أنا لن أطالب بأننا نستيقظ غدا ونجيش الجيوش لمحاربة إسرائيل لكونها منعت المصلين من الدخول للمسجد الأقصي , و ذلك لأنني لا أطالب بما هو غير مطاع وغير مقدور عليه .
ولا أطالب أيضا بأن نتجاهل ما يحدث لأننا نربط بين حماس وبين الأقصي – لأن الأقصي ملك للمسلمين في كل بقاع الأرض . أنا فقط أطالب بأن يتحرك الغضب بداخلنا أن نصحو من غفوتنا . أن نكون فعلا مسلمين نشعر من داخلنا بأن المسجد الأقصي هو أول القبلتين , أن نصلي فعلا ونستشعر ذلك ونحن داخل منازلنا او داخل مساجدنا – ولكن ليس أن نجلس علي المقاهي لنستمع إلي الآذان ولا نصلي ونشاهد التلفزيون ولا نصلي , ثم نغضب لأن الفلسطنيين لا يصلون في المسجد الأقصي .
كرهت ذلك الإنفصام بالشخصيات والذي كان سببا رئيسيا وإن لم يكن سببا مباشرا لما نحن فيه وما وصلنا إليه .
نحن نتكلم عن الوطن ولا نساعد الوطن , نتكلم عن الأخلاق ولا نتعامل بالأخلاق , نتكلم عن القرآن والله ولا نقرأ القرآن , نغضب ممن يتطاول علي رسولنا صلي الله عليه وسلم , ونحن لا نطيعه ولا نفعل ما أمرنا به .
نحن سبب النكبات , لأننا مزدوجي الشخصيات , لسنا صادقين مع أنفسنا , تأخذنا الحمية ونغضب للأقصي , ثم بعد يومين ننسي ما حدث وكأنه لم يحدث .نشاهد التلفزيون ونري صور الجرحي والشهداء , وقد نبكي تعاطفا معهم , ثم ننسي ما شاهدناه .
نحن أصبحنا كل شخص يهتم بنفسه فقط داخل الأسرة , وبأسرته فقط داخل العائلة , وبعائلته فقط داخل المجتمع .
أصبحنا دولا عربية كل دولة تهتم فقط بما علي أرضها , وبرعاياها , وتفعل أي شئ من أجل ذلك . لم يعد هناك ميثاق شرف بين الدول بألا تكون مصلحتها علي حساب مصالح دول أخري . وسواء كانت تلك الدول عربية أو أجنبية .
أصبحت الدول العربية مسرحا لأي عنف , إنشغلت كل دولة بما يحدث علي أراضيها , فتجاهلت ما يحدث علي المستوي الوطني والوطن العربي .
هل تعرفون ماذا أريد ؟ أريد فقط الصدق – أريد أن نصلي ونبكي بكل صدق أن ينقذ الله المسجد الأقصي , أن ندعو من كل قلبنا أن يحميه , لأننا لا نملك إلا الدعاء كمسلمين . وكمسيحيين كذلك . فإسرائيل لم تفرق بين مسلم ومسيحي عندما تهاجم , ولأن مسيحيو القدس والخليل كانوا أقرب إلي المسلمين عندما تم منع الآذان بالمسجد الأقصي , وعلا صوت الآذان بالكنائس تضامنا مع أخوانهم المسلمين . فكما توجد أخوة الدم وأخوة الدين , يوجد كذلك أخوة الأرض والوطن .
أناشد كل إنسان يريد فعلا أن يفتح المسجد الأقصي للصلاة ولأهل فلسطين وإلي الوطن العربي وإلي مسلمي القدس وفلسطين أن ينظف قلبه أولا من كل شوائب , أن يتق الله فعلا في كل كبيرة وصغيرة , أن يتوكل علي الله حق التوكل , وأن يخلص لله حق الإخلاص , فكيف من يسرق أخاه , أو من يغش غيره , أو من يطغي علي ملك جاره , أو يأخذ حق قريب له أو زميل . كيف لمثل هذا الشخص أن يطلب من الله أن ينصره أو ينصر مطالبه .
لو أردنا السلام فنحن من نملك السلام , السلام الداخلي الذي يمنح القوة والطمانينة , والذي ينبع من العقيدة الفطرية النقية الصادقة .والتي لو تواجدت , وأراد الشخص منا المستحيل , لوصل إليه .
اللهم أحفظ أقصانا , وأحفظ أهل فلسطين , وأنصرهم علي عدونا يارب العالمين .