بقلم : على الصاوى
إنه من سليمان “وإنه بسم الله الرحمن الرحيم “
أنا سلطان البحر الأبيض و البحر الأسود و البحر الأحمر و الأناضول و الروملي و قرمان الروم وولاية ذي القدرية وديار بكر و كردستان و أذربيجان و العجم و الشام و مصر و مكة و المدينة و القدس، وجميع ديار العرب والعجم وبلاد المجر والقيصر وبلاد أخري كثيرة إفتتحتها يد جلالتي بسيف الظفر ولله الحمد.
أنا السلطان سليمان إبن السلطان سليم إبن السلطان بايزيد
إلى فرنسيس ملك ولاية فرنسا، وبعد،
وصل الى أعتاب ملجأ السلاطين المكتوب الذي أرسلتموه مع تابعكم ( فرانقبان ) ، وأعلمنا أن عدوكم إستولى على بلادكم ، وأنكم الآن محبوسون ، وتستدعون من هذا الجانب مدد العناية بخصوص خلاصكم ، وكل ما قلتموه عرض على أعتاب سريرة سدتنا الملكية ، وأحاط به علمي الشريف على وجه التفصيل ، فصار بتمامه معلوما. فلا عجب من حبس الملوك وضيقهم ، فكن منشرح الصدر ، و لا تكن مشغول الخاطر، فإننا فاتحون البلاد الصعبة والقلاع المحصنّة وهازمون أعدائنا ، وإن خيولنا ليلا ونهارا مسروجة وسيوفنا مسلولة، فالحقّ سبحانه وتعالى ييسر الخير بإرادته ومشيئته ،وأما باقي الأحوال والأخبار تفهمونها من تابعكم المذكور ، فليكن معلومكم هذا.
تلك كانت رساله إستغاثه من ملك فرنسا فرانسيس الأول إلى السلطان العثمانى “سليمان القانوني ” عندما وقع أسيراً فى يد الأسبان بعدما غزو بلاده ، طالبا فيها النجاه والخلاص من الأسر.
منذ ست سنوات أراد رئيس فرنسا “ساركوزى ” أن يزور تركيا بصفته رئيس مجموعة العشرين التى تنتمى لها كل من فرنسا وتركيا ، وليس بصفته رئيس دولة فرنسا، وكان أردوغان وقتها رئيس الوزراء التركى، فشعر أردوغان بالإهانة من هذه الطريقة التى جاء بها ساركوزى زائرا بلاده ، فما كان منه إلا أن أخرج هذه الرسالة من الأرشيف العثمانى وعرضها عليه كى يعرف حجمه الطبيعى ومدى حجم الدوله التى وطأت قدمه فيها ، مذكرا إياه بتاريخ كان أجداده فيه ساده وقاده لكل الدول .
وما زالت الأحداث تتوالى وتتلاحق فالأيام حبلى بكثير من المواقف التى تلد لنا كل عجيب، وتخرج لنا الحقد المتجزر فى نفوس هؤلاء تجاه كل ما هو إسلامى ، وهذا ما بدا واضحا من تصرف هولندا التى تدعى الديمقراطية وحرية الرأي ، فما قامت به تجاه تركيا ومنع مسئوليها بلقاء الجاليه التركيه بخصوص الإستفتاء القادم على الدستور يذكرني بما قاله المؤرخ والفيلسوف أرنولد جوزيف توينبي عن الحضارات: “إن ميل أزهى الحضارات إلى البربرية يعادل ميل الحديد اللامع للصدأ” وهذا ما ينطبق على هولندا وأوربا بشكل عام فما قاموا به من بلطجة دبلوماسيه وإرهاب لا يمت للحرية لا من قريب ولا من بعيد، وهذا بدوره يضع كثير من علامات الإستفهام تجاه سياسية الغرب، التى لطالما صدع رؤوسنا بها، أنهم رائدى الحريه ونشر الديمقراطية ودعمها فى كل أنحاء العالم ، وهم فى الحقيقه أعداء الديمقراطية وأول من يقمعوها بخططهم الخبيثه وعملائهم الخونه ، والأحداث الأخيره دليل دامغ وشاهد على ذلك.
خرج أردوغان فى خطابه ووصف ما فعلته هولندا وألمانيا وغيرهم بالنازيه والفاشيه السياسيه، وأنهم لا يحترمون أى حقوق قوميه أو إرادة جماهيرية، ويزعجهم تقدم تركيا اللافت لكل العالم، فبعد أن غربت شمس الخلاقة منذ مائة عام عادت إلينا فى ثوب جديد وبزغ النجم التركى يحلق فى آفاق الرقى والتقدم، وهذا ما تخشاه أوروبا لأنها تدرك مدى خطورة تغيير الدستور وتداعياته السلبية عليهم، فهم من وضعوه قديما بالتعاون مع الهالك أتاتورك كى تنسلخ تركيا من هويتها تدريجيا وتكون تابعه للمعسكر الغربى قلبا وقالباً، لكن بعد أن خاب ظنهم وفشل مسعاهم رجعت تركيا مره أخرى لتتحدى العالم وتنهض من كبوتها لتؤكد أن العالم ليس قطبين فقط ، بل هناك قطب ثالث إسلامى ينمو ويتمدد، كما قال الفيلسوف أحمد داود أوغلو رئيس الوزراء الأسبق عام 2009 ” إنهم يقولون عنا العثمانيون الجدد، نعم نحن العثمانيون الجدد “
لقد ضرب أردوغان بذلك نموذج فريد للقائد المسلم الذى يعتز بدينه وتاريخه وهذا هو شأن الرجال الذين لا تكسرهم محن ولا تهزهم تصريحات ولا تنال منه حمالات ، وهو بذلك يقف فى وجه الأعداء كالبنيان الشامخ لا يطاوله بناء ، فعرف قدره وقدر أمته وتاريخها العريق المليئ بالإنتصارات، وأنها كانت يوما قائده لكل هؤلاء الشراذم الذين يتطاولون عليها، وينهشون فى جسدها بغية تمزيقها شر ممزق مستغلين لحظه الضعف التى تمر بها الأمه ، لتخلوا الساحه لهم ليكونوا هم السادة والقادة، ليت حكامنا العرب يملكون ما يملكه هذا الرجل من الكرامه الوطنيه والمواجهه بعز وكبرياء
تأبى الرماح إذا اجتمعن تكسرا وإذا افترقن تكسرت آحادا
حين حوصر سليمان شاه جد العثمانيين من قبل المغول من الشرق والصليبيين من الغرب قال “إن ثقتنا بالله كبيرة، وهؤلاء لن يغلبوا الله، والله تعالى سبحانه وتعالى معنا”. وبالفعل انتصر العثمانيون على العدويين مجتمعين في ذلك الوقت.
أن الأتراك ليسو لقمة سائغة فلديهم الكثير من أوراق الضغط في أوربا والعالم
“يمكرون ويمكر الله والله هي الماكرين”