بقلم الكاتبه/ حنان عبد البديع
هل تعرف أن كلمة “كرامات” التى يطلقها الصوفية على كرامات الأولياء هى كلمة مصرية قديمة؟. ….. (كا – رع – ماعت) ؟
كا : شخصية القطب أو الولى
رع : الخالق (الوحدة/الكل)
ماعت : التوازن / التناغم / الهارمونى / الحق / الحقيقة
دمج هذه المفردات معا فى كلمة واحدة (كا-رع-ماعت = كرامات) هو مصطلح يصف قدرات الولى الروحانية عند وصوله المرحلة الثالثة من تطور الوعى . عندما ينصهر الصوفى فى الذات الالهية يتحول الى انسان كامل (انسان الهى / عبد ربانى) , ملاذا كونيا يلجأ اليه الجميع طالبين العون , و ينجذب اليه كل ما فى الوجود , كما ينجذب الحديد الى قطب المغناطيس ,
و لذلك يطلق على الصوفى الذى يصل لتلك المرحلة “القطب” . و عندها يخضع العالم المحسوس الى قدراته و يصبح وعاء لتلك القدرات , و هو ما يسمى بالمصرية القديمة (بير / تجسيد القدرة الالهية) و هو ما نفهمه الآن تحت مسمى “مقام” (مثل مقام السيد البدوى و مقام عبد الرحيم القناوى و هكذا…
تظهر تلك القدرات الروحانية للوجود بعد اتحاد الكا و البا و ذوبانهما فى رع (الخالق / الوحدة / الكل) , فيظهر ما يسمى “كا-با-رع” و هى قوة يمكن توجيهها لخدمة الآخرين و ينتج عنها ظواهر خارقة مثل القدرة على شفاء الأمراض و التنبؤ بأحداث مستقبلية , و التواجد فى مكانين فى وقت واحد (و هو ما يعرف فى الصوفية باسم أهل الخطوة) . و تجسيد تلك القوة (كا-با-رع) فى العالم المادى هى ما يعرف اصطلاحا بالكرامات (كا-رع-ماعت) . يصل الصوفى الى تلك المرحلة (و هى المرحلة الثالثه) من تطور الوعى عندما يرى الانقسامية فى الأشياء حوله كوحده واحدة لا تتجزأ , بمعنى أن الصوفى يرى صورة الكون وحده واحدة بدون حدود فاصلة بين مكوناته .
يصل الصوفى الى ذلك عندما يكون باستطاعته المصالحة و المواءمة بين المتناقضات (dualitiess) و لا يجد فروقا بين مختلف أوجه الوجود حيث ينصهر الكل داخل وعيه , ثم ينصهر الصوفى نفسه و يختفى و يتلاشى داخل الكل / الوحده . و عندما ينغمس الصوفى فى الكل , لا يعرف أى شكل من أشكال الوجود الفردى (الشخصانى / الانفصالى) , و عندها يكون الصوفى قد نجح فى الوصول الى التوحد/الوحده فى أرقى صورها،و عندها يكون الصوفى قد وصل الى الهدف النهائى لكل الطرق الصوفية و هو المواءمة الداخلية (التزاوج) بين النفس و الروح .
و المصطلح المصرى القديم لهذه المواءمة (التزاوج) هو اتحاد الكا (النفس) و البا (الروح) . و تترجم البا عادة على أنها الروح , و هى الذات الالهية الخالدة , و عندما تغادر الروح الانسان فانه يموت . و تصور البا عادة على شكل طائر اللقلق برأس آدمية , بعكس النترو التى تصور غالبا بجسم آدمى و رأس حيوان (و فى ذلك رمزية الى أن البا هى أحد أشكال التواجد الالهى فى كائن أرضى ) . و الكا هى الكيان الروحى الذى يعرف ب “النفس” , و هى لا تموت عند موت الجسم المادى , و تصور الكا دائما على شكل ذراعين مرفوعين الى السماء , و ترمز الى أن النفس (الكا) تتوق دائما الى أن تعود لتتحد مع البا (الروح) . و يمكن أن نشبه اتحاد الكا و البا بحال المحبين و العاشقين حين يصبح المحب و المحبوب و الحب شيئا واحدا ….. بحر الحب ….. الثلاثه واحد . هذه الحالة من العشق نجدها فى التراث المصرى القديم تحت مصطلح “مير” , و تعنى البحر/العشق , و عندما يصبح الصوفى “مير” فهذا معناه أنه أصبح بحر العشق .