التنفيذية حيناً أخر عند الفصل في الخلافات التي تكون فيها الحكومة ومن يمثلها طرفاً فيها أو طرفاً وحيداً فيها كالقضايا المتعلقة بالفساد الإداري على سبيل المثال ……
إن الشعب المصري الذي تصدر الأحكام باسمه يعلم أن مبدأ استقلال القضاء وعدم التدخل في شئونه شرع من أجل حسن سير العدالة وضمانة أساسية للمحاكمات العادلة وأن من موجبات استقلال القضاء أن يتولى أعضاء الهيئـات والجهات القضائية اختيار رؤسائها وفقا لمبدأ الأقدمية الراسخ في ضمير كل قاض وإن استقلال القضاء ليس غاية في ذاته لحماية وصون رجال القضاء وإنما ضمان لتحقيق العدل والمساواة”.
“إن أندية الهيئات والجهات القضائية تؤكد رفضها القاطع لمشروع القانون المقترح من جانب مجلس النواب بشأن اختيار رؤساء الهيئات والجهات القضائية بترشيح ثلاثة من نواب كل منهم ليختار رئيس الجمهورية أحدهم”.إن رسوخ مبادئ ثابتة لدى الجميع وهي احترام مبدأ الفصل بين السلطات والحفاظ على استقلال القضاء واحترام كل سلطة من سلطات الدولة لشئون باقي السلطات، وإعلاء مصلحة الوطن والمواطن والالتزام بأحكام الدستور.
تكفل الدولة استقلال السلطة القضائية وينص عليه دستور البلد أو قوانينه. ومن واجب جميع المؤسسات الحكومية وغيرها من المؤسسات احترام ومراعاة استقلال السلطة القضائية.
2. تفضل السلطة القضائية في المسائل المعروضة عليها دون تحيز، على أساس الوقائع ووفقا للقانون، ودون أية تقييدات أو تأثيرات غير سليمة أو أية إغراءات أو ضغوط أو تهديدات أو تدخلات، مباشرة كانت أو غير مباشرة، من أي جهة أو لأي سبب.
3. تكون للسلطة القضائية الولاية على جميع المسائل ذات الطابع القضائي كما تنفرد بسلطة البت فيما إذا كانت أية مسألة معروضة عليها للفصل فيها تدخل في نطاق اختصاصها حسب التعريف الوارد في القانون.
4. لا يجوز أن تحدث أية تدخلات غير لائقة، أو لا مبرر لها، في الإجراءات القضائية ولا تخضع الأحكام القضائية التي تصدرها المحاكم لإعادة النظر. ولا يخل هذا المبدأ بإعادة النظر القضائية أو بقيام السلطات المختصة، وفقا للقانون، بتخفيف أو تعديل الأحكام التي تصدرها السلطة القضائية.
5. لكل فرد الحق في أن يحاكم أمام المحاكم العادية أو الهيئات القضائية التي تطبق الإجراءات القانونية المقررة. ولا يجوز إنشاء هيئات قضائية، لا تطبق الإجراءات القانونية المقررة حسب الأصول والخاصة بالتدابير القضائية، لتنتزع الولاية القضائية التي تتمتع بها المحاكم العادية أو الهيئات القضائية.
6. يكفل مبدأ استقلال السلطة القضائية لهذه السلطة ويتطلب منها أن تضمن سير الإجراءات القضائية بعدالة، واحترام حقوق الأطراف.
7. من واجب كل دولة عضو أن توفر الموارد الكافية لتمكين السلطة القضائية من أداء مهامها بطريقة سليمة.