عقد السيد المستشار النائب العام لجمهورية مصر العربية اليوم الأربعاء الموافق الثالث عشر من شهر مايو الجاري اجتماعًا طارئًا للجنة التنفيذية لجمعية النواب العموم العرب برئاسته عبر تقنية الاجتماع المرئي عن بُعد “Video conference”، وذلك ضمن بنود الإستراتيجية التي وضعتها النيابة العامة المصرية تحقيقًا للسياسة التي تنتهجها سائر مؤسسات الدولة المصرية لمواجهة تداعيات جائحة فيروس كورونا على المستوى الوطني والعربي، حيث استهل سيادته الاجتماع بكلمة افتتاحية أوضح فيها الهدف من عقد الاجتماع وهو تبادل الخبرات والتعرف على أفضل الممارسات التي طبقتها النيابات العامة للدول الأعضاء، والإجراءات التي اتخذتها لمواجهة تداعيات تلك الجائحة؛ من أجل الحفاظ على صحة وسلامة المواطنين وأعضاء النيابات العامة للدول الأعضاء والموظفين والعاملين بها، وكذلك المحبوسين احتياطيًّا والمسجونين، بما لا يُخلُّ بقواعد العدالة الجنائية الناجزة، وحُسن تطبيق القانون. وحين استعرض النائب العام المصري والسادة الحضور تلك الإجراءات التي اتخذتها النيابات العامة بالدول الأعضاء، أكد سيادتُه متابعةَ النيابة العامة المصرية عن كَثَب تداعياتِ تلك الأزمة منذ بدايتها، حيث اتخذت عددًا من الإجراءات الاحترازية الاستباقية لحماية جمهور المتقاضين من المترددين على النيابات على مستوى الجمهورية وأعضاء النيابة والموظفين والعاملين على حدٍّ سواء، وكذا المحبوسون احتياطيًّا والمسجونون والمودَعون بدور الرعاية، إذ اضطلعت بمراجعة كافَّة الأحكام الصادرة من محاكم الطفل بإيداع الأطفال المتهمين في مؤسسات الرعاية الاجتماعية واتخاذ إجراءات استبدالها بتدابير أخرى لإخراجهم من تلك المؤسسات، وراجعت كافَّة قرارات النيابة العامة الصادرة بإيداع الأطفال المعرضين للخطر بدور الرعاية واتخاذ إجراءات إخراجهم منها قدرَ الإمكان، مع النظر في إعادة توزيع الأطفال المستبقين بها للحيلولة دون تكدُّسِهم، كما تُعدُّ النيابة العامة المصرية لإنشاء آلية إلكترونية للنظر في أوامر مدِّ حبس المتهمين احتياطيًّا من خلال اتصال أعضاء النيابة العامة بالمتهمين المحبوسين بتقنية الاجتماع المرئي عن بُعد “Video conference”؛ وذلك للحد من نقلهم إلى مقارِّ النيابات واختلاطهم بعضهم ببعض وبغيرهم، وإسهامًا في توفير نفقات الانتقال وتخفيف أعباء الحراسة، كما كلفت النيابة العامة المصرية أعضاءَها الممثلين لها أمام المحاكم التي تنظر أوامر مد الحبس الاحتياطي للمتهمين بالمطالبة باستبدال تلك الأوامر بغيرها من التدابير الاحترازية البديلة عن الحبس الاحتياطي كلما كان ذلك ممكنًا.
كما استعرض النائب العام المصري حُزْمةَ الإجراءات التي اتخذتها النيابة العامة المصرية للحفاظ على سلامة أعضائها وموظفيها والعاملين بها أثناء تأدية أعمالهم، حيث أوقفت استخدام أجهزة البصمة لإثبات حضور وانصراف الموظفين والعاملين بالنيابات، واتخذت إجراءات التنسيق مع مديريات الصحة المختصة لتطهير وتعقيم مكاتب الأعضاء واستراحاتهم ومكاتب الموظفين وأماكن تواجد العاملين، وأماكن حجز المتهمين، وخفضت أعداد الأعضاء والموظفين والعاملين بها بتقسيم العمل بينهم بنظام المجموعات وفق حاجة كل نيابة، وبما لا يخل بتسيير العمل، وكذا وفرت عددًا كافيًا من السُّترات الوقائية وأغطية الأحذية المعقمة للسادة أعضاء النيابة وكَتَبة التحقيق لارتدائها خلال انتقالهم لمناظرة الجثامين أو إجراء المعاينات أو التحقيقات داخل المستشفيات، وأرسلت عددًا كافيًا من الكمامات والقفازات ومعقمات الأيدي لكافة النيابات على مستوى الجمهورية، وأكد النائب العام المصري اهتمامَه البالغَ بتفعيل سياسة التحول الرقميِّ لإنفاذ القانون وتطبيقها بكافة أعمال النيابة العامة باعتبارها أحد السُبل الأساسية في الحد من الاختلاط في ظلِّ الظروف الراهنة، فضلًا عما توفره من وقت وجهد وتكاليف.
