الدكتور عادل عامر
أن شركات قطاع الأعمال ظلت ومازالت تقوم بدور وطني في التنمية الاقتصادية الاجتماعية مما يستلزم الأمر ضرورة التحرك الفوري لتنفيذ إصلاحات اقتصادية في هذه الشركات. أن إصلاح هذه الشركات يحتاج إلي إصلاح إداري باستخدام فكر وفلسفة القطاع الخاص في أسلوب الإدارة بالإضافة إلي مواجهة الفساد.
أن القطاع العام يساهم بأكثر من 15% من الناتج القومي ويعمل به ما يزيد علي 235 ألف عامل ويبلغ رأسماله 132 مليار جنيه في 8 شركات قابضة تضم 125 شركة وأجور عمالة 13 مليار جنيه. وتعاني الشركات الخاسرة من خسائر سنوية 6 مليارات جنيه وتبلغ ديونها 5 مليارات بخلاف 11 مليار جنيه التزامات طويلة الأجل.
إن الخصائص الرئيسية للوضع الإقتصادى في الدول العربية ، سيطرة القطاع والتنمية،ه الدول على نسبة عالية من الأنشطة الاقتصادية ، وتغلغله في كل نواحي الحياة الاقتصادية بشكل مباشر أو غير مباشر . وجاءت هذه الهيمنة عن طـريق امتلاك الدولة لعناصر الإنتاج ، عن طريق التأميم وقيـام مشاريع اقتصادية عـامة .
وأصبحـت بذلك معظـم الأنشطة الاقتصادية في يـد الـدولة ( الصناعة ، المصارف ، التجارة الداخلية والخارجية ، المقاولات ، المرافق العامة، النقل والمواصلات وغيرها) ، وتراجع دور القطاع الخاص ، بل كاد أن ينعدم خلال فترات معينة ، وحل التخطيط المركزي محل نظام السوق ، كقوة فاعلة في تخصيص الموارد . كان من المفروض أن يسهم القطاع العام إسهاماً إيجابياً في عملية النمو والتنمية ، غير أن التجربة خلال السنوات الماضية تشير إلى أن الأداء كان دون المستوى المطلوب .
وباستخدام المؤشرات العامة لقياس درجة الكفاءة ، مثل مقدار الأرباح والخسائر ، عجز الميزانية العامة ، نسبة العائد على رأس المال المستثمر ، قدرة الدولة التنافسية في الأسواق الخارجية ، وغيرها ، فيلاحظ ، أن النتائج بصفة عامة غير مرضية ، فمعظم المشاريع العامة تعانى من خسائر متوالية ، وتدنى العائد والإنتاجية بها ، كما أن نسبة عالية من طاقتها الإنتاجية معطلة وتعتبر عدم كفاءة معظم مؤسسات القطاع العام السبب الأساسي في تنامي الدين العام . وفى أغلب الأحيان ، لم تراع قراراته اعتبارات الكفاءة والإنتاجية.
شهد الاقتصاد المصري في الشهور الأخيرة الكثير من المتغيرات، كان لها أعراض جانبية واضحة على الاقتصاد المصري بالإيجاب، وكذلك بالسلب، واكتسبت تلك المتغيرات أهميتها من انعكاسها الشامل على جوانب الاقتصاد، أضف لذلك باقي شروط صندوق النقد الدولي مثل خفض عجز الموازنة، الذي يعد أحد أهم مصارف قرض صندوق النقد الدولي أو بمعني أدق أحد مسببات اللجوء للقرض، الذي قدر في موازنة عام 2016/2017 بـ 9.8% من الناتج المحلي الإجمالي أي بنحو 319.5 مليار جنية. وخلال الفترة المتبقية من العام المالي الحالي من المفترض أن تستكمل مصر استلام الدفعة الأولي من قرض صندوق النقد الدولي المقدرة بـ 4 مليار دولار. أن السياسات الحالية قد كان لها العديد من الآثار الجانبية التي قد يتحقق منها خسائر والمزيد من الالتزامات على الدولة- السيناريو الأول – يمكن تجنبها بإتباع السيناريو الثاني، أما بخصوص السيناريو الثالث فهو مقترح منفصل بسياسات لم تتخذ حتى الآن يمكنها تجنيب الاقتصاد المزيد من العواقب والخسائر في المستقبل بل وتحقيق التنمية المستدامة في الأجل المتوسط والطويل وخلق واقع جديد أفضل نأمله جميعاً.
ضرورة إعادة النظر في فرض ضرائب على الأرباح قصيرة الأجل في البورصة وإعفاء المستثمر الذي يحتفظ بالسهم لمدة عام، منعًا للمضاربة وضرورة تطوير الضرائب التصاعدية على الدخل بإدخال شرائح جديدة ورفع سقفها عن الحد الأقصى المعمول به حاليًا وهو 22. 5%، بما يتوافق مع الاتجاهات العالمية ودراسة إدخال ضرائب جديدة، مثل ضريبة الثروة والنظر في إمكان العمل بضرائب التركات ورسم الأيلولة.
