أول إنسانة علمتني أن أحب الراديو – أول إنسانة عشقت صوتها الجميل وتعلقت بها وبالقصص التي دوما تحتوي علي نصيحة .
أبلة فضيلة لم تكن مذيعة تقدم برنامج للأطفال وفقط , كانت أم , وكانت مدرسة , وكانت مؤسس لكل ما هو جميل في نفوسنا . أبلة فضيلة كنت أنتظرها كل صباح في الأجازة . وكل يوم جمعة أيام المدرسة .
كنت أستمع إليها قبل دخولي المدرسة عندما كنت في الحضانة , و كنت أشعر بالأطفال الذين معها , وأشعر كأني معها ومعهم , إنسانة صنعت فكر أجيال ورسخت قيم ومبادئ .
إنسانة صنعت أجيال متتالية طوال فترة عملها , كنت أبكي وأنا استمع لقصصها عن الحروب والمآسي وكنت أفرح عندما أجد في نبرتها الفرح , كانت توصل الشعور عبر صوتها , وكنت أشعر بالكلام وكأنه حقيقة وليس مجرد قصة في عقل شخص .
لازلت أستمع إلي أبلة فضيلة , وأستمريت أسمعها طول عمري منذ الطفولة وحتي وأنا في الجامعة وحتي وأنا أعمل . أبلة فضيلة لها صوت جميل شاب لا يتأثر بالزمن ., ولها روح حلوة , ولها شخصية تجذبك من خلف الميكرفون وحتي لو لم تراها , ولكنك تتعلق بها .
علمتنا أن قول الحق واجب , وأن الكذب والسرقة حرام , حكت لنا بأسلوب بسيط محبب كيف تكون الإنسانية وكيف يكون الإحترام وكيف يكون العطف والحنان والرحمة .
رحم الله أبلة فضيلة رحمة واسعة من عنده وأسكنها فسيح جناته , رحم الله المربية الفاضلة والمذيعة القديرة والإنسانة الجميلة . والمعلمة التي تركت بصمتها في كل من سمعها وأرست أخلاق ومبادئ مثلها مثل أي عالم من علماء الدين .