مقالة: لزهر دخان
الأممية الزائفة التي تدعو إليها الأمم المتحدة كمنظمة شعارها البراق أممي إنساني. ونظامها مقيدا بقانون القوة الذي يديرها لصالح وحساب الأقوياء مجتمعين كما هم معروفون ، أمريكا ، بريطانيا ، روسيا ، فرنسا الصين ..وفي السنوات السبعة الأخيرة بات قانون القوة يهمن على المنظمة لصالح الولايات المتحدة فقط ..
الكثير من الدول تتعامل مع الأمم المتحدة من أجل الحفاظ على تمتعها بمزايا عالمية .كالإعتراف بها والتعاون معها في جميع المجالات . ولا تتعاون معها على أساس أنها المنظمة العظيمة ، التي تستحق الشراكة المبنية على التعاون المكفول وفق الشرعية المستمدة من الحرية المطلقة لكل شعوب الأرض فوق أراضي أوطانها .
من بين هذه الشعوب الشعب الجزائري ،الذي قام بثورة حراكه في السنوات الماضية .رغبة منه في الثأر لنفسه من عالم العصابات بما فيها الأمم المتحدة . ورغم أن هذه العصابة الأممية تعرف أنها مقصودة بالحراك ضدها تبقى لها رغبة كبيرة في التدخل في الشأن الداخلي بين الشعب والسلطات الجزائرية. وفي هذا الشأن قالت المفوضية العليا لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة للسلطات الجزائرية ما دعتها به لوقف (فوري لأعمال العنف ضد متظاهرين سلميين وكذلك الاعتقالات التعسفية) . ومررت الأمم المتحدة رسالتها غير العادلة إلى السلطات الجزائرية على لسان ،روبرت كولفيل المتحدث بإسم المفوضية خلال مؤتمر صحفي في الأمم المتحدة في جنيف وقال فيها “إننا قلقون جدا لتدهور وضع حقوق الإنسان في الجزائر والقمع المستمر والمتزايد ضد أعضاء الحراك المؤيد للديمقراطية”
وترى الأمم المتحدة أنها لا تزال في حاجة إلى أسلوبها في إقناع السلطات المعادية أو المناهضة لواشنطن وحلفائها الغربيين، بعدم جدوى إستخدام أساليب الغرب في الحكم . سعيا منها لإحتكار الحرية في الإفراط في العقاب لصالح الغرب . وعلى سبيل المثال في الجزائر قد تصدر المحاكم أحكاما بالإعدام .ولكن السلطات الجزائرية توقف التنفيذ حفاظا على أرواح الجزائريين. أما في أمريكا فلا يوقف حكم القاضي عندما يحكم بالإعدام على المجرميين ألأمركيين. وهذا يعتبر مصدر السخط الغربي على نظام الجزائر. الذي إستطاع أن يتنازل للحراكيين على قدسية السلطة .التي تحولت إلى كيان مُدان في أكثر من قضية على حساب أكثر من شخصية قيادية سياسية في دولة سماها مؤسسوها ” دولة القانون والمؤسسات “
أما المتحدث بإسم الأمم المتحدة فيراها غير حراكية بما يكفي ، ويرى أن ما يكفي هو أن لا يطبق القانون في البلاد وكذلك تحدث على “تقارير ذات مصداقية” قال بأنه إستقى منها (أنه تمت ملاحقة ألف شخص للمشاركة في الحراك أو لنشر رسائل تنتقد الحكومة على مواقع التواصل الاجتماعي، ) وشغل نفسه بالدفاع عن (32 شخصا على الأقل معتقلون حاليا لممارسة حقوقهم الأساسية المشروعة وقد يتعرض بعضهم لعقوبات طويلة بالسجن في حين لا يزال آخرون في الحبس الاحترازي) ويبقى عليه أن يفهم المثل العربي الذي يقول أنه ” لا توجد حلاقة بدون دم ” وكذلك ينبغي عليه قبول ما يجري .لآن أيام الحراك كانت طوال أكثر من 50أسبوع . والمشاركين فيه كانوا بالألاف. وهنا يجد تفسيرا لأسئلته .. ويتأكد أن بين أولائك الملايين الغاضبين المئات من المخطأئين . كما يجب أن ينتبه أن قادة الحراك المعتقلين يعرفون مسبقا أنهم سيسجنون بسبب نشاطهم السياسي . ويعرفون بأن الأمم المتحدة ستكون ضمن المطالبين بإطلاق صراحهم . ولكن هم لا يثقون في الأممين أكثر من الجزائريين.
