بقلم/سمرا عنجريني
لم تستطع ” ليلى ” النوم في تلك الليلة ، فقد كان التفكير في الغد ينخسها بقوة ، ربما كان قدرها ان تخسر رهاناً أوجعها لتتعرف على رجل تقدم لخطبتها في وقت كانت تحتاج فيه لأي شخص ينقذها من الشتات ويؤازرها ، المصيبة أنه لم يكن يعرف أي شيء عنها ، ولم يولِّ اهتماماً لذلك ، جلَّ حلمه كان ..” هي ”
قبل حلول الفجر ، كانت قد اتخذت قرارها في التودد إليه بجدية ، لتستمر في الحياة و..تنسى ..
لكن !!!
ماإن طلع النهار ، حتى تغير الحال ، فنجان قهوتها الشقراء أشار إليها
” اهربي ” وجهها في مرآة الحمام أكَّد لها ” أنتِ نغمة شاردة جمالها في عدم امتلاكها ، ابقِ كما الحياة ” يا ليلى ” صاخبة ..
موعد اصبعها لضم ” الخاتم ” أزف ، الضيوف على وشك الوصول ، فستانها المخملي حولَّها لعود زنبق ، باقة ورد حمراء أخفت وجه صاحب الابتسامة الجوفاء ،
وعلى الأريكة المواجهة لها ، تعدَّت نظراتها الحاضرين ورأته ، كما إحدى شخصيات الحكايات ،
يقضي ساعات طويلة ، ملفوف الساقين ، متحضر جداً ببرودة تكرهها ، يشاهد التلفاز بصوت عال ، قوقعة صمته أشبه بلوحة أحادية اللون ، رسمها ” بيكاسو” في المرحلة الزرقاء ، لاحوار تنشده برفقته ، ولافكر يخصعها لرجولته ، و..لا …لا انتماء ..
ستخلع عنها قميص نومها ، تلتفت نحو الجدار حتى لاتراه ، تتدثر بأكثر من غطاء هرباً من نفسها ، تسد أذنيها لئلا تسمع شخير أسد الغابات ، تنام بهدس أنها في كابوس ، وتستيقظ مبللة بالعرق والدموع ، يطلب منها حساء الدجاج الذي لاتحبه ، يزكم أنفاسها برائحة جواربه ، يشحب لونها ، يزيد وزنها ومع الايام ..تنهار ..
صورة رسمتها ” ليلى ” في مخيلتها وهي تقطِّع قالب الحلوى ، طرطقة عالية كانت تفتعلها بعصبية وهي تدخل وتخرج من المطبخ عشرات المرات ، تثاءبت كأنها لم تغمض عينيها منذ سنوات
” عريس الغفلة ” انتبه أخيراً لمهذلة القفلة ، رتَّب ” الكرافات ” المعوجَّة ، مدَّ يده مودعاً ، فهمست بصوت خافت :
— آسفة ، لم يدقّ القلب ، أبجديتي لم توافق لغتك ، ربما أنتَ الأفضل لكنها مشيئة الرحمن ،
لن أدخل الكهف ولن تأكل التفاح ..
تعادلنا ..ارحل ، ومعك خذ الباب ..
—————
/ سورية
اليوم السادس من رمضان
اسطنبول
اللوحة للفنان العالمي “بيكاسو”