★قدار بن سالف ..
والانقلاب على نبي الله صالح
بعث الله إلى ثمود أخاهم صالحًا، قالوا: نريد آيةً تثبِت صدقَ نبوَّتك، فقال: أي آية تريدون؟ قالوا: أخرِج لنا ناقةً من جوف تلك الصخرة، فأخذ عليهم العهودَ إن أظهَرَ لهم الآيةَ أن يؤمنوا فعاهَدوه، فصلَّى نبيُّ الله ودعا، فانفلقَت الصَّخرة عن ناقة ضخمة جداً !
فقال لهم نبيُّ الله صالح: ﴿ هَذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ فكانت تَشرب يومًا فلا يكفيها إلَّا طعام يوم كامِل، ثمَّ يشربون هم يومًا ويطعمون أنفسهم ودوابهم، فكانت آية عظيمة، ﴿ وَآتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً ﴾ أي: إنَّها واضحة ظاهرة بيِّنة.
وحكى لنا القرآن: ﴿ وَكَانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ ﴾
كان قُدار بن سالف، ذلك الشَّقي رأس الهرم في مَنظومة الفساد المتآمرة التي كانت تديرها ثمود، فتآمَر على نبيِّ الله صالح، كما تآمَر السابقون على الأنبياء والمصلحين، قال ابن كثيرفي وصفه : رجل أحمر أزرق، قصير، يزعمون أنَّه ولد زانية، وأنَّه لم يكن من أبيه.
اجتمع المفسدون، وقرَّروا الانقلاب على العَبد الصالح نبي الله صالح: ﴿ فَنَادَوْا صَاحِبَهُمْ فَتَعَاطَى فَعَقَرَ ﴾ قيل: تعاطى سيفَه، وقيل: تعاطى الخمرَ والمسكِر، فعَقَر قُدار النَّاقةَ وولدها معها، فقال: دعونا نُلحق صالحًا بناقته (يريد قتله ) ..
فلمَّا أصبحوا، وعلِم نبيُّ الله صالح بنبأ القوم: ﴿ فَقَالَ تَمَتَّعُوا فِي دَارِكُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ ذَلِكَ وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ ﴾ .
عقروها يومَ الأربعاء، فجاء يوم الخميس فاصفرَّت وجوههم، وكان يوم الجمعة فاحمرَّت وجوهُهم، فتبعه السبت فاسودَّت وجوههم، فعلم القوم أنَّ العذاب قادِم فأصبحوا يومَ الأحد محنطين يَنتظرون العذابَ، فأرسل الله عليهم صيحةً من السماء ورجفةً من الأرض، فهلكوا وأصبحوا وكأنَّهم أعجاز نَخل خاوية .
وهكذا يبدو أنَّ قُدارًا له إخوة من النَّسَب في كلِّ زمان، ويبدو أنَّ القصة متكررة حيثما وُجد الصالحون، ولا تزال ذريَّة قُدار تعيث فسادًا، تتآمر على شَرع الله ودينه، وما يؤكِّد ذلك قوله صلى الله عليه وسلم لعليٍّ في رواية الطبراني : ((يا علي، أتدري مَن أشقى الأولين؟))، قلتُ: الله ورسوله أعلم، قال: ((عاقِر النَّاقة))، ثمَّ قال: ((أتدري مَن أشقى الآخرين؟))، قلتُ: الله ورسوله أعلم، قال: ((قاتِلُك)).
★مؤيد الدين ابن العلقمي ..
الخائن الأعظم
هو الخائن الأكبر لأمة الإسلام الباطني المذهب الذي بسببه سقطت الخلافة العباسية ودمرت بغداد وبخيانته تم قتل مليون و800 ألف مسلم في يومين … ألا لعنة الله على الظالمين !