وتسعى قناة فرنس 24 الفرنسية إلى دعم التعسف الأممي بترويج “إدعاءات عن تعذيب وسوء معاملة في الاعتقال بما في ذلك عنف جنسي” ودعت المفوضية أيضا إلى ” وقف إستخدام القوة ضد المتظاهرين السلميين و”وقف الاعتقالات التعسفية”
وتريد الأمم المتحدة الإنطلاق في مشروعها التعسفي القانوني ضد السلطات الجزائرية عن طريق توجيه سلسلة مطالب للحكومة الجزائرية “كالإفراج الفوري وغير المشروط عن الموقوفين أو المسجونين بشكل تعسفي لدعمهم المفترض للحراك والتخلي عن التهم الموجهة إليهم”.
كما تنص تدخلات الأمم المتحدة في الشأن الداخلي الجزائري على ضرورة إجراء تحقيقات “سريعة وصارمة وغير منحازة” . للبحث عن حقائق تثبت ” إدعاءات التعذيب وسوء المعاملة في الاعتقال” وكذلك ينبغي على ” السلطات الجزائرية إلغاء النصوص التي تستخدم لملاحقة الأشخاص الذين يعبرون عن رأيهم فقط ويمارسون حقهم في التجمع السلمي.”
وأريد هنا أن أشير إلى أن هذه التهم لا تتعلق بقديم الحراك ، وهي تهم موجهة للآمن الجزائري فيما يخص عنفه المفرط في الأشهر الأخيرة فقط “وتتهم المفوضية العليا قوات الأمن الجزائرية بالاستخدام المفرط للقوة. وتعتبر أن مئات الأشخاص أوقفوا منذ إستئناف المظاهرات في 13 شباط/فبراير 2021.) وأضافت المفوضية “هذا الوضع شبيه بما حصل في 2019 و2020 عندما تم اعتقال أو سجن ما لا يقل عن 2500 شخص في إطار تحركهم السلمي”.
وتتبنى الأمم المتحدة هذه التدخلات في الشأن الجزائري من أجل كسب أكبر عدد ممكن من أبناء وأنصار الحراك الجزائري ،الذين قد يستغلون الوقوف الأممي إلى جانبهم ويشكلون تكتلا يجابهون به الرأي السلطوي الجزائري الذي تسعى الأمم المتحدة إلى قلبه ضدهم تدريجيا .
وتحتج الأمم المتحدة أيضا على تحصين الجزائر لمدنها ومؤسساتها الحيوية بسن قوانين تظبط سير مسيرات الحراك فقالت المفوضية (أن الإجراءات الجنائية التي أطلقت في 2019 و2020 بحق ناشطين ومدافعين عن حقوق الإنسان وطلاب وصحافيين ومدونين ومواطنين عبروا عن معارضتهم، استمرت خلال أول شهرين من 2021.) بينما الحقيقة أنه في الجزائر يعيش الحراك جنبا إلى جنب مع ثورات الجزائر المباركة. وعلى رأسها ثورة تحرير الجزائر ،ولا فرق بينه وبينها إلا كونه لا يزال فتيا ولا يقوى على ممارسة السلطة التي يصلون إليها بصندوق الإنتخاب عندما ينافسهم الشعب ، وبالبندقية ودماء الشهداء عندما يتنافسون مع الأمم المتحدة .