وأشار سيادته إلى ما اضطلعت به النيابة العامة خلال تلك الأزمة لتعزيز الوعي القانوني لدى المواطنين بعقوبات الجرائم التي تشيع خلال مثل تلك الظروف، حتى تحقق بذلك دورًا في الوقاية منها وتأكيد التصدي لها وملاحقة مرتكبيها واتخاذ ما يلزم من إجراءات قانونية ضدهم، حيث جاءت تلك التوعية في صورة عدة بيانات أصدرتها النيابة العامة حول التصدي للإشاعات والبيانات والأخبار الكاذبة المتداولة بشأن فيروس كورونا بمواقع التواصل الاجتماعي والمواقع الإخبارية المختلفة بما هو منصوص عليه بقانون العقوبات وقانون مكافحة الجرائم المعلوماتية، ودعوة المجتمع إلى الالتزام بما قررته مؤسسات الدولة من قرارات لمواجهة الفيروس وبيان عقوبات مخالفتها، وتأكيد التصدي لبعض الجرائم الشائعة خلال تلك الأزمة كجرائم غش الأدوات والمواد الطبية الوقائية وبعض السلع الإستراتيجية ومستلزمات المعيشة الضرورية وتخزين كميات كبيرة منها لاحتكارها وبيعها بأزيد من السعر الرسمي المقرر، وعدم الالتزام بغلق المحالّ في المواعيد المحددة، مبينة صور ارتكابها وعقوباتها وتأكيد التصدي لها والتعاون مع سائر الجهات المعاونة في ذلك، وكذا أعلنت النيابة العامة المصرية عن نتائج بعض التحقيقات في تلك الجرائم والإجراءات المتخذة قِبَلَ المتهمين فيها، مما كان له الأثر في الحدِّ منها فيما بعد.
وعلى صعيد آخر أكد النائب العام المصري والسادة النواب العموم الحضور تطلعَهم لعقد ورش عمل مستقبلًا لاستكمال ما سبق من فعاليات للجمعية؛ تعزيزًا لآليات التعاون القضائي الدولي بين الدول الأعضاء في مجال ملاحقة الجريمة بكافة صورها، ورفع وتعزيز القدرات الفنية والإدارية للنيابات العامة بالدول الأعضاء خلال مكافحة كافة صور الجرائم خاصة جرائم الإرهاب وتمويله، والفساد وغسل الأموال، والجرائم الإلكترونية وجرائم الاتجار بالبشر وتهريب المهاجرين، والجرائم المنظمة عبر الوطنية بكافة أنماطها، وكيفية مواجهتها وجمع الأدلة فيها بوسائل وتقنيات مبتكرة ومتجددة تواكب التطور السريع في تقنيات التحقيق الجنائي في العصر الحديث، وتساعد في ملاحقة مرتكبيها في كل بقاع العالم، والعمل على تجفيف منابع تمويلهم وتبديد كل مَلاذٍ آمن لهم، مؤكدًا سيادته استعدادَ النيابة العامة المصرية لتقديم كافة صور الدعم للجمعية مما يسهم في تحقيق أهدافها وغاياتها تلك.
وعقب استعراض السادة النواب العموم الحضور للمجهودات التي بذلتها النيابات العامة في بلادهم لمواجهة تلك الأزمة معربين عن أهمية عقد هذا الاجتماع، أشار النائب العام المصري إلى تشابه الإجراءات التي اتخذتها النيابات العامة بالدول الأعضاء مما يدل على تقارب الرؤى، وكذا أشار إلى ضرورة تقييم سير العمل خلال هذه الفترة للوقوف على الإيجابيات لتعزيزها والسلبيات للعمل على تفاديها، داعيًا إلى الاستفادة من هذه الأزمة لتغيير سلوك المتقاضين داخل مقار النيابات والمحاكم خلال الفترة المقبلة.
وقد أنهى النائب العام المصري الاجتماع بالإشارة إلى تطلعاته نحو تعزيز دورات التدريب المشتركة بين الدول الأعضاء في مجال التحقيق الجنائي، وإعداد سجل للخبراء المتخصصين في هذا المجال من سائر الدول الأعضاء للاستعانة بهم مستقبلًا في كافة أنشطة الجمعية وخلال التمثيل أمام المؤتمرات المختلفة، كما اتفق والحضور على ضرورة توجيه الدعوة لباقي النيابات العامة بالبلدان العربية للانضمام لتلك الجمعية؛ تعزيزًا لتبادل الخبرات معهم، وإنشاء موقع إلكتروني وصفحات لها بمواقع التواصل الاجتماعي للتعريف بأهدافها وأنشطتها والمعلومات الأساسية لكل نيابة عامة بالدول الأعضاء.
هذا واختتم النائب العام المصري الاجتماع بتوجيه الدعوة للسادة الحضور للقاء قريب في بلدهم الثاني مصر، بعد تمنياته بزوال جائحة هذا الوباء عاجلًا.