أحمد فايز
أم الرسول عليه الصلاة والسلام
السيدة آمنة بنت وهب هي والدة الرسول الأعظم محمد صلى الله عليه وسلم، نسبها هو آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب، ومنه فإن آمنة بنت وهب تنتسب إلى بني زهرة بن كلاب الذين يعتبرون أحد أهمّ بطون قبيلة قريش العربية التي تبوّأت مكانة عريقة في الجاهلية والإسلام على حد سواء، وقد كان أبوها سيد بني زهرة وهو وهب بن عبد مناف الذي كان يعتبر من أكثر رجال قريش وسادتها رفعة، ومكانة، وعزا،ً وشرفاً. ترعرعت السيدة آمنة بنت وهب في أسرة ذات مكانة عالية، عرفت بالأدب والشرف الرفيع الذي قل أن يصل أحد إليه، كما اشتهرت هذه السيدة
العظيمة بفصاحة اللسان، وحسن البيان، وشدة الذكاء والفطنة، وقد كانت في زمانها تعتبر السيدة الأولى في قريش من حيث المكانة والشرف الرفيع، وقد ترعرعت في كنف عمها وهيب بن عبد مناف.
نذر عبدا لله بن عبد المطلب
كان عبدا لله بن عبد المطلب من أجمل رجال قريش، ومن أعزهم نسباً ومكانة، فهو ابن سيد قريش عبدا لمطلب، وكان أبوه قد نذر نذراً أنّه إن رزق بعشرة أولاد فسوف يذبح أحدهم تقرّباً من الله تعالى، وبالفعل وهبه الله ما تمنّى، فاقترع قرعة حتى يعرف من سيذبح ليوفي بنذره، فأشارت القرعة على بد الله، فلم يستطع أبوه ذبحه، وعندما ظهر اسمه كادت النساء في قريش أن يقتلن أنفسهن من شدة ولعهن بيه لجماله وحسنه، وفي هذه الأثناء وصلت الأنباء لآمنة التي كانت تنتظر الأخبار في لهفة شديدة، وكلما كانت تعاد القرعة كان عبدا لله هو المختار للذبح، إلى أن أشاروا على عبدا لمطلب بفداء ابنه بعشرة من الإبل، وفعلاً أقيمت قرعة بين الإبل وبين عبدا لله ولكن القرعة لم تختر الإبل، فظلوا يزيدون في عددها إلى أن وصل عددها إلى المائة، فاقترعوا بين الإبل وبين عبدا لله فإذا بهيا تشير على الإبل، وبهذا فرح أهل قريش بهذا الخبر، وسرّت آمنة بنت وهب، وافتدي عبدا لله بمائة من الإبل، ومباشرة تقدم لخطبة آمنة بنت وهب، ففرحت بهذا الخبر فرحة العمر، وسُرّت بالغ السرور، وهنأتها نساء قريش اللواتي كن يقتتلن على عبدا لله، حتى وصل بهن الأمر إلى خطبة أنفسهن له، إلا أنّ عبدا لله أعرض عن كلّ نساء قريش واختار آمنة. في أول ليلة جمعت عبدا لله وآمنة معاً تحت سقف واحد رأت في منامها أنه قد خرج منها شعاع نور عمَّ أرجاء الدنيا كلها، حتى رأت القصور المشيدة في بصري الشام، وكان عبدا لله قد خرج في تجارة إلى بلاد الشام وتوفي في مدينة يثرب (المدينة المنورة لاحقاً) خلال رحلة له إلى بلاد الشام بغرض التجارة، وقد كانت وفاته أثناء حمل آمنة برسول الله الأعظم، حيث حزنت على فراقه حزناً كبيراً جداً. وبسبب الرؤى المتكررة التي كانت تراها عن المولود في أحشائها أيقنت هذه السيدة العظيمة أن الله تعالى إنّما أمهل عبدا لله أياماً قليلة حتى يحدث هذا الحمل بسيد العالمين، ولهذا علمت أنّها يجب أن تصارع لأجل البقاء على الرغم من شدة ولعها وحزنها بزوجها المتوفّى عبدا لله، وعندما ولدت آمنة بنت وهب سرت بيه أيّما سرور، وسمّته محمداً.
مكان موت أم الرسول عليه الصلاة والسلام
عندا بلغ محمد صلى الله عليه وسلم ستّ سنوات، وبعد أن غمرته بعطفها وحنانها، وبعد أن صار ناضجاً، أخذته وذهبت به إلى مدينة يثرب حيث يمكث أخوال أبيه هناك، وذلك حتى يشاهد قبر والده عبدا لله المدفون هناك، وكانت قد بغيث قرابة الشهر في تلك الديار قرب قبر زوجها وحبيبها، إلى أن مرضت وتوفّيت، وانهالت عيني رسول الله وهو ابن السادسة على هذا الفراق الحزين الأليم.
وفاة السيدة أمنة
توفيت السيدة العظيمة آمنة بنت وهب في منطقة الأنواء التي تبعد اليوم حوالي مئة وتسعين كيلو متر عن مدينة جدّة السعودية، وقد توفيت خلال عودتها من رحلتها إلى يثرب