وإعادة النظر في خفض أسعار الوقود مع تطبيق الكروت الذكية وإعادة النظر في أسعار الغاز المورد للمصانع وحائزي السيارات العاملة بالغاز للركاب والبضائع. مع ترشيد الواردات بما يضمن تحفيز الصناعات المخصصة لإنتاج سلع بديلة للواردات ووضع ترتيبات مناسبة لانتظام الجهاز الإنتاجي في الصناعة من خلال ضمان توريد مستلزمات الإنتاج والآلات والمعدات والنظر في غرض رسوم إغراق ورسوم حماية من فيضان السلع الأجنبية لما يتفق مع قواعد منظمة التجارة العالمية لصالح الإنتاج المحلى وفق أولويات محددة للسياسة التنموية والتصنيعية..
وفى إطار سياسة نمو الناتج المحلى الإجمالي و ضرورة إعادة تأهيل قطاعات الزراعة والخدمات التكنولوجية والصناعات التحويلية كمصدر للنمو والتشغيل، بالإضافة إلى توفير الائتمان بفائدة تفاضلية للقطاعات ذات الأهمية الإستراتيجية وتفعيل مبادرة البنك المركزي لتشجيع المشروعات الصغيرة والمتوسطة ومنح قروض بأسعار فائدة مخفضة بنحو 50٪.تعد أزمة نقص السيولة والركود في الأسواق أحد أهم مظاهر الأزمة وأشدها. تأثيرًا على الاقتصاد الرأسمالي. وعادة ما يرتبط نقص السيولة بزيادة حالة الركود في الأسواق، فالنقص الحاد في السيولة والانكماش الحاد في حركة التداول في الأسواق هما وجهان لعملة واحدة.
ويحاول الكثيرون من الاقتصاديين البرجوازيين للنظام المصري إيهامنا بأن الأزمة ظهرت خلال العامين الماضيين فقط، لكن الحقيقة التي تطل حتى من البيانات الرسمية، أن مشكلة نقص السيولة والركود بدأت مع بداية عملية التكيف الهيكلي (الإصلاح الاقتصادي) وبرنامج الخصخصة الذي بدأت الحكومة في تنفيذه منذ عام 1991 تضمن البرنامج ضغط الإنفاق الحكومي، كما شمل عدة تغيرات اقتصادية أخرى مثل تحرير سعر الصرف وطرح جزء كبير من أسهم شركات القطاع العام في سوق الأوراق المالية بالإضافة إلى تطبيق نظام المعاش المبكر على عدد كبير من العاملين في شركات ومصانع قطاع الأعمال العام.
لم يكن من المنطقي أن تتخذ الحكومة المصرية خطوة التحرير الكامل لسعر الصرف، إلا بعد اتخاذ حزمة من الخطوات والإجراءات لكي تخفف من تأثيراتها السلبية.حيث كان يتعين عليها القيام بما يلي:-
1- إقرار آلية واضحة وفعالة لكبح جماح موجة ارتفاع الأسعار، ومواجهة حالة التضخم المرتقبة.
2- تعديل هيكل ومعدلات الأجور الحالية في ظل موجة ارتفاع الملحوظ في أسعار السلع والخدمات الرئيسية.بما في ذلك من أصدرا قراراً نافذاً بوضع حد أدني وأقصي للأجور مع الأخذ في الاعتبار الزيادات السابقة.
3- وضع إستراتجية واضحة المعالم لاستقطاب مزيد من تدفقات النقد الأجنبي إلى مصر، علاوة على تضمينها سبل توظيف تلك التدفقات لصالح عمليات التنمية الشاملة، وزيادة أصولها الإنتاجية، وكذلك لتوزيعها وفقاً لمعايير العدالة على كافة فئات المجتمع.
وختاماً، فيمكن القول أن قرار تعويم سعر صرف الجنيه مقابل العملات الأجنبية يظل غير منتجاً لأي آثار إيجابية على أزمة النقد الأجنبي، طالما ظلت الأسباب الموضوعية بخاصة تدهور الأوضاع الأمنية، وغياب التوافق السياسي قائمة، والتي تؤثر بشكل مباشر على تراجع إيرادات مصر من النقد الأجنبي.
وقد أثبت التاريخ القريب أن الغلبة تكون للمصالح الفردية التي تقود الرأسمالية البيروقراطية إلي التحلل إلي رأسمالية خاصة، وهو ما يحدث تدريجيا في مصر منذ عهد الرئيس السادات وحتى الآن. وبالتالي فإن الرافد البيروقراطي الفاسد يشكل جزءا مهما من الطبقة الرأسمالية التقليدية الراهنة في مصر، فضلا عن أن الرأسمالية البيروقراطية نفسها ما زالت موجودة في صورتها الأصلية، وتهيمن بالفعل علي ما تبقي من القطاع العام بعد بيع جانب كبير منه، في عمليات انطوت علي درجة مروعة من الفساد وإهدار الأصول العامة التي هي ملك للشعب. وللعلم فإن الرأسمالية البيروقراطية هي واحدة من أفسد الأنماط الرأسمالية التي يمكن أن يبتلي بها أي شعب، خاصة إذا كان محكوما بنظام غير ديمقراطي لا يوفر رقابة شعبية حقيقية علي هذه الرأسمالية البيروقراطية.