كتب .د .محمد حسن كامل
حدوتة أو أسطورة تثير المتعة
مازلت أتذكر حدوتة الجدة
نسيج أدبي من الواقع والخيال وسرد فني بلغة عامية تغلب عليها موسيقى السجع
تبدأ بكان ياما كان , ما يحلى الكلام إلا بذكر النبي عليه الصلاة والسلام
وتبدأ الحدوتة بروعة التصوير والإخراج والإضاءة والشخصيات في قصة لها بيئة زمانية ومكانية …..عمل فني ضخم يحتاج إلى فريق عمل كبير وتقنيات فنية عالية الجودة , كل هذا العمل تغزل أحداثه وتنسج صوره , وتفصل مواقفه , وتصوره وتخرجه الجدة التي ربما لم تتلق تعليماً في مدرسة أو جامعة .
رغم التطور الحضاري والتواصل التقني الذي جعل العالم قرية صغيرة
تتربع الجدة على عرش الحدوتة والأسطورة
مازلنا نسعى إلى هذا الصنف من خبايا الفكر الذي لايفنى ولا يبلى .
للحدوتة رسالة تدعو غالباً للقيم النبيلة , للخير , للحق , للجمال , للعبرة والعظة .
أتذكر ما قصته علىّ جدتي عن الشاطر حسن , وعقلة الإصبع , وعروس البحر …والكثير والكثير .
مازالت الحدوتة تتربع على عرش الأدب الشعبي في مصر .
واليوم لدينا حدوتة , نسلط عليها الضوء في كتابنا هذا (( بورتريه ))
ولكن حدوتتنا ليست من نسيج الخيال
هي واقع من دم ولحم
مريم فتح الباب حدوتة مصرية
مريم الأولى على الثانوية العامة المصرية بمجموع 99 %
إلى هذا الحد الأمر عادي , لابد أن يحتل المركز الأول طالب أو طالبة .
ولكن الأمر يختلف مع مريم
مريم التي تفتخر بأبيها (( البواب )) أو حارس عقار
تفتخر بأسرتها المكونة من 5 أخوات والأب والأم الذين يعيشون في غرفة واحدة .
مريم التي تخلصت من العقد الإجتماعية والتي تفتخر بأبيها الذي تعلم فقط القراءة والكتابة أما أمها كانت ولا تزال منبع الحب والعطاء لبناتها , الأم المصرية الريفية التي علمتها الفطرة دون الإلتحاق بالمدرسة .
نحن امام دراما مصرية واقعية
تلك الدراما التي تصور قيمة الترابط والحب بين أفراد الأسرة
في زمن التواصل الإليكتروني الذي ساهم بوضوح في هدم كثير من الأسر العربية .
مريم لم تعرف طريقاً قط إلى مواقع التواصل الإجتماعي
ليس لديها حساب على الفيس بوك أو تويتر
مريم تجد لذة في البحث عن المعلومة من مصادر متعددة
تستخدم منهج التفكيك والتركيب الذي استخدمه انا شخصيا في كتاباتي وابحاثي
مريم لم تعلق مشاكلها على شماعة الظروف
الحب في غرفة أعظم من القصور
الحب كنز لا يفنى ولا يبلى يهديه الله لمن يشاء من عباده في مقصورة الرضا
الرضا لمن يرضى
مريم رضيت وأسرتها رضيت
نفس راضية لله مرضية من الله
المعاناة :
القصة التي نحن بصددها تحمل كل مقاييس العمل الأدبي
بيئة زمانية وهي المحيط الزمني الذي نعيش فيه الأن
بيئة مكانية وقد حاولت أن اصورها بقلمي من خلال متابعتي لحديث مريم عبر الميديا .
الأحداث , الشخصيات , الحبكة , العقدة , المعاناة , الهدف والخلاصة .
دراما تليفزيونية ربما يستمتع بإخرجها صديقي شيخ مخرجي ماسبيرو المخرج العملاق (( دويدار الطاهر ))
المعناة هي سر الإبداع
والإبداع هو فن صناعة الدهشة من خلال نجوي كامليات المطروحة للجميع
وتوظيف تلك المعطيات بزوايا جديدة تثير الدهشة .
مريم فتح الباب بنت الرجل العظيم (( البواب )) والأسرة 7 أفراد في غرفة واحدة تصنع الدهشة لتكون أولى الثانوية العامة .
ليست من أسرة ميسورة
وليست عضو في نادي من الأندية
ولم تملك أدوات الترف أو موبايل أحدث موديل
لم تحلم بسيارة
لم تركب طيارة
مريم حدوته مصرية 100 %
وتوتة توتة وبدأت الحدوتة
محمد حسن كامل