بقلم : عسل عثمان
هي من اعتادت على قلب موازين مواقفها لخدمة روحها. وروضت أوقات مزاجيتها للانصياع لأوامر حركاتها الجنونية. مع الرضاء والاقتناع بكل ما تفعله دون الندم عليه. فاليوم بعد أن التقته عند غروب شمس النهار وشمس حبهما بحديقتهما التي طالما ارتاداها لتكون شاهدة على نبل مشاعرها وأجندة لتدوين أجمل الذكريات . نعم اليوم ستشهد على توقيع نهاية لوحتهما العشقية. كان لا بد لها وكما عودت نفسها على سرعة التصرف.وقلب موازين خذلانها وتحويله إلى انتصار .ولكي تجد طريقة لأعادة شحن روحها .فلم يكن أمامها الا أن ركبت سيارتها وقادتها بسرعة.بينما كانت أذيال الخيبة تلاحقها من الخلف. كانت الأفكار تنسج شبكاها الرمادية الداكنة كعنكبوت منهمك بإنجاز عمله لالتهام فريسته. على زجاج الذي أمامها. واضطرت لركن سيارتها جانبا لمحاولة تفتيت هذه الخيوط.. بحركة لا إرادية فتحت النوافذ وأخرجت رأسها من النافذة لاستنشاق ذرات الهواء.. رددت بصوت مبوح …؟ شهيق…….زفير شهيق …. زفير شهيق… زفير هدأت ثورة نبضات قلبها . وبدأت السحب الضبابية تنقشع من أمام عينيها رويدا ..رويدا. وكان أول ما صادفته سماء شاسعة متصلة ببحر هادئ. فتح منظر البحر شهيتها لاستعادة ذكريات طفولتها بمنزل والديها الدمشقي الكائن في زقاق ضيق المصروف بالحجارة السوداء. تذكرت بهوه الكبير…وشجرة الياسمين والنانرج.. عصفور الكنار وهو ينشد أجمل ألحانه في قفصه المتدلي فوق بحرة عذبة المياه. تذكرت قواربها الورقية التي كانت تصنعها وترميها داخل مياه البحرة وتعبث بها إلى أن تفتتها المياه فتنتشل ما تبقى من قرأتها. استوقفها خيط من شبكة العنكبوت بفكرة الخلود. فاستسلمت لتداعياته. – أليس الموت هو الخلود…؟ – لماذا لا نخلد من أحببناهم يوما ما في الذاكرة بإيجاد وافتعال طرق لموتهم بعد هجرونا. – ولماذا أخلده بعد أن انصاع وراء رغبته بعابرة سرير. ولكن… اليوم كان يستسمحني ويطلب عفوي لزلته وهو يقول : أنت العشق والوطن.. – هل نسي أسير بأنني كسائر النساء الشرقيات الذين كل أرصدتهن الكرامة والكبرياء. يااااه … دمشقية شرقيةأنا فيها عنفوان مدينتي . – ولكنني أحبه… اذا…..؟ فتحت صندوق سيارتها وأمسكت دفترها وأخذت تمزق بعض الأوراق لتصنع مراكب ورقية.. جلبت قلمها وخطت على القارب الأول.. أسير على المركب والثانيه .. أسير سيغرق مركبه. الثالثة.. أسير سيدفن في قاع البحر. والرابعة…. أحبك لذلك ستخلد. والخامسة… سألقاك هناك في عالم لا خداع ولا خيانة فيه. وبخطى ثابتة اتجهت للشاطئ وقذفت بمراكبها في مياه البحر. كانت عيناها تملؤها الدموع وهي تراقب غرقها.. بعد أن غابت عن نظرها تنهدت بحسرة.. وضعت يدها على الجهة اليسرى من صدرها . وفي حزن تقول… هنا ستكون.