مطر الليلة الفائتة نجح برفقة صديقه البرق في انتزاع تسربات الملح الملتصقة بروحها ، فنجان “البابونج ” الساخن أنهى نوبة سعال جاف أرهق رئتيها ،لم تدر كم من الوقت مضى وهي مسترخية على مقعدها تحاول أن تكون أشبه بقطة حديثة الولادة ، ليست لها مشاعر ولاذاكرة ، يسري في عروقها دمها ، متلهفة لاحتضان طيف رجل أحبته بجنون الريح ، تراه في كتب الأسلاف بثياب شبحية ، تغادر برفقته شتاء جليدي ، يجتازان معا صحراء أبدية الماء والنجوم ، يصلان كوخا بلا نوافذ ، خصرها النحيل يشكل تحديا لقوانين التشريح ، تخط في دفتر غامض عن لقاءها ببحر عينيه الواعدة فيغرقها ثم ينتشلها بيد حانية
على الجدار الطيني فوق بوابة خشبية سميكة تتخللها تبشيمات حديدية لوحة باهتة بفعل هواء البحر الأسود تقول هنا” بيت القطط ” الغير منتمية إلا لقلب الله
أدارت الكرة الأرضية بسرعة ، فوقعت اصبعها الصغير على واحدة من مستعمرات الأندلس ضائعة في الجزء السفلي من العالم حيث لم يكن أحدا يعتقد بأن ثمة حياة هناك ، سرعان ما اكتشفت خريطة قديمة لبلاد العرب المجيدة ، لدقائق.. لفها سكون مائي عميق وهي ترى بعيني الزمن مدينة كاملة من السفن الشراعية الغارقة وهياكل عظمية مقيدة من كواحلها باحجار ثقيلة ، أغرفها تجار الحروب ذوي البشرة المحمصة مثل جلد حذاء ، آلاف النوارس ملأت السماء ، شوشت الهواء بخفق أجنحتها الرهيبة وبزعيقها الجائع كانت تتلقط فتات التاريخ ، تلتهمها بنهم غريب ، تحلق عاليا حتى ترتطم بالغيوم ، ثم تعاود ..
في ثقوب الأرض المظلمة راعها تواجد عناكب هائلة نسجت شباكها بحقد شيطان لعين ، فرزت سمومها لتنتشي فيما يسمى ” ثورات التغيير ” انزوت بسمومها في مدافن المجرمين ..ومازالت تقاوم ..
فجأة ، المقعد الذي ضمها لساعات صرخ : دعيني ..
لمسته برفق قائلة : كنت صديقا حانيا كمطر الليل الجميل ، تحملتني بصبر أنيق ، كن طيبا إذا ، لاتكن في حقي ضنين …
أطل الصباح بنوره ، ناداها ضاحكا ” : هلمي إلي ” سمراء ” وقتي أزف ..
دعك من رحيل القطط اللطيفة الصاخبة ..
و.،اتبعيني …
———————————
/ سورية
اليوم العاشر من رمضان
اسطنبول