بقلم بروفيسور د محمد حسن كامل
الجزء الأول :
القُدس من الفعل :
قَدُسَ:
قَدُسْتُ ، أَقْدُسُ ، مصدر قَدَاسَةٌ
قَدُسَ العَابِدُ : طَهُرَ
قَدُسَ الشَّيْخُ : صَارَ قِدِّيساً
قَدُسَ قَدُسَ قُدْسًا : طَهُر
قدَّسَ / قدَّسَ لـ يقدِّس ، تقديسًا ، فهو مُقدِّس ، والمفعول مُقدَّس – للمتعدِّي
قَدَّسَ للهِ : صلَّى له
قدَّس اللهُ فلانًا : طهّره وبارك عليه
قدَّس اللهَ : عظَّمه وبجّله ونزّهه عمّا لا يليق بألوهيّته .
ق د س : القُدُْسُ بسكون الدال وضمها الطهر اسم ومصدر ومنه قيل للجنة حظيرة القدس وروح القدس جبراءيل عليه السلام و التَّقْدِيسُ التطهير و تَقَدَّسً تطهر والأرض المُقَدّسةُ المطهرة وبيت المَقْدِس يشدد ويخفف والنسبة اليه مَقْدِسِيٌّ
بإختصار القدس هي الأرض المقدسة والمطهرة .
ولماذا حظيت القدس بهذا التكريم ؟
دعونا نداعب أوراق التاريخ
ويبدأ بحثنا في حياة سيدنا إبراهيم الخليل
ولد إبراهيم في أور الكلدانية في العراق وعاش فيها مع والده وإخوته وتزوج فيها من سارة. ولكن عندما توفي أخيه هاران وهو أبو النبي لوط، أخذ إبراهيم أسرته ومعهم لوط وهاجروا إلى بلاد كنعان (فلسطين حاليا)
نزل سيدنا إبراهيم في مدينة الخليل , ويقال أنها وتضم رفاته ورفاة زوجته سارة، وعائلته من بعده إسحق ويعقوب ويوسف ولوط ويونس والخليل بذلك ثاني المدن المقدسة في فلسطين عند المسلمين .
هل سمعت عن المثلث المقدس ؟
وأين يوجد المثلث المقدس ؟
المثلث المقدس حدثنا عنه القرآن الكريم في سورة من السور القصيرة
ترتيبها 95
عدد أياتها 8
عدد كلماتها 34
عدد حروفها 156
مكية وهي سورة التين
بسم الله الرحمن الرحيم (( وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ (1) وَطُورِ سِينِينَ (2) وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ (3) لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ (4) ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ (5) إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ (6) فَمَا يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ (7) أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ (8) ))
سورة التين توضح القسم من الله تعالى بالمثلث المقدس في الأيات الثلاثة الأولى :
(( والتين والزيتون , وطور سينين, وهذا البلد الأمين )) إشارة للقدس بفلسطين ولطور سيناء في مصر ومكة المكرمة ))
السؤال المطروح هنا والعاصف للذهن :
لماذا بُدأ القسم بالمحطة الأولى بالقدس ؟
لأنها بالتأكيد كانت المحطة الأولى التي نزل بها إبراهيم الخليل القادم من أور الكلدانية بالعراق إلى بلاد كنعان الفلسطينية ثم يزور مصر ويتم رحلته إلى مكة المكرمة ليرفع قواعد البيت الحرام وكان اسمها بكة سابقاً
رحلة إبراهيم الخليل بهذا المنظور الإستراتيجي وكأنها رحلة لوضع أسس وقواعد الرسالات الكبرى في العالم لأنبياء من أولى العزم الكبار وهم على حسب الترتيب الجغرافي للقسم (( عيسى , موسى , محمد )) عليهم الصلاة والسلام .
وتأتي رحلة الإسراء والمعراج برحلة عكسية تبدأ من المسجد الحرام وتنتهي برحلة أرضية للمسجد الأقصا ثم العروج للسماء كما جاء في سورة النجم .
الأية الأولى في سورة الإسراء تكشف رحلة الإسراء المحمدية لتأكيد رحلة إبراهيم الخليل قال الله تعالى في سورة الإسراء الأية الأولى : (( سُبْحَانَ ٱلَّذِى أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ ٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ إِلَىٰ ٱلْمَسْجِدِ ٱلأَقْصَا ٱلَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَآ إِنَّهُ هُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلبَصِيرُ )) الأية 1
وإذا تأملنا سورة التين والأية الاولى من سورة الإسراء وهما يعبران عن القدس بشكل مباشر وجدنا ان حروف الأية الأولى من الإسراء تحمل أسماء 20 نبياً ورسولأ
وهم (( أدم , إدريس , نوح , هود , صالح , إبراهيم , إسماعيل , إسحاق , يعقوب , أيوب , يونس , موسى , هارون , اليسع , إلياس , داود , سليمان , يحيى , عيسى , محمد عليهم جميعاً الصلاة والسلام )) 20 نبياً ورسولاً نجد كل حروفهم في هذه الأية .
وأما سورة التين وجدنا فيها الحروف التي تكون أسماء باقي الأنبياء والرسل وهم 5 :
(( لوط , يوسف , ذو الكفل , زكريا , وشعيب بالإشارة إليه ـ وإلى مدين أخاهم شعيباً ـ الأعراف 85 .
وبالجمع 20 + 5 = 25 عدد كل الأنبياء والرسل الذين ذُكروا في القرآن الكريم وهم الذين إحتفلوا بمقدم رسول الله في رحلة الإسراء والمعراج وكانوا في إنتظاره جميعاً في المسجد الأقصا بالقدس ومن هنا كانت الإجابة على سؤالنا العصف للذهن لماذا بُدأ القسم في سورة التين بالقدس ؟
وإلى لقاء في الجزء التالي .