كتبت/ امانى عمار
– نشرت وسائل الإعلام خبر مخاطبة وزارة الصحة لشركات الادوية بما يفيد موافقتها على نظام لرفع سعر الدواء ، وطالبت شركات الدواء المستورد أن تختار 15% من منتجاتها لرفع سعرها بنسبة 50% ، و شركات الدواء المحلي أن تختار 10% من منتجاتها لرفع سعرها بنسبة 50% ، على أن تزيد أسعار نسب مماثلة من المنتجات كل 6 شهور
– إعترضت الشركات وطالبت بزيادة نسبة المنتجات التي سيرفع سعرها فورا ، كما طالبت بتقليل فترة المسافة الزمنية المحددة لرفع أسعار أصناف أخرى .
– من قراءة الخبر يتضح ان وزارة الصحة أقرت بالفعل الموافقة على زيادة أسعار الدواء ، على عكس كل التعهدات السابقة ، كما يتضح أن النقاش و الضغوط المتبادلة بينها و بين الشركات حاليا يدور فقط في شكل تطبيق الزيادة ، التى سيتحمل المواطن عبئها .
– يلاحظ أيضا أن رفع السعر لن يحل مشكلة نواقص الأدوية ، حيث أن الشركات هي التي ستحدد الادوية التي سترفع سعرها ، و بالتالي تحذر النقابة من إحتمال قيام بعض الشركات برفع أسعار الأصناف الأغلى والأكثر ربحا ، كما تحذر من إحتمال تركيز بعض الشركات على انتاج الأدوية التى سيتم رفع سعرها والتقليل من انتاج الأدوية الأخرى ( الأرخص والتي لن يتم رفع سعرها ) ، وبالتالى فمن المتوقع إستمرار أزمة نواقص الأدوية و خصوصا الأصناف الأرخص ، ومن المتوقع استمرار ضغط شركات الأدوية من أجل رفع أسعار باقي الأصناف بسرعة حتى يتم توفيرها .
– علينا ملاحظة أنه قد سبق زيادة أسعار الدواء بأسلوب غير مدروس في مايو 2016 ، و لم ينتج عنها حل للمشكلة ، مما فتح أبواب شراء بعض الأدوية بأضعاف سعرها من السوق السوداء .
إذن ما هى الحلول المقترحة
( ننشر رأى نقابة الأطباء ، بناء على حصيلة للمناقشات الواسعة التي دارت في ورشة عمل الدواء التي نظمتها النقابة بتاريخ 4 ديسمبر الجاري ، والتى شارك فيها العديد من الخبراء و المهتمين بصناعة الدواء فى مصر )
أولا : على المدى القصير :
1- إعداد قائمة بالأدوية الاساسية التي لا يمكن للمواطن المصري الاستغناء عنها ، و يتم دعم الشركات المحلية التي تنتجها ( مثل إعفاء مستلزمات الانتاج سواء الخامات الدوائية او اي مستلزمات انتاج أخرى من الجمارك ، أو إعفاء هذه الأصناف من حساب الضرائب ) بحيث لا يتم زيادة سعر بيعها ،،، أما الأدوية الاساسية التي لا توجد لها مثائل محلية فيجب أن تتولى الدولة إستيرادها مع توفير الدعم الذي لا يسمح بإرتفاع سعرها على المرضى .
2- مراجعة تسعير الأدوية الأصلية بعد إنتهاء فترة حق الملكية الفكرية ، و بدء إنتاج المثائل .
3- مراجعة دقيقة لنظام تسعير كل دواء على حده ، بحيث يتم رفع سعر بعض الأدوية التى تزيد تكاليف إنتاجها عن سعر بيعها الرسمى مما يمنع الشركات المحلية من إنتاجها ، و يتم خفض البعض الأخر المسعر بتسعيرة مغالى فيها .
4- دعم دور وسلطة الهيئة القومية للبحوث و الرقابة الدوائية ، و ذلك بإعطائها حق التفتيش المفاجئ على شركات الأدوية و المستلزمات والمستحضرات الغذائية وأخذ عينات للتحليل ، و إلزام إدارة الصيدلة بوزارة الصحة بمنع تداول أي تشغيلة تقرر هيئة الرقابة مخالفتها للمواصفات ، و ذلك لدعم ثقة المواطن و الطبيب المصري في المثائل المحلية الأرخص سعرا ، و لتحسين جودة الدواء المصري و تمكينه من المنافسة في حال التصدير .
5- تشكيل لجنة تقصي حقائق تضم كافة الأطراف المعنية ( لجنة الصحة بالبرلمان – إدارة الصيدلة بوزارة الصحة – غرفة صناعة الدواء – نقابتي الصيادلة و الأطباء – لجان الحق في الصحة و الحق في الدواء ) ، ويتم إعلان كل ما يتعلق بوضع الدواء في مصر للمسئولين والمواطنين .
6- مراجعة ( تشترك فيها لجنة تقصي الحقائق ) لفوضى سياسات التسعير ، التي تسمح بوجود مثائل ( نفس الإسم العلمى ) لنفس الدواء بعضها بحوالي 20 جنيها و بعضها بأكثر من 200 جنيها (حوالي 10 أضعاف ) ، في تفاوت غير مبرر للأسعار ويخالف كل قواعد المنطق ، ويثير مشاكل جمة يجب تداركها في سياسات التسعير .
7- إغلاق الأبواب الخلفية لتسجيل بعض الأدوية بعيدا عن التسعيرة الجبرية ، مثل تسجيل بعض الأدوية باعتبارها ” مستحضرات غذائية ” بعيدا عن التسعيرة الجبرية ، وبأسعار شديدة الإنفلات ، مع ضرورة إخضاع كل المستحضرات المتداولة لإعادة الفحص و التسعير .
: ثانيا : على المدى متوسط الأجل
1- وضع سياسة دوائية حاكمة تهدف إلى دعم صناعة الدواء المصري ، و إستعادة وضع مصر الذي كان متميزا في مجال الدواء ، حتى لا يتم إستيلاء الشركات متعددة الجنسيات على سوق الدواء كاملا خلال عدة سنوات ، مع توقع إنهيار شركات الدواء المصرية ، مما سيؤدى بالطبع لإرتفاع خرافي لتكلفة العلاج .
2- دعم وتشجيع البحث العلمي في مجال الدواء .
3- دعم شركات قطاع الأعمال العام ، التي إنكمش دورها في الثلاثين سنة الأخيرة إنكماشا شديدا ، حيث أصبحت تغطي 4% من سوق الدواء بعد أن كانت تغطي حوال 60% من سوق الدواء المصري ، مما يصب فى صالح الشركات متعددة الجنسيات و التي أصبحت تغطي 60% من سوق الدواء المصري .
4- السعي لإقرار نظام تأمين صحي إجتماعي شامل ، يؤمن احتياجات المصريين من الدواء عن طريق مناقصات عامة ، تفضل بالتأكيد الدواء المصري المماثل فى الجودة و فاعلية .
فى النهاية :
يجب أن نسعى جميعا من أجل حلم وجود دواء مصري آمن و فعال و بتكاليف مقبولة ، حيث أن هذا هو أحد الدعائم الأساسية لقدرة الدولة على تحقيق حلم المصريين بتأمين صحي إجتماعي شامل ، كما أن التأمين الصحي نفسه هو أحد الروافع الأساسية التي تساعد على تشجيع و إزدهار صناعة الدواء المصرية .
نرجو أن يتم سرعة حل المشكلة بدون تحميل المواطن أعباء إضافية تحد من قدرته على شراء الأدوية الأساسية ، مما يؤثر على المجتمع المصرى برمته .