الليلة الكبيرة لمولد سيدى أحمد الفولى بالمنيا :
متابعة / مجدي بكر أبو عيطا:
احتشد أبناء الطرق الصوفية من مختلف محافظات مصر، في ساحة سيدي أحمد الفولي، للمشاركة في الليلة الختامية، لدرجة كانت تعوق السير حول المولد
بدأت الليلة الختامية، بتلاوة القرآن الكريم، والأناشيد الدينية، والابتهالات، وتجمع الزائرون في خيام الخدمات، التي أقيمت بداية من الليلة الأولى لمولد سيدي أحمد الفولي، نساء ورجال وأطفال ليشاركوا في إحياء الليلة الختامية، والتي تقام في مثل هذا اليوم من كل عام.
وتزينت مأذنة المسجد بالأنوار والزينات، للتعبير عن الفرحة العارمة التي تخيم على أبناء المنيا عامة والطريق الصوفية خاصة، من كل مكان بمحافظة المنيا.
وحرص الأهالي على إحياء الليلة الختامية التي سيحييها الشيخ ياسين التهامي، وغيره من المنشدين، والتي ستستمر حتى الساعات الأولى من صباح اليوم التالي.
طرق صوفية متعددة ما بين الأحمدية والشاذلية والبيومية والرفاعية، اجتمعت بسبب حب آل البيت والأولياء وخدمتهم طوال فترة الاحتفالات، وما بين الخيام المنصوبة والمسجد المقام لسيدى أحمد الفولى، تجد بائعى الفول والحمص ولعب الأطفال والهدايا للنساء وللأطفال، كما تنظم مديرية الأوقاف لقاءات داخل المسجد، بحضور التنفيذيين وقادة المديريات للمشاركة فى إحياء ذكرى الإسراء والمعراج ومولد سيدى أحمد
الفولى بمدينة المنيا
سبعة وخمسون عاما عاشها ابن الحسنين في مدينة المنيا .. استمر بشبابه وبياض وجهه وقصر قامته حتى ابيضت لحيته على ضفاف نيل مدينة المنيا في زاوية بناها على شطه الغربي .. لينقل معارفه وعلوم الأزهر الشريف إلى محبيه و طلاب العلم .
عندما خرج والده محمد بن علي من اليمن راحلا إلى مصر.. فقد أقام رحمة الله عليه بالقاهرة وتزوج الشريفة فاطمة بنت العالم الشيخ حسن الطحان عام 988 هـ.. ورزقه الله منها في ليلة الثامن والعشرون من رجب عام 990 بمولود أبيض جميل أسماه علي .. وأراد الله أن يتواكب مولده الكريم مع ليلة الإسراء والمعراج.
وبدأ سيدي علي من هذه الليلة يخطو خطوات طفولته الأولى في بيت سادة علماء .. لينشأ مستمعا لعلوم ومعارف آباءه .. ليظل كذلك في بيته متأدبا متعلما حتى ألحقه والدة بالأزهر الشريف .
في الأزهر الشريف نال عناية مشايخه .. وكما قرأت فقد تفقه فضيلته المذهب الشافعي على يد الشيخ أبى بكر الشنواني الشافعي .. واستكمل تلقي العلوم و المعارف عل يد شيخه العالم سالم السنهوري.. والشيخ سالم السنهوري كما أعلم هو أحد تلامذة أعظم أئمة عصره الإمام عبد السلام الأسمر حفيد الإمام الحسن عليه السلام .
و بعلومه ومعارفه توجه سيدي علي الفولي ناحية التصوف مريدا في طريقة شيخه العالم المربي محمد بن يحي الجرسكي المعروف بالشيخ الترجمان .. وظل بين يديه يتلقي العلم حتى توفي شيخه الترجمان فتولى فضيلته التدريس بجامع اسكندر باشا بباب الخلق وعمره خمسة عشر عاما .
وظل سيدي علي معلما في مسجد اسكندر باشا حتى طلبه الأزهر الشريف للتدريس فيه .. فعمل بالأزهر أستاذا .. واشتهر وجذب إليه كثير من الخلق و طلاب العلم الوافدين على القاهرة خاصة من أبناء الصعيد .. وظل كذلك أستاذا مشهورا بالأزهر الشريف حتى توفي والده عام 1008هجرية.
بعد وفاة والده استمر فضيلته في التدريس حتى قرر الانتقال إلى مدينة المنيا .. فكان أكثر تلامذته وافدين من الصعيد.. ففضل الإمام علي أن ينتقل هو إليهم .. فأقام زاوية بناها على شط نيل المنيا الغربي عام 1010هـ .. فعُرف وذاع صيته في المنيا واشتهر سيادته بالفولي .. فكان يعمل في تجارة الفول .. وتزوج من المنيا ورزقه الله بمولود أسماه أحمد ..
بدأت سنوات أحمد الأولى مع أبيه وسط جلسات العلم وحلقات الذكر المنقولة من شيخه السنهوري عن الإمام الأعظم عبد السلام الأسمر .. واستمر أحمد مع والده الشيخ علي في مدارسة العلم والاطلاع على تفسير والده آيات كتاب الله وقراءة مؤلفاته وأشهرها كتابه تحفة الأكياس في حسن الظن بالناس .. وتوالت سنواته وأيامه مع أبيه سيدي علي حتى يوم السبت 15 جماد الثاني سنة 1067 هـ .. ففيه توفي والده الشيخ علي الفولي ودفن بالزاوية التي بناها على شط النيل .
تولى الشيخ أحمد أمر زاوية والده سيدي علي ورعايتها .. واستمر حياته في استقبال وخدمة الزائرين حتى عرفت بزاوية أحمد الفولى .. وظلت الزاوية عشرات السنين من بعد وفاته معروفة بهذا الاسم وحتى عام 1290 هجري .. ففي ذلك العام عطب يخت الخديوي إسماعيل أثناء توجهه إلى مدينة الأقصر .. وتوقف أمام زاوية سيدي أحمد الفولي دون إصلاح .. فنزل الخديوي وزار المقام .. وتم أصلاح اليخت .. فأوقف عليه مائة فدان وأمر ببناء جامع وضريح يليق بمقامه الكريم .. وكلف السيد عبد الحميد عبد الحق برعاية أمر الخديوي .. فتم بناء الجامع والضريح على الطراز الأندلسي.. وعرف بجامع سيدي أحمد الفولي .. وفي احتفال رائع مهيب عام 1365هجرية نقل إليه جثمان الإمام الفولي حفيد رسول الله لتشرف به للآن مدينة المنيا.