مقال بقلم : ياسر عامر
yasser.amer.98892@facebook.com face bookk:
من اكثر المشاهد المؤلمه والمزعجه جدا بالنسبة لي، والتي اوصلتني لحالة غريبه كأني فرقة موسيقيه أو كورال عيني تدمع وجسدي يهتز وشعري ينتصب وفمي يصدر سميمفونيه من الأنين المكتوم كأنها فرقة ترتدي السواد تعزف سيمفوينة جنائزية في حفل تأبين ميت، رغم أني عادة قليلا ما ادمع أمام مشاهد في أفلام حيث أني لا استطيع الإندماج بحكم كوني كاتب، فالطاهي لا يستمتع بطعم طعام لأنه يعرف كيف تم طهيه.
ومع ذلك تأثرت بهذا المشهد الحاد جدا والحوار القليل في كلماته والغزير في تأثيره وألامه وجراحه، هذا المشهد الذي تخطي في تاثيره اكثر مشاهد أفلام الرعب حدة مهما بلغت من رعب فلا فرانكشتاين ولا مصاصي الدماء ولا الزمبي ولا سلسلة أفلام المنشار لهم تأثير هذا المشهد في الفيلم المصري ” الخطايا” عندما تلقي عبد الحليم حافظ صفعة مدويه على خده اليمن من عماد حمدي الذي حتى تلك اللحظة كان يعتقد أنه والده صائحا بكل جبروتوقسوة يحسد عليها وحدة غير معهودة ” إنت مالكش حقوق عندي إنت لقيط، عارف يعني إيه لقيط” وطرد أدم من الجنه بدون أن يذق طعم التفاحه الملعونه … كلمة هزت كياني ان يصبح الأنسان فجأة لقيطا غير معروف الأب والأم وأن ” من يحنو عليه” يصبح هو أكثر إنسان يقسو عليه ويقف أمام حقيقته المزرية المخجله لماضيه وحاضره ومستقبله،يحتقر نفسه ويعتبر أن أبسط حقوقه كانسان ما هي الا عطايا وهبة يعطيها له من يحنو عليه فيجد نفسه فجأة بلا يد حانيه فلا يجد من يحنو عليه، ويمد له يد العون، نعم صدمة كبري وفاجعة كبيرة يا لها من فاجعة، أن تصحو من غفلتك الطويلة فتجد أن من تعتقد أنهم أهلك ليسوا بأهلك وان من فوضته أمرك هو أول من يقسو عليك، وبدلا من ان يرعاك ويحميك ويعطيك حقوقك يسفه أحلامك ويعريك امام نفسك ويذكرك بحقيقتك أنك “لقيط” وما كان يعطي لك ما هو الا من قبيل العطف والإحسان، ما أكبرها صدمة التي يحسها شعب يتلقي صدمة كبيرة محقرين إياه مشيرين اليه بانه لقيط ليس له حقوق، ما أكثرها صدمة ان تجد نفسك بلا هوية بلا حقوق ان يتحول حلمك وطموحاتك إلي أوهام، ان تعطي لك كسرة خبز يصحبها من واذي ان تعامل كلقيط كشحاذ عالة على المجتمع، أن يتحول فجأة من كنت تعتقد أنهم يسهرون على راحتك إلى حراس لكراسيهم ومناصبهم، وتتحول سنون رماحهم الي ظهرك بدلا من ان تتحول الي ظهر عدوك، وتتحول أنت نفسك الي العدو والمتآمرفتتلقي صفعات على وجهك، مرددين انت” لقيط” لا حقوق لك فتكون السلطة هي من يعطيك الصفعات ويتحول بعض رجال الدين الي نصحك وارشادك بان ترضي بحالك وتحمد ربك انك عايش فيالها من صدمة ويالها من فضيحه ويالها من سحب سجادة الامن والأمان، او كأنها بمثابة تجريدك من ملابسك فتقف عاريا في ليالي البرد القارص ثم ياتيك وسط ابواق اعلاميه مرتزقه من يعطيك كسرة خبز لا تسد جوعك وحبل من مسد لا يخفي عورتك وقطعة من خيش لا تكاد تدفء اصبعك وما عليك الا ان تشكر وتصمت فانت لقيط لا حق لك. فجفت الدموع وإعتدنا على الآلم.