نظرا لأن مدينه الاسكندرية بنيت بعيدا عن نهر النيل، فكان طول الوقت يستلزم نظام إمدادها بالمياه طريقة معقدة جدا، يمكن بدأت من أيام الرومان، وهى إن ترعة شيديا تجيب لينا المياه من النيل عبر مسارات متعرجة وصعبة، لغاية ما يمد المدينة بالمياه اللى بتتخزن فى صهاريج تحت الأرض.
ترعة شيديا – خليج اسكندرية – تم تطهيرها وإعادة إنشاءها اكثر من مرة على مدار العصور، واتسمت باسماء مختلفة، لكن أهم ما وصلنا عنها اللى كتبته الحملة الفرنسية، وبعد وصف ليها فى القرى اللى بتمر بيها لغاية ما توصل لاسكندرية، بتبدأ اللحظة العظيمة لحظة وصولها لإسكندرية،
الترعة بيستمر عملها لمدة شهر واحد فقط فى أثناء الفيضان، ولما المية بتوصل اسكندرية بتدخل فى 4 مجارى صغيرة، وبعدين توصل لأحواض عليها 72 ساقية بتدار بالثيران اللى بتيجى من البحيرة بشكل جبرى، وبتتوزع على 700 صهريج تحت المدينة.
بتتملى الصهاريج لمدة شهر، وطول الشهر ده بيكون فيه كشافين ماشيين على الترعة لمنع الفلاحين من السرقة من مياهها، وبمجرد ما تتملى الصهاريج بيسمح ليهم بفتح الترعة على أراضيهم لسقايتها، ومن مياه الشهر ده تشرب وترتوى اسكندرية طول السنة.
700 صهريج تحت المدينة تم حصرهم غير كتير من الصهاريج اللى اتنسى أماكنها أو ضاعت فى فترة اضمحلال المدينة فى العصر العثمانى، كتير من الصهاريج دي انضم بعد كده فى النصف الثانى من القرن الـ 19 لشبكات الصرف، وشبكات المياه، ما ساعد فى اضمحلالها وانهيارها، وكتير منها موجود وبيفاجئنا بانهياره كل فترة.
الصهاريج دي مش مجرد أماكن صغيرة، دى شبكة معقدة من المسارات الغريبة، بعضها مغلق وبعضها مفتوح على بعضه، بيقول عنها المقريزى إن الفارس يجرى بحصانه فيها رافعا سيفه، قليل منها معروف زي صهريج دار اسماعيل اللى جوة مستشفى دار اسماعيل للولادة فى شارع شريف، واللى مكون من 3 طوابق، ومشيد على 45 عمود جرانيت، أو صهريج ابن النبيه فى الشلالات، أو صهريج سيدى عبد الرازق الوفائى اسفل مسجد عبد الرزاق الوفائى، وفى شارع فؤاد برضه صهريج “صفوان” تحت عمارة توريل، واللى استخدم كملجأ للغارات.
لكن كتير من الصهاريج دي بيفاجئنا، وبيعلن عن نفسه لما بينهار، زي مثلا فى سنة 2010 كتير مننا يفتكر الصهريج اللى جنب مسجد النبى دانيال اللى انهار بالعمارة اللى جنبه، واللى خلى الجامع مقفول لمدة سنتين تقريبا موشك على الانهيار، وإزالة العمارة بالكامل، فى شارع فؤاد برضه عند القنصلية الأسبانية صهريج تانى انهار عقب الثورة، وساعتها ناس ادعوا إنها سجن سرى تحت الأرض!.
يمكن العالم السحرى اللى زي ده، هو اللى خلى الجرسون اليونانى الشهير، “استيلليو كومتسوس”، واللى كان جرسون فى مقهى “امبريال” بمحطة الرمل فى الخمسينات والستينات الإدعاء إنه عارف قبر الإسكندر، وفضل الجرسون ده يحفر برعاية الحكومة المصرية شارع النبى دانيال كله تقريبا، لسنوات طويلة وخلى المدينة كلها حفر غريبة، وانتهى الأمر بطرده من اسكندرية بعد ضبطه بيحفر خلسة تحت الكنيسة المرقسية، وقصة “استيللو” ظهرت طبعا فى فيلم اسكندرية ليه ليوسف شاهين.