بقلم : على الصاوى
تدور علينا الدوائر وتعصف بنا المصائب وتشتد علينا المحن ونرى من أهوال الحياه ما يجعل الحليم حيرانا والعاقل سكرانا، يلاحقنا الخوف أينما ذهبنا وارتحلنا ينمو كل يوم بداخلنا حتى استوطن فى نفوسنا يستمد وجوده من خلال حوادث الزمن وشرر الإرهاب الأسود والظلم والقمع حتى تهيأت له التربة لتنموا جذوره وتترعرع أوراقه لتحجب بوارق النور وسمش الدفء والأمان فى حياتنا ،ومع كل ما نعيشه من أزمات ونكبات يظل الأمل معقود فى نواصى أحلامنا، نحمله معنا فى كل مكان نستمد منه الرجاء والبقاء والقدرة على مواصلة الحياه، فلولا الأمل ما تهنى أحد بعيش ولا طابت نفسه أن يشرع فى أى عمل من أعمال الدنيا، فمن دونه لا طعم ولا رغبه فى الحياة
آلام الوطن هى ألامنا تحذ فينا وتترك جراح غائره بداخلنا لا تلتئم عبر مرور الزمن ،فالوطن هو الحضن الدافء الذى يحنوا علينا دون كلل أو ملل ، نستظل بسماءه الظليلة وأرضه الذليلة وفى خيراته منعمين وفى سلوى نعمه مترفين دون أن يطلب منا أجرا غير قلب حنون، يرأف بحاله ويكف عن هدمه وإفساده بعدما شاخ وأصبح على شفا جرف هار من الدمار والإندثار، فليس بعض ضياع الوطن من عوض ، فهلا رفقنا به وراعينا حقه؟؟
فماذا قدمنا للوطن ؟؟ فعلى قدر ما حبانا من نعم، لم يجنى منا سوى النقم، نغتاله دون رحمه!! يصرخ فى صمت ولا أحد يسمعه، ينادى علينا من مكان بعيد أغيثو ما تبقى منى، فقد تحولت الى بقايا وطن !! وهو يصرخ ولا أحد يستجيب ، فما أشد محنتنا وطول غبرتنا فى ظلمات التشرد والضياع ، هانت علينا الأوطان ففقدنا الحب والأمان، وضاقت بنا السبل ولم نجنى غير الخسران، فمن يداوى الوطن ؟؟ من يصلح ما تلفه العابثون المغرضون ؟؟ من تاجروا به فهبطت قيمته بين الأوطان، فهل بعد الوطن قيمه نعلى من شأنها ونحافظ عليها ، وهل يرخص سعر الإنسان وتضيع كرامته فى سوق الأمم إلا بعد ضياع وطنه ، لم أجد ما أوفيك به قدرك يا وطنى ،فقد باعوك بثمن بخس وقبضوا الربح خسة ودناءه، فمن باع وطنه خسر ولو امتلك ملئ الأرض ذهبا .
سوف أكتب حكايتك يا وطنى ليعلم السابقون واللاحقون كم عانيت وكم ضحيت من أجل أبناءك ليعيشوا كراما ، وهم لم يبذلوا يوما ما يجعلك عزيزاً مهابا، سأكتب عن ثورات كنت أنت ملهمها ووقود حماسها لتهدم فساد أبناءك لكن سرعان ما انتكست وهب عليها لصوص الظلام يقتسموا غنائمها ويشوهوا سيرتها ، سأكتب كم عانيت وبكيت وكم تماسكت وعن السقوط أبيت.
وفى النهاية سأكتب ما كان يردده الجندى فى وسط الحرب ليشعل حماسه ويستمد القوة والجلد على القتال ويدرك قيمة وطنه .
كان يقول
إذا فقد الجندى ساقيه فى الحرب
يستطيع معانقة الأصدقاء
إذا فقد يديه يستطيع الرقص بالأفراح
وإذا فقد عينيه يستطيع سماع موسيقى الوطن
وإذا فقد سمعه يستطيع التمتع برؤية الأحبه
وإذا فقد الإنسان كل شيء
يستطيع الإستلقاء على أرض الوطن
لكن إذا فقد أرض وطنه فماذا بمقدروة أن يفعل