بقلم د محمد حسن كامل
بالأمس مرّت 101 سنة على وفاة ماسبيرو ولم تتذكره مصر …..!! ماسبيرو ذاكرة مصر بلا إسراف وبحقٍ وإنصافٍ .
التاريخ رئة الزمن شهيق الماضي وزفير اليوم
وإذا كان التاريخ هو تسجيل ووصف وتحليل الأحداث التي جرت في الماضي، على أسس علمية محايدة، للوصول إلى حقائق وقواعد تساعد على فهم الحاضر والتنبؤ بالمستقبل.
هكذا كان ماسبيرو شاهداً على العصر في تاريخ مصر .
أعزائي دعوني أبسط بساط التاريخ لنعرف من هو ماسبيرو ….حتى ندرك أهميته .
حينما ينطق اللسان اسم ماسبيرو تقفز صورة مبنى التليفزيون المصري الذي يٌقبل صفحة نيل مصر .
النيل أيضاً شاهدٌ على العصر
النيل ذاكرة الأمة
خير أمة
مصر التي ذُكرت في القرآن خمس مرات
دعونا نقلب في صفحات ذاكرة الإنسانية
ذاكرة التاريخ الإنساني أكثر عن ماسبيرو وجدنا ما لايعرفه الكثير من الناس عن هذا الاسم .
ماسبيرو رجل من دم ولحم قبل أن يكون مبنى للتليفزيون المصري .
إليكم حكاية ماسبيرو من وراء الكواليس.
الحكاية بدأت من باريس
عاصمة النور أو بلاد الجن والملائكة كما أطلقت عليها في يومياتي :
(( يوميات مهاجر في بلاد الجن والملائكة ))
ماسبيرو اسمه بالكامل (( جاستون كاميل شارل ماسبيرو )) من أشهر علماء المصريات الفرنسيين
وُلِد ماسبيرو في باريس في 23 يونيو 1846من أبوين إيطاليين هاجرا إلى فرنسا , ابن بار لعصر التنوير الذي بدأ في طليعة القرن الثامن عشر , كان مولعاً بدراسة التاريخ وكان مهتماً باللغة المصرية القديمة (( الهيروغلفية )) التي لم نعلم عنها شئ نحن المصريين , تلك اللغة التي تُدرس في المدارس الفرنسية التي ورثت عن شامبليون مفاتيح الحضارة المصرية القديمة .
ماسبيرو قام بترجمة نصوص هيروغلفية وهو في سن الرابعة عشر , اعتنى به عالم الأثار (( أوجست مارييت )) في سن مبكرة , إهتمام بالجيل الجديد جيل الغد , ماسبيرو اعتكف على دراسة وترجمة المخطوطات المصرية القديمة التي يزخر بها متحف اللوفر , وترجم النصوص الفرعونية التي نُقشت على المسلة المصرية في متحف اللوفر .
شغل أستاذ كرسي علم المصريات بـ (( الكوليج دي فرانس )) وكان أصغر العلماء فيها سنة 1874.
كان ماسبيرو يجيد اللغة العربية بجانب الهيروغلفية زار مصر بعد مرض
((مارييت )) مدير مصلحة الأثار المصرية التي أسس قواعدها في مصر .
أيام قليلة وتوفي (( مارييت )) وتولى ماسبيرو إدارة مصلحة الأثار وأمانة المتحف المصري ببولاق , كان عمره لم يتجاوز الرابعة والثلاثين من عمره .
أنشأ ماسبيرو المعهد الفرنسي للأثار في القاهرة , واهتم بدراسة كل اثار مصر سواء فرعونية أو قبطية أو إسلامية .
ماسبيرو الفرنساوي سن قانون لحماية الاثار المصرية من السرقة .
عام 1912 صدر قانون ينص على أن لا يسمح للأشخاص بالتنقيب ويقتصر التنقيب فقط على البعثات العلمية بعد الموافقة على مشروعها، ولم يصبح من حق الحفارين الحصول على نصف ما يعثرون عليه لكنهم يحصلون فقط على القطع التي لها مثيل مكرر بمتحف القاهرة، ولا يمنح القائم على الحفائر تأشيرة خروج من مصر إلا في حالة تركه الموقع الأثرى في صورة مُرضية، مما أثار عليه غيظ وحقد المهربون الأجانب وتجار الآثار، كما فرض مقابل لمشاهدة المناطق الآثرية لمواجهة النفقات التي يحتاجها للتنقيب وأعمال الصيانة.
حافظ الفرنسيون على أثار مصر بينما سرقها لصوص من المصريين
في العام 1881م قبض ماسبيرو على عائلة عبد الرسول وهم من أشهر تجار الآثار وأستطاع أجبارهم بعد التعذيب على الأعتراف بالسرقات وحصل منهم على معلومات عن أحد أهم أكتشافات ماسبيرو وهى خبيئة في الدير البحري عثر فيها على مومياوات الملوك سقنن رع وأحمس الأول وتحتمس الثالث وسيتي الأول ورمسيس الثاني وغيرهم.
توفى جاستون ماسبيرو في 30 يونيو عام 1916م ودفن في فرنسا، وقد أطلق اسم ماسبيرو في مصر على مبنى الأذاعة والتلفيزيون بالقاهرة تكريما لأعماله الجليلة ومساهماته في البحث والمحافظة على الآثار المصرية القديمة. وسجل وجوده في السينما المصرية في الفيلم الروائى الطويل الرائع المومياء للمخرج العبقرى شادي عبد السلام.
تم تشييد مبنى الإذاعة والتليفزيون (( ماسبيرو)) في عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر بقرار منه ببدء البناء في أغسطس عام 1959 م على أن يتم الانتهاء منه في 21 يوليو 1960م وذلك ليواكب الاحتفال بالعيد الثامن لثورة يوليو، وتم تخصيص ميزانية البناء حوالي 108 ألفاً من الجنيهات على مساحة حوالي 12 ألف متر مربع، وبالفعل كان تحدياً أن ينتهي البناء في هذا الوقت القصير، وتم بث الإرسال منه بالفعل في الميعاد المحدد.
ماسبيرو ذاكرة مصر , تزخر مكتبة ماسبيرو برائحة التاريخ الثقافي والفني والإبداعي والأدبي والسياسي بأعمال نفيسة لن تكرر من أئمة الفكر والإبداع العربي
لقد وُلد ماسبيرو في عصر التنوير , وقام بخدمات تنويرية للعالم كله وخاصة مصر
وجاء إفتتاح مبنى التليفزيون (( ماسبيرو )) ليواصل التنوير للعالم العربي كله , ليكون منارة تستقطب القاصي والداني .
لقد مرّ على ميلاد ماسبيرو 171 سنة الاسبوع الماضي يو 23 يونيو
وبالأمس فقط 30 يونيو 2017 مرّ على وفاته 101 سنة أي بدأ في القرن الثاني لوفاته , فضيحة كبرى أن لايتذكره ماسبيرو الأبن في مصر أقصد التليفزيون المصري الذي أصبح يُعاني الكثير والكثير في صحته وعافيته .
ماسبيرو كان رمزاً للتنوير والحافظ على الهوية الشخصية المصرية .
وكذلك مبنى ماسبيرو خزانة التاريخ المصري العريق .
كلاهما ماسبيرو الأب والأبن شهادة على العصر في ذاكرة مصر .