مقالى اليوم ليس انتصارا لأحد ضد آخر لكنه محاولة حثيثة لوضع الأمور فى نصابها الصحيح وكشف بعض الممارسات الإعلامية وما تشتمل عليها والتى تدل على الصراع بين نوعين من الإعلام : إعلام الإعلان وإعلام الرسالة
بداية – يدرك معظمنا أن لوسائل الإعلام تأثير مباشر وقوى على الرأي العام وذلك من خلال تغيير فِكر الأفراد حول رأي مُعيّن وثابت كما أن لها دور مباشر فى توفير وسائل المقارنة للفرد فهى تمكنه من المقارنة والوصول إلى نقاط التباين بين القضايا المختلفة وهذا يسهم في بناء وتصحيح الرأي العام.
ومحور حديثنا ما ورد بحلقة مذاعة للإعلامى عمرو أديب وفى المقابل حلقة أخرى للرد عليه من جانب الإعلامى هانى الديبانى وموضوع النقاش :
– ماورد بحلقة ” أديب ” وبصورة الجزم والتأكيد بل الإلحاح على تصدر فكرته من أم ( مصر بلد سياحى وليست بلد زراعى )
وهنا نجد أن أديب قد اعتمد على طريقته المألوفة من خلال استخدام مهاره الحركة العضوية وتنغيمات الصوت التى يحاول جاهدا أن يجعلها مدرسته الإعلامية دونما تقديم لحقائق أو براهين واضحة على فكرته التى تبنها مع ما تدعو إليه وما تترتب عليه من نتائج خطيرة ومؤثره على مختلف الأصعدة والمتابع الناقد الواعى يلمح وبما لايدع مجالا للشك ما يحمله رأيه من فكر موجه وإشارات واضحة ورسائل ضمنية تشتمل عليها
وفى المقابل كانت حلقة الإعلامى ” الديبانى ” فى الرد عليه حيث نجح لحد بعيد فى تفنيد تلك الفكرة السابقة من خلال عدد من العوامل يأتى فى مقدمتها
– هدوء الحديث ورزانته مع توصيل الفكرة دونما انفعال مبالغ يصل حد الازعاج كما نشهده عند آخرين
– تقديم الأدلة والقرائن من خلال الأدلة الدينية والتاريخية والواقعية على أن مصر فى حقيقة نشأتها ” بلد زراعى ” فى المقام الأول وهو ما أهلها لتكون بعد ذلك بلد صناعى وسياحى وذات مكانة مؤثرة فى المنطقة والعالم قديمه وحديثه
– القدرة على تحليل ونقد كلام أديب فى حلقته والتوصل إلى نتيجه مفادها ما يحمله رأى أديب من خطورتين تتمثلان فى ( خطورة الرسالة / المكان الذى بثت منه الرسالة )
– انصاف الديبانى حين لم ينكر أهمية السياحة لمصر وضرورة الاهتمام بها لكن حذر فى نفس الوقت على أن ذلك لايعنى التخلى عن حقيقة أن مصر بلد زراعى وهذا ما يعطيها قوتها ويضمن لها استمرار سيادتها الحرة وتأثيرها وإعادة تصحيح أوضاعها الاقتصادية
– وفى النهاية ستظل المواجهة قائمة بين إعلام الإعلان وإعلام الرسالة ، ولن تخلو الساحة الإعلامية من وجود هذين النقيضين إلا بإرادة حقيقية ورغبة فى بناء مجتمع يحافظ على سلامة فكر ورأى أفراده من أجلب بناء وطن حر وقوى مستقل يقوم على دعائم بناء الشخصية المصرية الأصيلة