للأشياء حياة خاصة تدعوها كل صباح، دويّ طبل صامت يوقظ روحها من حلم ما ، كوب ” النسكافيه” ترتشفه بنزاهة غجرية تمتلك مخيلة جامحة تتجاوز عبقرية الطبيعة وتمضي إلى ماوراء الإعجاز والسحر ،
تستلقي على مقعدها الأحمر ، تفتح رئتيها لرائحة لاذعة مرتبطة في ذاكرتها إلى الأبد ، تصلها رغم آلاف الأميال من وطنها
صحة تكهناتها تُثبتُتها وفقاً لحالة الطقس ..
— اليوم ماطر : “إذا الفرج قادم بعون الله ..!!!”
— ضبابي كئيب : ” آه : حان موعد دفع أجرة البيت والفواتير”
— مشمس رائع كحكاية دونَتْها في قلبها خوفاً أن يسرقها غراب ويطير..!!!
منظار عينيها تَنْصبه في كل الاتجاهات ، تكتشف سرّ قوافل النمل وهي تتبختر فرحة بما أسقطته أفواه البنات
بعد قليل نراها تضرمُ ناراً بداخلها على الثياب والجوارب المرمية هنا وهناك ، تردد جملة : ” اللهم ألهمني الصبر والحكمة ، أبعدني عن الشيطان وخصائصه الكبريتية ”
عرض يوميّ صاخب لطقطقة القدور والصحون والملاعق ، شرط أرضي يبقيها متورطة في مشاغل حياتها اليومية ، موسيقى ” شوبان ” في مقطوعة ” الذكريات ” تنتزعها من إعصار قادم ، أشياءها المفقودة تجرجرها من تحت الخزائن ، ” مبرد الأظافر ، فردة حذاء غاضب ، الخ ….”
ينقذها رنين ” الجوال ” الراقص ، صوت “زهراء ” المحبب يخبرها عن مصاعب الحياة وشقاوة الاولاد في تأملٍ فلكيٍّ نظريٍّ مضحك لقائمة الأسعارالمرتفعة في الكواكب السبعة .
وقار مكروب لعشاق الهموم أتقنوه مابعد الصفعة محتفظين بهدوء ممل حتى يحين موعد الإبحار باتجاه القمر من دون انحراف…!!!!
تنتهي المحادثة بذكرى الأجداد المتوارثة ، وجهها الملطَّخ بماسك الطين يهربُ منها ساخراً نحو اللاشيء ، جولتها المنزلية انتهت ، ضوء معدني متوهج ترى من خلاله أزهار ذات ألوان بهيجة وشجرة كستناء عملاقة جذورها تاريخ يمتد من المحيط إلى الخليج ، كلّ مقومات الحضارة كانت موجودة على ضفة العالم الأخرى ، بينما نواصل نحن العيش بفكر ” الحمير ” بين سياسي وغانية وشعب فقير ..
حديث الذات لا ينتهي ..
تخطه أناملها الحائرة كل يوم في كرَّاسة الشتاء ، تخبئها في صندوق من خشب السنديان مكتوب عليه “يوميات امرأة شرقية” تدير القفل بالمفتاح
و..تحلم بيوم هادئ ..!!!!!
——————–
سورية
اليوم السابع من رمضان
اسطنبول