—-كتب : طارق درويش
يتسع مفهوم الأمن القومى فى الدراسات السياسية و الأمنية ليشمل خمس مكونات أساسية متصلة و متكاملة و هى الأمن العسكرى و السياسى و الأمن الإقتصادى و البيئى و أمن الطاقة و الموارد الطبيعية بما يحفظ سيادة الدولة و استقلالها لذلك توظف الحكومات الجزء الأكبر من موارد الدولة لتدعيم هذه المكونات الأساسية. و إذا تأملنا مفهوم الأمن الذى يتسع لهذه المرتكزات نلحظ أنه ينظر للتهديد – سواء كان داخليا أو خارجيا – على أنه تهديد عسكرى بالدرجة الأولى. و فى هذا الإطار يختفى التعليم و الأمن الثقافى بوصفه مرتكزا من مرتكزات الأمن الوطنى و ما نشاهده الآن فى أعلى مراحله من إرهاب و حروب مستمرة مع رعاته و الداعمين له بدأ بأفكار و نمط حياة فى السبعينيات تحول إلى منظمات و تنظيمات فى الثمنينيات ليتجلى فى أعلى صوره دول إرهابية كاملة – و ما داعش بالمثال الوحيد – إن التهديد العسكري إذا حدث فإنه يكون واضح يستفز الروح الوطنية لمقاومته أما التهديد الفكرى و الثقافى فإنه أمر غامض خفى قد لا يدركه المستهدف فلا يستعد له بل أنه قد يرحب به لأنه يتخذ آليات متعددة كالاغنية و اللقطة السينمائية التى لها فعل السحر فى تشكيل الأفكار و الأنماط السلوكية . إن نشر المعتقدات التى ترفض الآخر من منطلق طائفى لا يكون فقط من خلال دروس فى زوايا مظلمة و لكن إنتشار أفلام العرى تستنفر بالضرورة التطرف المضاد مع التوليفة السينمائية التى تمجد البلطجى و تعلنه بطل شعبى يكتمل المشروع الإرهابى. إن الإنسان هو المستهدف و المنوط به تحقيق الأمن القومى بكل عناصره ولا سبيل لتحقيق ذلك إلا بإعداده إعدادا تعليما جيدا ينمى عقله و يوسع مداركه و يكسبه مهارات التفكير من ربط و استنتاج و تفسير و تحليل و تخطيط . فالتعليم على هذا النحو هو الضامن الأساسى للأمن القومى . و الإنفاق على التعليم ايس ترفيا لقطاع خدمى إنما هو إنفاق لبناء دولة و حمايتها من التهديدات المستمرة ، لذلك لن تنتهى حروبنا ضد قوى الشر بأشكالها المتعددة إلا بتوافر إرادة وطنية و رؤية واعية لأهمية التعليم بوصفه أحد الضمانات للأمن القومى و ليس قطاعا خدميا يجب تصفيته أو تقليل نفقاته بحيل و قرارات متعددة و متجددة .