مؤسسات التعليم هى وبحق محراب النور ومنهل المعرفة ورجالها – لو صدقوا – هم رسل الخير وقنوات السلام والأمان فى عالمنا المعاصر المملوء بالمتناقضات والإخفاقات
جلست كعادتى بمقر النادى وبرفقتى جهازالكمبيوتر المحمول وبدأت عينى تتنقل بين روعة وجمال النيل المنساب كحبات اللؤلؤ بين ضفتى أرض الكنانة وبين وجوه الجالسين من المعلمين والمعلمات والتى علا معظمها حالة من الوجوم والصمت الحزين ،
لفت ناظرى أستاذ جليل وإن شئت قلت شيخ من شيوخ العلم جالس وبين يديه فنجان قهوة يرتشف منه بعمق وتأمل طويل ، لاحظ الأستاذ أننى أتابعه بنظارى ،
ابتدرنى قائلا : أنا معلم على المعاش ، الحمد لله أشعر أننى قد أديت رسالتى وأتمنى فى نهايات عمرى أن يتقبل الله عملى
فعقبت قائلا : بإذن الله – تعالى – فسمتك الطيب هلامة على نبل خصالك
بدت منه نظرة لصفحة جهازى وقد كتب أعلاها — ” تعليم الجيزة مناقشة وحوار “
ففاجأنى قائلا : هل تتابع صفحات التواصل الخاصة بالمعلمين وما تحويه
فأردت أن أعطيه مساحة رحبة للحديث فقلت له : وما رأيك أنت !؟
فقال : أتابع عن كثب كل ما يكتب وأجد جله سقطات إن لم يكن إساءات وبعضها الآخرارتدى أصحابها أقنعة الزائف وجاءت أحاديثهم جوفاء فارغة من كل قيمة ، إلا القليل منه
– هنا كان لزاما أن أعيره كل اهتمامى وأتفرغ تماما للاستماع لحديثه فسألته :
سيدى هل تزيدنى إيضاحا ؟
قال : تابعت مؤخرا عدد من الصفحات فأصابنى الهلع بعد مطالعة ما حوت من اتهامات وموضوعات خطيرة تتهم البعض بالتزويروسوء استغلال السلطة والمحسوبية وتصفية الحسابات وتمس قيادات تعليمية
فغلبنى هذا التساؤل –
* إن كان ما ينشر حقائق فأين دور الجهات المسئولة !؟
لماذا لاتتحرك من فورها لاستبيان الحقائق واتخاذ الإجراءات القانونية فإننا فى دولة مؤسسات !
* وإن كان ما ينشر افتراءات، فلماذا لا تتخذ تلك الجهات اجراءاتها بحق من يروجون أو يكتبون.
قلت له :” إنها سنة الحياة دائما صراع بين الحق والباطل بين الخير والشر بين المصلحين والمفسدين “
رد قائلا : ” ليست سنة بل هو شر محدق وقيم ضاعت وحياء غاب فلتعلم أن المرض متى أصاب جسد العلم ورسله أصبح الداء خطيرا وباتت المضاعفات أخطر “
قلت له بحماس : بحكم خبرتك – ما هى سبل المواجهة والوقاية !؟
فرد قائلا بحزم وعزم : ” المسكنتات باتت لا تجدى نفعا والحل يكمن فى ضرورة الإسراع بجراحة عاجلة لاستئصال ذلك الورم الخبث بيد جراحين مهرة مخلصين وأقصد بهم ” الجهات المعنية المختلفة سواء من داخل الوزارة أو من خارجها ويمكننى أن أفصل لك “
قلت له : تفضل لا حرمنا الله حكمتك
أما فيما يخص الإجراءات داخلية :
فهى تشمل الطرفين فعلى صاحب الإتهامات ” المدعى ” تقديم كل الأدلة والمستندات التى بحوذته لكل الجهات المعنية وعدم التوانى أو التسترحتى يثبت حسن نواياه
أما من وجهت له الاتهامات ” المدعى عليه ” فعليه أن يسارع بالرد بالبينة حتى لو تطلب الأمر عقد مؤتمر وليكن مثلا بأى مقريرتضيه و يتم الاتفاق عليه ليكشف الحقائق ويخرج هو أيضا مستنداته الصحيحة والموثقة من جهاتها الأصلية المعتمدة والتى تفند تلك الادعاءات ليبرأ ساحته ويفند تلك الاتهامات “
أما عن الإجراءات خارجية :
فلا بد من تحرك وزارة التربية والتعليم من خلال تتشكيل لجنة تحقيق فورية لبحث كل الادعاءات المقدمة إلى جانب الإجراءات الرقابية والأمنية القادرة على كشف الحقائق ومحاسبة المتجاوزين واتخاذ كافة لإجراءات القانونية التى تكفل الحفاظ على هيبة ووقار تلك المؤسسات التعليمية ومحاسبة المخطىء ليكون عبرة لغيره فكرامة المعلم وهيبته وتنقية المؤسسات التعليمية واجب وطنى لانهم صناع مستقبل من خلال بناء شخصية الأبناء وغرس قيمهم النبيلة
وبعد لحظات من الصمت سادت شعرت بأن محدثى بد عليه الإعياء والتعب لطول حديثه وانفعاله وبدأ يصارع نوبة من صعوبة التنفس ، فناولته كوبا كان أمامه ليأخذ منه بعض الرشفات حتى يهدأ قليلا ، غير أنى لاحظت أنه يغالب دمعة حائرة بدأت تترقرق بمقلتيه حاول جاهدا إخفاءها لكنه لم يستطع فهم بعدها واقفا طالبا الاستئذان ،
فوقفت احتراما وتقديرا له أملا فى أن يتجدد لقائى معه فوعدنى بذلك ليظل الحديث قائما والقضية عالقة