** فإذا ما فارقنا الرافعى لنمضى داخل أروقة قلب الفيلسوف المصري أحمد لطفي السيد إنه المحب الذى تعود على لقاء “مي” أسبوعيًا، فها هو الملتاع حبا وهياما حين سافر إلى الإسكندرية في يوليو 1913، ولم يمضِ أسبوع كامل على فراقه لها فإذا بلوعة الشوق تؤرق عليه مقامه فلم يجد سلوى سوى أن يبعث لها رسالة جاء فيها :
( عزيزتي.. مضى أسبوع كامل من يوم كنت عندكم أستأذن في السفر إلى الإسكندرية وما كان من عادتي أن أغيب عنكِ أكثر من أسبوع. إذا مضى كان يدفعني الشوق إلى حديثكِ الحلو وأفكاركِ المتينة الممتعة، إلى زيارتكِ. ، فلا غرو أن أستعيض عن الزيارة غير المستطاعة بهذه الرسالة السهلة الكلفة) لكن ويالها من ” مى ” لم تعبأ بكلمات الحب فكن التجاهل ردها ،
* وهذا صاحب الأيام طه حسين..والحب من أول كلمة
تعرف الدكتور طه حسين على مي زيادة في حفل تكريم خليل مطران، وأعجب بصوتها حين سمعه، ويحكي في كتابه “الأيام” عن صوتها، وعن زيارته لصالونها الأدبي، ويقول :
“لم يرض الفتى عن شىء مما سمع إلا صوتا واحدا سمعه فاضطرب له اضطرابا شديدا وأرق له ليلته تلك، كان الصوت نحيلا ضئيلا، وكان عذبا رائقا، وكان لا يبلغ السمع حتى ينفذ منه فى خفة إلى القلب فيفعل به الأفاعيل، ولم يفهم الفتى من حديث ذلك الصوت العذب شيئا، ولم يحاول أن يفهم من حديثه شيئا، شغله الصوت عما كان يحمل من الحديث، وكان صوت الآنسة مي التي كانت تتحدث إلى جمهور من الناس للمرة الأولى”.
* والآن حان دور الحديث عمن أحبته ” مى ” وهامت به وهام بها رغم أنهما لم يلتقيا سوى بقلبيهما
إنها قصة الحب الأسطورية التى عاشتها مع الشاعر جبران خليل جبران، والتى استمرت 20 عاما، فعلى الرغم من أنه لم يلتقيها أبدا، إلا أن الرسائل المتبادلة بينهما كانت رسول حب فوجدا فيها بديلة عن نظرات العيون الهائمة. تلك التى تم تجميعها ونشرها في كتاب بعنوان “الشعلة الزرقاء”،
أما الرسائل التي أرسلتها مي فقد ضاع جزء كبير منها بعد وفاتها ولعل أهم الرسائل التي أرسلتها مي، كان خطاب اعترافها بحبها، وبوحها بمخاوفها من هذه المشاعر التي تسربت إلى قلبها، فتقول:
“أعرف انك محبوبي، وأني أخاف الحب…الحمدلله اني اكتبه على ورق ولا أتلفظ به، لأنك لو كنت حاضرا بالجسد لهربت خجلا بعد هذا الكلام”.
وأردفت : في رسالتها بشكل صريح حيث كتبت ( نعم — أحبك)
فكان رد جبران عليها ليطمئنها من مخاوفها التي امتلكتها:
“لا تخافي الحب يا رفيقة قلبي، علينا أن نستسلم إليه، رغم ما فيه من الألم والحنين والوحشة”.
على الرغم من كل هذا الوجد إلا أنه لم يطلب الزواج منها كما توقعت إلا أنه ظل حبها الأبدي. وتعلَّقت “مي” بهذا الحب وبكلمات جبران، التي لم تنتهِ إلا بعد وفاته في عام 1931، فتدهورت حالة “مي” النفسية، واعتبرت نفسها أرملته وظلت بمنزلها لفترة طويلة،إلى أن ماتت ملهمة الشعراء آسرة قلوب الادباء في 17 أكتوبر عام 1941
*مائة مفكر وشاعر أحبوا ” مى “
ومما جاء كتاب “الذين أحبوا مي” لكامل الشناوي، والصادر عن دار المعارف، بأن هناك حوالي 100 مفكر وشاعر، مصريين، لبنانيين، إيطاليين وألمان وجنسيات أخري، قد وقعوا جميعهم في حب مي، وكانوا يرسلون إليها الرسائل عبر البريد.
إن محنة مي” في حياتها المثالية تستحق أن يقف الانسان عندها طويلاً، ويقلب فيها، ربما لأنه حياتها تعتبر حالة جديرة بالتأمل والنـظروالبحث