عادل عامر
إن إعادة ترتيب العقل والروح تمثل مقدمة ضرورية وأساسية لمواجهة كل ظواهر الفساد في المجتمع، وفى المقدمة منها فساد الضمائر التي تسمح لشرائح الدس والوشاية أن يكون لها وجود مؤثر في دفع الأحداث نحو اتجاهات ومسارات خاطئة!
زمن صعب والناس أصعب قطار يسير بسرعة على رقاب الجميع بلا هوادة نعطيها لأنفسنا نبحث عن الطيب فينا نبحث عن الإحساس الذي فقدناه وافتقدناه .. كل شيء أصبح بلا وقع مجرد ظل عابر وباهت كأنفسنا التي تاهت في ماديات الحياة
لمّا كان صدور الخطأ والزلل من الإنسان أمراً لم يعصم الله منه إلا الأنبياء والأولياء كان من الطبيعي أن يكون من واجب المسلم تجاه أخيه المسلم أن يستر عوراته ويعينه للتخلص منها ويمد له يد العون كما يأمل كلٌ منا من إخوانه حين صدور الخطأ منه تحدث عز الدين في العموم عن أهمية احتواء الأسرة لأبنائها ودعمهم والتحدث معهم باستمرار
والأخذ بوجهة نظرهم من باب التجربة والاستكشاف، مع أهمية وضرورة المناقشة بين الآباء والأبناء في كافة المواضيع خاصة في تلك القرارات المصيرية مثل التي تتعلق بالزواج، أن مصر من أكثر الدول صعوبة في الزواج ومن أوائل الدول في ارتفاع نسب الطلاق في مع أهمية تربية الأولاد على فهم أنفسهم ومشاعرهم و تقبلها و تقبل الأهل لهم،وتعليمهم كيفية الاختيار والاعتماد على النفس .
ولذلك حرّمت الشريعة أي شكل من أشكال إشاعة الفاحشة وحديث السوء والطعن بالآخرين إن ذلك من أشنع الرذائل وأقبحها لما لها من أثرٍ سيّء على المستوى الفردي والعام في الدنيا كما توعدت صاحبها بأليم العذاب في الآخرة.
إن إشاعة الفاحشة بين الناس لا سيما بين المؤمنين يقدّم مادة مهمة وخطيرة بين يدي الأعداء في التعرف على نقاط الضعف في المسلمين وإمكانية تسعير الخلافات بينهم والإيقاع بهم كما من شأنه أن يسهّل عليهم السيطرة على مجتمعاتهم الممزقة التي تضيع وقتها بإشاعة فواحش المؤمنين بدل التعريف بفواحش الأعداء وسيئاتهم.
ألأخلاق هي : عنوان الشعوب وحثت عليها جميع الأديان السماوية ، وقد نادي بها المصلحون وهي أساس الحضارة وهي عبارة عن وسيلة للمعاملة بين الناس وتغنى بها الشعراء في قصائدهم ومن بينهم أمير الشعراء أحمد شوقي :
* وإنما الأمم الأخلاق ما بقيت فإن هموا ذهبت أخلاقهم ذهبوا
لهذا فإن للأخلاق دور كبير في تغيير الواقع الحالي للأفضل إذا تم التقيد بها واكتساب الأخلاق الحميدة والابتعاد عن العادات السيئة بهذا قال رسولنا الحبيب محمدا صلوات الله عليه وسلم : (إنما بعثت فيكم لأتمم مكارم الأخلاق ).
– كذلك من أخطر وسائل المنافقين في تطبيع الرذيلة ونشر الفاحشة هو التطبيع عبر القصة والرواية والفكرة والخاطرة والمقال في الصحف والمجلات والكتب فيصور الكاتب عبر مقاله أو عبر روايته يصورون المجتمع أو بنات المجتمع على أنهن متحررات من كل قيود الفضيلة والأخلاق والشريعة. وإنه لمن المؤسف أن تجد التسابق المحموم من هؤلاء المنافقين ليصفق بعضهم لبعض ويشيد بعضهم ببعض على روايته أو مقالته والتي نفث فيها كل كذب وافتراء في سبيل تطبيع الرذيلة.
ولا أدل على ذلك من ذلك التسابق المجنون للكبير والصغير من المنافقين والمنافقات والمغفلين والمغفلات للإشادة برواية ماجنة والرفع من شأنها وشأن المراهقة التي كتبتها، فهذا العويل والصراخ لا شيء إلا لتطبيع المنكر وكسر حاجز الخوف والتردد في نفوس بناتنا وأبنائنا ودفعهم إلى الإقبال على الفاحشة والصداقة والغرام والانحلال والانعتاق من رباط الأسرة والفضيلة والخلق الكريم.