كلما قرات سيرته غلت الدماء في عروقي وأصابتني غصة في الحلق وأحسست بثورة عارمة
على ذلك الوزير الذي وثق به الخليفة العباسي المستعصم، وألقى إليه الوزارة وزمام الأمور، لكنه لم يرع هذه الأمانة بل عمل على إسقاط الخلافة العباسية، وكانت خطته تسير على ثلاثة محاور :
الأولى : إضعاف الجيش الإسلامي
بقطع رواتب الجنود وتقليل النفقات على الجهاد، فكان العسكر في آخر أيام المستنصر قريبًا من مئة ألف مقاتل، فلم يزل يجتهد في تقليلهم، حتى قام بتسريح الجيش ولم يتبق سوى حرس الخليفة الذين لم يتعدوا العشرة آلاف في زمن المستعصم.
والثانية : التخابر مع التتار:
حيث راسل التتار وعرض عليهم المساعدة في اقتحام بغداد، وأمدَّهم بما يحتاجونه من المعلومات، وأعطاهم صورة متكاملة عن سوء الوضع في بغداد وضعف الجنود فجاءت الفرصة لهولاكو على طبق من ذهب؛ فقد فشل في اقتحام بغداد لسنوات وكاد ييأس منها .
والثالثة : التهويل من قوة التتار وتخويف الأمة منهم :
فقد قام بتثبيط الخليفة عن جهاد التتار، ونهى عامة الناس عن قتالهم، وقاوم كل من دعى لجهادهم، ومن خبثه أنه أوهم الخليفة بأن هولاكو يريد مصالحتهم، وأشار عليه بالمثول بين يديه ليحقن دماء المسلمين، فخرج الخليفة إليه في سبعمئة راكب من القضاة والفقهاء والأعيان.
ليقتله هولاكو ويقتل كل من كان معه، ثم دخل هولاكو بغداد ليقوم بتدمير مكتبة بغداد العظيمة، وألقى بكتبها في نهر دجلة، حتى تحول لون مياه نهر دجلة إلى اللون الأسود من أثر مداد الكتب، حتى قيل: إن الفارس التتري كان يعبر فوق المجلدات الضخمة من ضفة إلى ضفة.
ومات قرابة المليونين من أهل بغداد وانتشر الطاعون نتيجة الجثث المنتشرة في كل مكان.
عين هولاكو ابن العلقمي حاكمًا صوريا على بغداد، بينما كانت القيادة الفعلية للتتار.
وكانت الإهانات تتوالى على ابن العلقمي حتى من صغار جند التتار، فهذا يشتمه وهذا يصفعه بعد أن كانت السلاطين تأتي فتُقبِّل عتبة داره، والعساكر تمشي في خدمته ليله ونهاره.
مات ابن العلقمي بعد شهور قليلة من دخول التتار لبغداد مهانا محتقرا، فلم يستمتع لا بملك ولا حكم، وكان ذلك عقوبة ربانية لخيانته.
★أبو مسلم الخراساني ..
أكبر طاغية في التاريخ الإسلام
هو أبو مسلم عبد الرحمن بن مسلم الخراساني، صاحب الدعوة العباسية في خراسان، ثم واليها، سياسي وقائد عسكري. كان فصيحاً بالعربية والفارسية؛ مقداماً داهية حازماً، قاسي القلب .
تبدأ قصته في التاريخ حين قامت الثورة العباسية على الأمويين، التي كانت من أشد الثورات تنظيماً في التاريخ، والتي احتاج إعدادها إلى سنين طويلة من التخطيط البعيد والتآمر على الخلافة. ولتنفيذها قام العباسيون بمجازر رهيبة لم يعرفها العرب في كل تاريخهم، وقام قائد ثورتهم أبو مسلم الخراساني، بإبادة جماعية لأكثر من ستمئة ألف مسلم على أقل تقدير وقيل في رواية أصح : قتل مليوني مسلم في سبيل قيام دولة بني العباس .
