لن أطيل فى التقدمة لكنها كلمات قليلة أقولها لفقيدتى – عليها من الله سحائب الرحمات والمغفرة – ” إنك إن كنت حاضرة أوغائبة بفراقك دنيانا فستظلين لى كالشمس للدنيا : لاتظلم الدنيا فى ناحية إلا من أن تضىء فى ناحية أخرى ، فظلمة غيابها من عمل نورها ” —- وبعد
عجيب هو أمر الدنيا وما فيها من عبرتلك التى متى أقبلت ادبرت ! ومتى أفرحت أترحت !
كان الوداع الأخير – راضيا بقضاء الله – فرضيت محتسبا بأن يكون الكتف سندا للقلب ،حملتها وأحبتى على أكتافنا إلى سيارة التكريم التى انطلقت بنا عبر شوارع العاصمة كنا نمر خلالها عبر إشارات مرورية نقف بها لحظات لألحظ نظرات المارة وتعاطفهم حتى كاد قلبى يسمع دعاءهم لها وبعفوية رجل المرور يسمح سريعا للموكب أن يشق الإشارة واصلنا رحلة التسليم بقضاء الله حتى وصلنا ما شاء أن نصل لنستودع رب الأنفس والأجساد وخالقها جسدها – بإذن الله – الطاهر ونحن – بحوله وقوته – على يقين بعفوه وعظيم رحمته ومغفرته بها فسلام ومغفرة ورضوان من الله على روحك
وفى طريق عودتنا مرورا بنفس الشوارع التى رسمت على طرقتها دموعى وأحبتى لوحة خالدة وخطت العبرات عبارت ستظل كلتاهما فى قلوبنا ووجداننا محفورتان ، لمحت موكبا جنائزيا بدا منه أنه لأحد كبار المسئولين تتقدمه تشريفة مكرها على إغلاق المنافذ إلا من منفذ واحد لتسير فيه معطلة للجميع إلا هى وإذا بى ألمح نظرات أقل أن يقال عنها غيرراضية لاقته بسببها ، ووجدت أشعر بأن واجب الدعاء لهذا الموكب قد استحال صدا عن الدعاء – هنا قلت لنفسى لم لا نتعظ فالكل مفارق مهما كان منصبه أو مكانته ومنزلته فلنقدم فى حياتنا ما يتذكرنا به الأحياء ترحما وطلبا للمغفرة ، وليوص من غرتهم الدنيا بمناصبها الزائلة ذويهم بالتواضع لله وعدم المبالغة فى مشاهد ومواكبها الوداع حتى ينجو صاحبها من أن يكون موضع إنكار قد يتحول إلى سخط وهو مفارق لما كان عليه ، فلننبذ الطبقية فهى مقيتة ولا تستقيم مع مشاهد مفارقة الدنيا
ختاما أعيد ما أسلفت :
” ” إنك إن كنت حاضرة أوغائبة بفراقك دنيانا فستظلين لى كالشمس للدنيا : لاتظلم الدنيا فى ناحية إلا من أن تضىء فى ناحية أخرى ، فظلمة غيابها من عمل نورها ” لقد فارقتنى وتركت لى ثلاثة أقمارتضىء لى ما بقى من حياتى بفضل حسن تربيتك ورعايتك وإعداك لهم – وأشهد الله أنك كنت وستظلين نعمت الزوجة
ادعو الله – تعالى – أن يبارك لى فى نبتتك المباركة ويديم فيهم سيرتك الطيبة – فوداعا إلى يوم اللقاء فى رحاب الله ورحماته بإذن الله