صحيح أن المشكلة كبيرة ولكن يمكن لنا أن نعدل قواعد اللعبة وان نحرف المسار وان نعيد شباننا وشاباتنا إلى طريق الصواب فقط علينا أن نمتلك عدة أمور وهي الرغبة الصادقة بالتعديل والإرادة الكبيرة القادرة على التحمل والفكر والوعي السليمين والمدركين لإبعاد المشكلة وعند توفر الإدراك لخطورة الأمر يمكن أن نحقق الكثير فيه وببساطة يكفي أن ننظر بتمعن في أسباب انحلال الأخلاق وفساد الشباب حتى ندرك الحلول لهذه الظاهرة كل سبب للفساد نعكسه فيتحول إلى حل وعلاج ورادع لفساد الشباب واعلموا أن الجيل الفاسد لن يورث إلا جيل فاسدا أخر وكلما بدأنا العمل مبكرا كلما كانت نتائجنا المرجوة أفضل .
وألوان الفعل كثيرة فمن ينشر بين الناس صورا خليعة فهو يشيع الفاحشة بين الناس ومن ينشر عن طريق التليفون المحمول مشاهد خليعة فهو يشيع الفاحشة والممثل الذي يمثل المشاهد التي فيها قبلات وأحضان فهو يشيع الفاحشة بين الناس وكذلك المرأة التي تخرج من بيتها متبرجة متعطرة يشم الناس عطرها فهي تشيع الفاحشة بين الناس ويصدق على كل هؤلاء قول الله تعالى ( لهم عذاب أليم في الدنيا و الآخرة )
والشيء الذي يلفت النظر بخصوص الممثلين والممثلات أن ما من واحد منهم يموت إلا ويجعله الله عبرة لأولى الأبصار فمنهم من مات بأخطر الأمراض كالسرطان ومنهم من مات فقيرا حتى أنه كان يتسول ثمن الدواء وقد جعلت وزارة الثقافة له راتبا ضئيلا جدا يعيش منه بعدما كان صاحب ثروة ومال إلا أن الله وعده صدق ووعده حق فلابد وأن ينفذ وعده فاحذر أن تتبع خطوات الشيطان فقد حذرتنا الآية (يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا خطوات الشيطان ) لأن الشيطان إنما هو العدو الأول للإنسان لأنه يأمر بالفحشاء والمنكر ويبغى أن يكون كل بني آدم من أهل النار
أن الحالة الأخلاقية أصبحت في أدني مستوياتها، خاصة أن كثير من النساء في مصر يجرين عمليات إجهاض بشكل سريو أنه من المستحيل إجراء إحصاءات رسمية. أن انتشار ظاهرة الإجهاض أمرًا حميدًا، لكنه فقط ينتقد لان الأمر لا يزال يتم بشكل سري لاشك أن فساد الأخلاق و تراجعها من أسباب تراجع الأمم و تخلفها و ما نعيشه هذه الأيام من حالة انحلال و انفلات لا يبعد كثيرا عن هذا المعنى و لكن يبقى السؤال ما هي أسباب فساد الأخلاق
عن ذي النون المصري قال :”إنما دخل الفساد على الخلق عن ستة أشياء الأول ضعف النية بعمل الآخرة ,و الثاني صارت أبدانهم مهيأة لشهواتهم , و الثالث غلبهم طول الأمل مع قصر الأجل, و الرابع آثروا رضا المخلوقين على رضاء الله و الخامس اتبعوا أهواءهم و نبذوا سنة نبيهم صلى الله عليه و سلم , و السادس جعلوا زلات السلف حجة لأنفسهم و دفنوا أكثر مناقبهم “ولذلك، لا يجوز للفريقين أن يجعلا من أفكارهم مادة لتفريق الأمة، وإثارة النزاع بين مكوناتها
وأن يسير المجتمع نحو الاقتتال وسفك الدماء بل يجب اتجاه الجميع إلى مشروع حضاري قائمٍ على الفكر، ومؤسسٍ على القيم، وقادر على انتشال الأمة من وهده الضعف والتخلف والجهل والتعصب، إلى التحضر والرقي والتوافق. فالحضارة حالة متقدمة من التطور العقلي والثقافي في المجتمع الإنساني، تقوم على الاعتدال لا التعصب والتطرف والتناهي.