بقلم د/ ميادة عبدالعال
المزايا النفسية الناشئة عن العقلية والعبقرية الخاصة بالشعب الذي ينتمي إليه الفرد فإن الهُوية ترتكز بالتالي على شعور غريزي بالانتماء إلى حد ما. وتعد الهُوية شرطاً ملازماً للفرد وتحدده بشكل ثابت ونهائي.
وهنا أيضاً تعرّف الهُوية الثقافية على أنها سابقة في وجودها على وجود الفرد، وتبرز الهُوية الثقافية ملازمة للثقافة الخاصة، وبالتالي فإننا نسعى إلى وضع قائمة بالخصائص الثقافية التي يمكن أن تشكّل حاملاً للهوية الجماعية، أي هويتها “الأساسية” الثابتة تقريباً.
هناك نظريات أخرى حول الهُوية الثقافية توصف بالنظريات “الأوّلية” وهي ترى أن الهُوية العرقية الثقافية هي هوية أولية “أساسية” لأن الانتماء للمجموعة العرقية هو أول الانتماءات الاجتماعية وأكثرها جوهرية، ففيها تنعقد أكثر الروابط تحديداً لأن الأمر يتعلق بروابط قائمة على السلالة المشتركة..
الثقافة اكتشاف الإنسان باعتبارها مكتسبة وليست وراثية أو غريزية ، وبالاستناد إلى ذلك لا يمكن أن نجد أية ثقافة لدى الحيوان لاعتماده على الغريزة، إذن الثقافة إنسانية الملامح، ولا مجال لقيام أيةِ ثقافةٍ دون الوجود الإنساني الذي ينمي هذه الثقافة ويكتسبها عن الغير من خلال تطور حياته الاجتماعية فناً وفكراً وسلوكاً .
كما إنها تنتقل من جيل لآخر، ومن مجتمع لآخر، من خلال العادات والتقاليد والقوانين والأعراف، وعملية النقل هذه تتم من خلال التعلم، مع إضافة كل جيل لما يكتسبه مما يطرأ على حياته من قيم ومبادئ وأفكار وسلوكيات جديدة نتيجة لتغير الظروف .
أن الهُوية تقال بالترادف للمعنى الذي يطلق على اسم الموجود وهي مشتقة من الهُو كما تشتق الإنسانية من الإنسان ” وهو بهذا بعود بنا إلى مفهوم الهُوية أو الذاتية في منطق أرسطو باعتبارها تماثل الشئ مع ذاته.
ولهذا نرى أن الهُوية هي الأمر المتعلق من حيث امتيازه عن الغير”، والامتياز هنا بمعنى الخصوصية والاختلاف لا بمعنى التفاضل، ولعل ابن خلدون قد استطاع أن يبرر هذا المعنى أكثر وضوحا بقوله في المقدمة “بكل شئ طبيعة تخصه”، وعلى هذا فانتفاء خصوصية الشئ هو انتفاء لوجوده ,فهوية الإنسان أو الثقافة.أو الحضارة، هي جوهرها وحقيقتها، ولما كان في كل شيء من الأشياء – إنساناً أو ثقافة أو حضارة – الثوابت والمتغيرات ..
فإن هوية الشيء هي ثوابته، التي تتجدد لا تتغير، تتجلى وتفصح عن ذاتها، دون أن تخلي مكانها لنقيضها، طالما بقيت الذات على قيد الحياة.والهُوية دائماً تجمع ثلاثة عناصر: العقيدة التي توفر رؤية للوجود، واللسان الذي يجري التعبير به، والتراث الثقافي الطويل المدى.
واللغة هي التي تلي الدين، كعامل يميز ثقافة شعب ما عن ثقافة شعب أخرى، ثم يأتي التاريخ وعناصر الثقافة المختلفة في صنع الهُوية.