بقلم / د. محمد حسن كامل
رجلان أهدي لهما الزهور القائد صلاح الدين الأيوبي والرئيس السابق عدلي منصور .
التاريخ يفوح بالعطور التي تسكن في الوجدان والذاكرة العطر عطر من الورود والزهر للعطور بصمة وأيضاً للزهور بصمة
والتاريخ بصمة وذكرى
قد يتذكر الإنسان مع أول شهقة عطر أحداث وأحداث . العطر سفر للماضي مهما كانت السنون وتوالت الأيام يكون السفر في ثواني معدودة .
عطر اليوم الرابع من يوليو قادم من ذكرى فريدة لن يتذكرها إلا أصحاب النفوس الذكية والقلوب الثرية الغنية .
عطر اليوم قطع القرون والسنون والشهور والأيام حتى يأتي إلى هذا المقام .
في يوم السبت 25 ربيع الثاني 583 هـ الموافق 4 يوليو 1187م وقعت موقعة حطين
معركة فاصلة بين الصلبيين والمسلمين بقيادة الناصر صلاح الدين .
وتدور رحى الأيام , وبعد 826 سنة يتولى السيد المستشار عدلي منصور رئاسة مصر كرئيس مؤقت لإدارة شئون البلاد في نفس اليوم الرابع من يوليو سنة 2013 .
الرجلان إجتمعا في نفس التاريخ وكلاهما كان له مهمة وطنية وقومية .
لقد رصدتُ الأحداث من زاوية جديدة لم يرصدها أحد من قبلي .
هنا يتحدث التاريخ الذي يرفل بالعظمة والإبداع
عظمة الرجال في حمل أثقال تنوء بها الجبال .
على بوابة التاريخ أقف على مشارف موقعة (( حطين )) أسمع سنابك الخيل وصليل السيوف وأرى راية الإسلام ترفرف على أرض المعركة .
بالقرب من قرية المجاودة ، بين الناصرة وطبرية إنتصر فيها المسلمون، ووضع فيها الصليبيون أنفسهم في وضع غير مريح إستراتيجيا في داخل طوق من قوات صلاح الدين، أسفرت عن سقوط مملكة القدس وتحرير معظم الأراضي التي إحتلها الصليبيون.
دوافع معركة حطين :
كانت مناطق من البلاد الإسلامية والقدس تحديدا قد أُحتلت من قبل الصليبيين عام 1099 م، وكان الإقطاعيون الصليبيون والفرسان قد نصبوا أنفسهم أمراء وملوك على تلك المناطق، فكان هذا على مدى قرن دافعاً لتحرير البلاد من الاحتلال، وكانت غارة لصوصية شنها أحد بارونات الإفرنج البارزين، رينو دي شاتيلون (أرناط) السبب المباشر لهجوم المسلمين، رينو دي شاتيلون كان مغامراً وقحاً وسبق له أن إجتاح قبرص البيزنطية في سنة 1155 م وعمل فيها سلباً ونهباً، وكان قد أُسر عند نور الدين زنكي قبل 16 سنة، وبعد إخلاء سبيله إستقر في حصن الكرك، وعكف على نهب وسلب قوافل التجار المارّة في الجوار، لأن الحصن كان يقطع الطريق من سوريا إلى مصر والحجاز، وفي أواخر سنة 1186 م وربما أوائل 1187 م ، شن رينو غارة (خلافا لشروط هدنة عقدت في 1180) على قافلة متجهة من القاهرة إلى دمشق ونهب بضائعها، وأسر أفرادها وزجهم في حصن الكرك، ويروى أن القافلة كانت لأخت صلاح الدين بالذات، فما كان من صلاح الدين إلا ان يطالب في الحال ملك القدس آنذاك غي دي لوزينيان بالتعويض عن الضرر والإفراج عن الأسرى ومحاسبة الناهب، ولكن الملك لم يجازف بمس تابعه القوي رينو، فكان قرار صلاح الدين هو إعلان الحرب على مملكة القدس، إلا إن مرض صلاح الدين أخر بدء القتال في تلك السنة.
وبعد المعركة، سرعان ما دخلت قوات صلاح الدين وأخوه الملك العادل المدن الساحلية كلها تقريبا جنوبي طرابلس، عكا، بيروت، صيدا، يافا، قيسارية، عسقلان. وقطع اتصالات مملكة القدس اللاتينية مع أوروبا، كذلك استولى على أهم قلاع الصليبيين جنوبي طبرية، ما عدا الكرك وكراك دي مونريال. وفي النصف الثاني من سبتمبر 1187 حاصرت قوات صلاح الدين القدس، ولم يكن بمقدور حاميتها الصغيرة أن تحميها من ضغط 60 ألف رجل. فاستسلمت بعد ستة أيام، وفي 2 أكتوبر 1187 م فتحت الأبواب وخفقت راية السلطان صلاح الدين الصفراء فوق القدس. في نوفمبر 1188 م إستسلمت حامية الكرك، وفي أبريل – مايو 1189 إستسلمت حامية كراك دي مونريال، وكان حصن بلفور آخر حصن يسقط، ومنذ ذلك الحين صار ما كان يعرف بمملكة القدس اللاتينية بمعظمها في يد صلاح الدين، ولم يبق للصليبيين سوى مدينتي صور وطرابلس، وبضعة إستحكامات وحصن كراك دي شيفاليه(قلعة الحصن)في شرق طرطوس.وقدأدى سقوط مملكة القدس إلى دعوة بابا روما إلى بدء التجهيز لحملة صليبية ثالثة والتي بدأت عام 1189م.
