د. بهاء حفني الشافعي
قال الشيخ المراغي: “كان الصحابة ـ رضوان الله عليهم ـ يختلفون في الأصول والفروع وكانوا يعظمهم عظيم الأخلاق والدين، ولا يرمي أحدهم مخالفه بالكفر إلا أن ينكر معلومًا في الدين بالضرورة” انتهى بنحوه.
ومما سبق أقول:
ـ إن من الملاحظ الآن بين المشتغلين بالعلم الشرعي انتشارَ التقاذف بينهم في منهجية العلم وطريقة الطلب؛ فثمة جمع يرمون المتمذهبة بالتعصب والنصرة للرجال دون النصرة لكلام الله وسيدنا رسول الله، وجمع من المتمذهبة يرون أن مدرسة الدليل المعاصرة مدرسة قاصرة الفهم والنظر.. إلخ.
ـ وقد اشتعلت لظى الفتنة بينهم في الفروع فأقاموها مقام الأصول وتقاذفوا الكلم الموجع، وكادت الفتنة أن تقطع رحم العلم بينهم، إن لم تكن قد قُطعت بالفعل.
ـ وإليهما أتوجه بهذه الكلمات:
أـ غياب فقه الاختلاف سيؤدي بنا إلى التقاتل على الحقيقة كما حدث في أواخر القرن الرابع الهجري؛ فقد آذى الحنبلية الشافعية واشتدوا عليهم غلظة وإيذاء..
ب ـ فإذا كنا حقا مقتدين بسيد المرسلين؛ فإنه قد قبل غيرة سيدنا عمر في صلح الحديبية بصدر رحب.
ج ـ وقد اختلف الصحابة (رضوان الله عليهم) في مسائل منها: اختلافهم في أكل السباع، واختلافهم أين يدفن رسول الله؟…. إلخ، ولم يرد عنهم تفسيق ولا تبديع ولا خروج عن آداب الاختلاف كما يحدث الآن.
د ـ فعلينا أن نعلم أن النص طالما احتمل رأي المخالف من أي وجه فإنه يمنعنا من أن نصدر له عبارات الجهل وعدم الفهم، والقاعدة تقول: لا ينكر في المختلف فيه، إنما ينكر في المتفق عليه.
ج ـ فاختلاف المدارك والعقول في فهم النصوص الشرعية واحتمال النصوص لأكثر من معنى يجعلنا ألا نشن الغارة على المخالف طالما كان لرأيه وجه معتبر.