للكاتبه/ نجوى حسين عبد العزيز
عضو اتحاد الكتاب
هجرتُ الخواطر ، فررتُ من مطاردة أحرف الأبجدية ، انتبذتُ من الحب مكانًا قصيا ، تسابقتْ أوراقي تركض حافية على جسر الأشواق ، التي تبُثها لك أيامي الخالية ، تحكى لك أساطير شهر زاد، وغراميَّ ، حين خرج علىَّ مارد الكرامة؛ متوعدًا ومنذرًا بالويل لي، إذا ما طاوعتُ أمانيَّ ، بعذب البوح لك ، امتثلت مني الإرادة ومهجتي، وعانقتُ الصمت أيامًا ولياليَّ .. لكني فوجئتُ بانفجار الشوق إليك هالاتٍ من نور وحنين ، وحنان وظلال فئٍ يستجير بك منك، بنبض القلب أن أهاتفُك … أن آتيك …
حين هجرتُ فيك الكتابة تصارع الماردان ، مارد الكرامة ومارد الشوق ، فاعتلت الأشواق كرامة المستجير بك ، تصرخ مطالبة بالعودة إلى ديارها ..
وتحملني الذكريات فتلقي بي في نَيْرِ حنانك الظالم ، فلا تترفق بي ، تأخذني عنوةً إلى تذكُّر كيف قسوتُ على نفسي ، لأحتفظ لك ببيتك وأولادك … وكيف تجبرت على قلبك، نزولاً على رغبة أمي ….
كان لقاؤنا الأول مزعجًا لكلينا ، فأنت المحاضر الذي سعينا لتواجده … فلما جئتنا كانت طفلتي الصغيرة مريضة ـ أقصد أمي الحبيبة ـ فاضطررتُ أن أنتظر حتى يُحضر أخي الممرضة ، فوجئت أنت بدخولي بعدك ، فنهرتني عيناك ، وشجبت حضوري فتوقفتَ عن إلقائك المحاضرة ، وقلت: الآنسة النائمة تتفضل … ولم تكمل العبارة، فأدرتُ ظهري عائدة من حيث أتيتُ فتداركني حنانك ، وسمعتك بأبوة حانية تقول : أرجو ألا تتأخري مرة ثانية… اشتبك لطفك مع قلبي ودار حوله ، فاصطاده وتمكن منه…
بعدها دخلتُ عليك حجرة التدريس معتذرة ، وجدتك تذكرني … شهدت ساحة الجامعة حبنا ، صارحتني برغبتك في الارتباط بي ، كانت زوجتك مريضة ، وأنت ترعاها ، بدأ الجميع يتندرون بحكايتنا ، أصبح تواجدك الدائم يعلن حبنا…
استاءت أمي من استرسالي في الحديث عنك ، قالت : لن أزوجك رجلاً متزوجًا ، كفاني تجربتي مع أبيك ..
أغلقتْ باب المناقشة بإغماءة مفاجئة ، زلزلتني هلعًا عليها ، جئتُك ألتمس لديك الملاذ … كلماتُك، حنُوك ، أبوتُك بددت أحزاني ، بعد أيام جئتنا زائرا ، رفضت أمي مقابلتك، خوفنا عليها ، جعلنا نعلن هزيمتنا ؛ أمام جفوة رغبتها افترقنا … قاطعتُ محاضراتك …. هجرنا أشواقنا … قيدنا المودة وألقينا بها في غربة الحنان الظالم …
لكن قرار الرحيل عنك ، كان طوقًًًًًًا لسلامتك … لأمنك.. وبيتك.. و…لأمي الحبيبة