صابر قدح
سميرة صبية كانت تتفتح على نضارة وجهها السعادة.. يوم مولدها كان أشبه بفاتحة خير على البيت وعلى المحيط ببيت أبيها الذى حمدالله على مجيئها
سنوات وهى تكبر وهم يحسون أنها نسمة خفيفة رغم أنها فى سن النطق لم تنطق
وأسقط فى يد أبيها.. إنها بلهاء لاتعى ماتقول ولم تكن مثل قريناتها ورضو بقدرهم وحمدو الله عليه
وتكبر سميرة وتبدأ تزحف على جسدها بواكير الأنوثة فقد كانت تخرج وتغيب ثم تعود ثم لاحظ أبوها أنها تخرج ولاتعود إلا عند صلاة المغرب فبدأ يقلق عليها خوفا أن يستغل أحدهم بلاهتها ويعتدى عليها فقرر أن يغلق الباب بالقفل عند خروجه لصلاة الفجر
لكنه عندما عاد من الصلاة لم يجدها جن جنونه كيف تخرج تلك البنت رغم إغلاق الباب .. بعد عودتها حاول أن يفهم منها أين كانت ؟! وكيف خرجت؟ لم يخرج من تهتهاتها بنتيجة فقرر أن يعرف البرنامج اليومى لها
خوفا عليها لألا تتسبب لهم فى فضيحة
لم يخرج لصلاة الفجر.. بل خرج وراءها يتتبع خطواتها دون أن تراه صعدت إلى محطة القطار ونزلت منه فى محطة مصر ودلفت إلى السوق الكبير وهو وراءها
تمد يدها لأصحاب المحلات والذين يبدو أنهم ألفوا إصطباحتها التى تأتى عليهم بكل خير.. تعجب أباها من كثرة ماجمعت من أموال إمتلأت بها جعبتها وجيوبها ولكن أين تفرغ حصيلتها إنها كنز كبير .
وعادت أدراجها لمحطة القطار لتركب القطار وهو وراءها ونزلت وهو يتتبع خطواتها. يحمد الله أنها لا تصاب بسوء فى سِفرتها اليومية
دلفت إلى شارع جانبي وأمام أحد البيوت تجلس سيدة كفيفة.. تتصافحا..وتفرغ فى حجرها كل حصيلتها وتمضى إلى البيت كمن أتمت مهمتها على أكمل وجه.. يذهب الأب إلى العجوز يطالبها بما أتت به إبنته
تصرخ فيه إنه طعام اليتامى الذى يأتينى عن طريقها.
من لليتامى ؟!!! إنها رسول الله إلينا لولاها لمتنا جوعا
يبكى الأب وتأخذه الدهشة لتلك النسمة التى وضعها الله فى بيته.. لن يضع أمامها أي قيود تخرج كيفما شاءت وأينما شاءت
دخل البيت يريد أن يقبلها ويشكرها ويعتذر إليها لكنه وجدها قد نامت
فآثر ألا يقلقها وقام يعوض مافاته ويحمد الله على الرصيد الكبير عند الله بصنيع ابنته خرج لصلاة الفجر وترك الباب مفتوحا فقد اطمأن إلى ماتصنع
وحينما عاد وجدها كما هى نائمة لم تبرح فراشها تعجب وأراد أن يوقظها …….
فلم تنطق
صابر قدح