سألني بعض الأفاضل عما أُثير مؤخرًا من بعض شيوخ الفضائيات أن الطلاق الشفهي لا يقع، فما تقول في هذا؟
أقول بعد حمد الله والثناء عليه والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله:
ـ لا يخفى على متخصص في الفقه المقارن أو المذهبي أن هذا الكلام الذي جاء فيه: أن الطلاق الشفهي لا يقع، يصطدم مباشرة مع أقوال جماهير أهل العلم من الفقهاء قديمًا وحديثًا، بل هو لا يعدو إلا أن يكون قولًا شاذًا لا ينظر إليه؛ لأن التوثيق لم يكن يعمل به قديمًا، وإنما عمل به في أزماننا لفساد الذمم..
ـ وهذا يحدو بنا أن نقول: كيف كان الطلا قبل في القرون الأولى ؟
الإجابة بلا جدال كان الطلاق شفهيًّا، ودل على ذلك نقل سيدنا عمر بن الخطاب طلاق ابنه سيدنا عبد الله بن عمر ـ رضي الله عنهما ـ زوجته في حيض فأمره سيدنا أن يراجعها ثم يطلقها في طهر لم يمسها فيه*.
ـ غير أن الإنصاف العلمي يقتضي أن نقول:
أن بعض أهل العلم كابن حزم الظاهري وجوب الإشهاد على الطلاق ومن المعاصرين أحمد شاكر رحمهما الله والجمهور من العلماء على استحباب الإشهاد على الطلاق والشافعي وجوبه على الرجعة، والجميع استدل بقوله تعالى: “وأشهدوا ذوي عدل منكم”.
والمفتى به الآن استحباب الإشهاد على الطلاق والرجعة، فإذا تعذر فالقول قول الزوج..
والله أعلم.
ـ وفي النهاية أقول: إن إثارة القلاقل على أسماع العامة في أحكام الأبدان وفقه الأسرة خاصة ينبغي ألا يكون بهذا الشكل الذي قد يورث إشاعة الفوضى الفقهية بلا سند أو دليل معتبر، ويؤدي يدوره إلى خراب كثير من بيوت المسلمين الآمنة.
فعلى شيوخنا أن يجتنبوا هذا، وأن يولوا جهودهم نحو نشر الأخلاق الفاضلة وبعثها في المجتمع، والله من وراء القصد.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* والجمهور على أن ابن عمر ـ رضي الله عنه ـ حُسب عليه الطلاق هنا طلقة رجعية، وخالف ابن تيمية وقال: لا يقع، والراجح عندي: أن الطلاق يقع لورود النص في موضع الخلاف، وهو قول سيدي رسول الله: “وهي واحدة”، وحسبت عليه طلقة”؛ ولأن الرجعة لا تكون إلا من طلاق..