كتب هشام صلاح
استوقفنى هذى الصغيرة السن والبنية بفصاحة لسانها وسلاسة حديثها مع جميل أسلوبها كل ذلك مصحوبا بنظرة حزن تكحلت بها عيناها البريئتان ،
لم أتمالك نفسى ولم استطع منعها فسألتها عن سر هذى النظرة فأذهلتنى حين قالت :
* سيدى : أنا أحفظ القرآن وكذا عدد من أحاديث الرسول الكريم وبعض من ألوان الشعر
عاجلتها بقولى : هانم فى أى سنة دراسية أنت وكم عمرك ؟
* ردت بثقة المتمكن الذى يملك كل أدوات البيان : سيدى ليست المعرفة بالعمروالسن فرب راشد أو كبير فى السن لايملك من صنوف المعرفة والحياة إلا القليل ، ورب صغير قد وهبه الله من فصاحة اللسان ورحابة العقل والفكر مالا يملكها غيره
أعدت عليها السؤال : ابنتى هانم ما سر نظرة الحزن التى تغلف عينيك وأنت تجاهدين بإخفائها خلف ملامح وجهك البهية وابتسامتك العذبة الرقراقة
* فأجابت : سيدى طالعت منذ أيام حفل تكريم الموهوبين من خلال مسابقة ” أمهر عازف ولحن ” والتى أشرف عليها تعيم الجيزة تحت رعاية السيد وكيل الوزارة وكم كانت سعادتى بتكريم زملائى من الموهوبين ثم تذكرت من هم مثلى من حفظة القرآن ومحبى لغتنا العربية وعدم اكتراث أحد بهم فغلبنى الحزن وصارعت نفسى نوازعها لكننى استعذت بالله من الشيطان وتذكرت تكريم الله تعالى لأهل القرآن فى الدنيا والآخرة ” فهان الأمر على “
– حاولت أن أخرجها مما هى فيه فداعبتها قائلا : هانم أنت تسبقين سنك فكيف يلحق بك السن ؟
* فردت وقد تبدلت أساريرها من هم وحزن إلى غبطة وسرور فردت قائلة :
سيدى العاقل فى هذه الحياة من يستغل كل سنة يعيشها ليضيف إليها الجديد فحياة الإنسان بل معرفة كمن يعيش فى قبر مظلم وحياتنا إما طاقة نورلأنفسنا وغيرنا إما بحر مظلم لاحدود له ولا شطآن
– قلت لها ابنتى ” هانم ” اسمحى لى وعن قناعة بعدما لمست فيك حبا وشغفا بلغتنا العربية وإلماما ببلاغتها وفصاحتها حد الابهار أن انقل كلماتك إلى السيد وكيل الوزارة فأنا أعرفه جيدا ومنذ وقت بعيد محب لأبنائه الطلاب والطالبات لايدخر جهدا من أجل تكريم وتقدير من يستحقون بل وتشجيعهم بكل الطرق ولايبخل بجهد فى سبيل ذلك
* ردت على قائلة : سيدى وأستاذى أشعر وكأن الله قد أوجدكما فى طريقى مكافأة لى ومددا لمزيد من الجهد والتفوق فلا حرمنى الله من عونكما
بعدها تركتها وقد تركت فى نفسى أثرا لن يغيب وإنبهارا لن ينمحى بعدما وجدت نفسى أمام طفلة تستطيع تحدى وبثقة وإقتدار من يكبرونها فصاحة وبلاغة وقدرة على التواصل مع سرعة بديهة وذكاء قل أن تجد له نظيرا فى مثل عمرها
ختاما : ليكن ما وعدتها به ولأرفعن الأمر إلى السيد وكيل وزارة التعليم بالجيزة فهو لن يرضى إلا تشجيعا لها فهذى النبتة الطيبة أولى بكل رعاية وحماية ففيها نرى صورة مصر الجميلة التى نرجوها ونأملها .