حيث نجح أبو مسلم في وقت قصير في أن يسيطر على زمام الموقف في خراسان، وأن يستولي على مدينة مرو قاعدة خراسان سنة 131هـ
توطّدت سلطة أبي مسلم الخراساني بعد قضائه على منافسيه من رجال العرب الذين كانوا يطمحون في نيل ولاية خراسان، كما أنه خرج منتصراً بعد سحقه كثيراً من الانتفاضات التي قادها إما دعاة عباسيون انقلبوا على الثورة أو أنصار العلويين. وأصبح أبو مسلم زعيم خراسان غير المنافس، وازدادت سلطته اتساعاً، ولم يستطع الخليفة أبو العباس عمل شيء تجاه ازدياد نفوذ أبي مسلم في الجناح الشرقي من الدولة الذي تجبر علي الناس وخاصة العرب وكان يري نفسه حفيد كسري ولايخضع لاحد ، وبذلك بدأت بوادر التصادم في السلطة تظهر، وتتبلور تدريجياً، ولكي يتعرف الخليفة أبو العباس من قرب على نفوذ أبي مسلم ونواياه أرسل أخاه أبا جعفر إلى خراسان، والظاهر أن هذه الزيارة زادت في شكوك أبي جعفر بنوايا أبي مسلم الذي قتل سليمان بن كثير الخزاعي نقيب النقباء دون أخذ رأي أبي جعفر كما أنه لم يبد الاحترام المطلوب لأبي جعفر أخي الخليفة، حيث كان يستأذن مثلاً قبل دخوله مجلس أبي مسلم كما يروي الطبري؛ ولذلك كان رأي أبي جعفر في أبي مسلم قوله للخليفة: «لستَ خليفة ولا أمرك بشيء؛ إن تركت أبا مسلم ولم تقتله»، ولكن الخليفة رفض أن يتعرض له بسوء خوفاً من المتاعب التي قد تنجم عن قتله ولاسيما أن الدولة لازالت بحاجة إلى جهود أبي مسلم وإلى جنوده الخراسانيين الذين كانوا في ذلك الوقت دعامة الدولة العباسية.
دامت الحرب بين أبي مسلم وعبد الله بن علي نحو ستة أشهر، تمكّن فيها أبو مسلم من الانتصار على خصمه سنة 137هـ، وازداد اعتداد أبي مسلم بنفسه بعد انتصاره على عبد الله حتى إنه كان كما يروي الطبري: «يأتيه الكتاب من أمير المؤمنين، فيقرأه، ثم يلوي شدقه على سبيل السخرية منه». أما المنصور فإنه أراد أن يُشعر أبا مسلم بأنه أحد عماله؛ فأرسل إليه رسولاً ليحصي الغنائم التي غنمها في الحرب مع عمه عبد الله، فأثار هذا غضب أبي مسلم، وقال: «أؤتمن على الأرواح، ولا أؤتمن على الأموال؟» ثم خرج من الجزيرة غاضباً متجهاً إلى خراسان. ويبدو أنه كان عازماً على الخلاف والعصيان بدليل أنه لم يمر على الخليفة بالعراق لاستئذانه في العودة كما جَرت العادة بذلك.
رأى المنصور أن عودة أبي مسلم إلى خراسان معناه اعتصامه بأهلها واستقلاله بحكمها، فيصعب بذلك إخضاعه والتغلب عليه، فكتب إليه أنه ولاه الشام ومصر؛ فهي خير له من خراسان، غير أن أبا مسلم فطن لغرض المنصور إذ علّق على ذلك بقوله: «يولّيني الشام ومصر، وخراسان لي»، ثم واصل سيره إلى خراسان، عندئذ لجأ المنصور إلى سياسة اللين وأساليب الدهاء، فأخذ يؤمّنه ويستميله ويسترضيه، كما أرسل إليه من يخوفه من مغبة معصية الإمام والرجوع دون إذنه، وما زال المنصور يستعمل سياسة الترغيب والتهديد حتى انخدع أبو مسلم، وذهب للقائه في مدينة المدائن التي كان المنصور قد انتقل إليها من هاشمية الكوفة حيث قُتله الخليفة أبو جعفرالمنصور وقال حينها قوله الشهيرة :
الآن اصبح الأمر خالصاً لبني العباس من دون الناس .