عامل صلاح الدين القدس وسكانها معاملة أرق وأخف بكثير مما عاملهم الغزاة الصليبيون، قبل ذلك بمئة عام تقريبا حيث قتل الصليبيون انداك كل اهالي القدس من رجال وكهول ونساء واطفال و 70000 تم قتلهم في ساحة المسجد الأقصى ، فلم تقع من صلاح الدين قساوة لا معنى لها ولا تدمير، ولكنه سمح بمغادرة القدس في غضون 40 يوما بعد دفع فدية مقدارها 10 دنانير ذهبية عن كل رجل، 5 دنانير ذهبية عن كل امرأة، ودينار واحد عن كل طفل، واظهر صلاح الدين تسامحًا كبيرًا مع فقراء الصليبيين الذين عجزوا عن دفع الجزية .
الرئيس السابق المستشار عدلي منصور :
نُصب رئيساً للمحكمة الدستورية العليا في يوم الثورة 30 يونيو 2013 , تلك الثورة التي إندلعت في كل انحاء مصر للمطالبة برحيل رئيس الجمهورية المنتخب (( محمد مرسي )) على أثر ذلك أعلنت القوات المسلحة المصرية بقيادة الفريق أول عبد الفتاح السيسي وزير الدفاع والإنتاج الحربي عن إنحياز الجيش المصري الكامل للشعب، وأعطى مهلة 48 ساعة لمؤسسة الرئاسة وكافة القوى السياسية لحل الأزمة. نتيجة لذلك، أصدر الرئيس محمد مرسي خطاباً على شاشة التليفزيون المصري يدعو فيه للتمسك بالشرعية الدستورية بإعتباره رئيس منتخب من قِبل الشعب، وعلى أساس هذا الخطاب أعلنت القوى والأحزاب المعارضة عدم رضاها عن خطاب مرسي الأخير وأنه يدعو لتعقيد الأزمة أكثر من حلها، وتصاعدت احتجاجات المعارضة ضده المطالبة بالرحيل .
أدى عدلي منصور اليمين كرئيس للمحكمة يوم 4 يوليو رغم أنه تم تعيينه يوم 30 يونيو 2013، عقب تأدية اليمين بدقائق، أدى يميناً آخر رئيساً لجمهورية مصر العربية في المحكمة الدستورية العليا. وبذلك صار الرئيس عدلي يحمل صلاحيات السلطات الثلاث “السلطة القضائية” كرئيس للمحكمة الدستورية و”السلطة التشريعية” بعد حل مجلس الشورى و”السلطة التنفيذية” كرئيس للجمهورية. وأصدر قراراً جمهورياً بتشكيل لجنة خبراء من 10 قانونيين بهدف تعديل الدستور. خلال فترة رئاسته، أصدر قراراً جمهورياً بتغيير يمين الطاعة الذي يؤديه أفراد القوات المسلحة مزيلاً منه عبارة “أن أكون مخلصاً لرئيس الجمهورية”. وأصدر في نوفمبر 2013 قانون للتظاهر يتيح لوزير الداخلية منع المظاهرة إذا كانت تشكل “تهديدا للأمن”. في 26 فبراير، 2014، أصدر قراراً جمهورياً يشترط موافقة المجلس الأعلى للقوات المسلحة على تعيين وزير الدفاع، وأن يكون هذا التعيين لفترتين رئاسيتين كاملتين. في 18 مايو، 2014، أصدر قرارًا برفع قيمة راتب الرئيس من 12 ألف جنيه إلى 21 ألف جنيه ومثل ذلك لبدل التمثيل، ما يجعل مخصصات الرئيس 42 ألف جنيه شهريًا؛ علمًا أن هذه الزيادة لا تطبق عليه لكن على الرئيس القادم. كذلك كان من آخر قراراته قانون احترام العلم الوطني والنشيد الوطني، وهو القانون رقم 41 لسنة 2014 المنشور في الجريدة الرسمية الوقائع المصرية.
المصدر : موسوعة ويكيبيديا
لقد كانت حكمة المستشار عدلي منصور طوق نجاة للعبور بمصر إلى برالأمان , فضلاً انه كان أب واخ وصديق للمصريين , دعا إلى تجديد الخطاب الديني , ورعاية الفنون الأداب والثقافة والفكر , كما دعا لإستكمال منظومة التنوير الحضاري والفكري .
لقد التقى الرجلان على قدر المسئولية في يوم واحد , تحررت القدس على أيدى صلاح الدين , وظلت مصر متماسكة في ظروف دقيقة بإدارة رجل حكيم القاضي والمستشار عدلي منصور .
الرجلان حاربا الإرهاب في الماضي من الصلبيين والإرهاب الذي حاول أن يغتال ثورتي 25 يناير و30 يونيو .
في بساط الرجلين أنثر الورود والزهور والعطور بأروع حروف وأجمل سطور