متابعه أماني عمار
أثار قرار محافظ القاهرة، بشأن فرض مقابل تحسين على جميع العقارات والأراضي الواقعة بنطاق أحياء محافظة القاهرة، التي نفذ بها مشروعات منفعة عامة، سواء كانت شوارع رئيسية أو فرعية أو مزلقانات أو مشروعات صرف صحي أو كباري أو أنفاق أو غيرها من مشروعات النفع العام، استفسارات كثيرة حول القرار، وآلية التنفيذ، والقاعدة القانونية التي استند عليها المحافظة لفرض “مقابل التحسين”، وهو ما أوضحه مصدر مُطلع أن قرار المحافظ يأتي تأسيساً على أحكام القانون رقم 222 لسنة 1955 بشأن فرض مقابل التحسين على العقارات التي يطرأ عليها التحسين بسبب أعمال المنفعة العامة.
كانت الإدارة العاصمة لنزع الملكية والتحسين بمحافظة القاهرة، قد رفعت مذكرة بشأن تحصيل مقابل التحسين، لتُعرض المذكرة على المستشار القانوني للمحافظ في يناير الماضي، ليعتمدها المحافظ في تاريخ 20 فبراير 2020، ثم يُصدر قراره بناءً على ما ارتاه لتحقيق “الصالح العام”، كما نص القرار.
ودخل قرار المحافظ حيز النفاذ عقب نشره في عدد الوقائع المصرية، ملحق الجريدة الرسمية للبلاد، رقم 276، الصادر بتاريخ 7 ديسمبر الماضي، على أن تنفذه الجهات المختصة كلاً فيما يخصه.
سبب فرض مقابل التحسين
تعود بداية فرض “مقابل التحسين”، قبل 65 عاماً، وتحديداً عقب قيام “ثورة 23 يوليو”؛ حيث بدأ القائمون على إدارة البلاد وقتها في التخطيط لنقلة تنموية كبرى في ربوع البلاد، وتنفيذ مشروعات للمنفعة العامة، لتزداد قيمة الأراضي والعقارات في محيط تلك المشروعات بعد تنفيذها في ظل إنفاق الدولة لمبالغ لتنفيذ تلك المشروعات.
وأصدر رئيس مجلس الوزراء بالإنابة وقتها جمال سالم، قانون فرض مقابل التحسين، وهو القرار بقانون الذي جاء مشفوعاً بـ”21 توقيعاً”، لتصديق كبار رجال الدولة عليه، من ضمنهم توقيعات لأنور السادات بصفته “وزير الدولة”، وزكريا محي الدين، وزير الداخلية، وعبدالحكيم عامر، وزير الحربية، ووزراء الأوقاف، وعدد من الوزراء، بينهم الشئون الاجتماعية، والمالية والاقتصاد.
صدر القانون بديوان عام رئاسة الجمهورية يوم 20 إبريل عام 1955، ونشر في عدد “الوقائع المصرية”، في العدد 33 مكرر غير اعتيادي، بعدها بـ5 أيام، على أن يُعمل به بأثر رجعي اعتباراً من بداية عام 1953، وهو التوقيت الذي بدأت “طفرة المشروعات” به، عقب نجاح “الثورة”.
عقارات مقابل التحسين
تسري أحكام فرض “مقابل التحسين” على 5 حالات، ممن استفادت عقاراتهم بمشروعات “المنفعة العامة”، سواء كانت إنشاء طرق وميادين وتوسيعها أو تعديلها، ومشروعات الصرف الصحي، وإنشاء أو تعديل الكباري والأنفاق، وذلك بحسب المادة الثالثة من “قانون مقابل التحسين”
تحديد المستفيدين من “الطرق والميادين”
وستُحدد الجهات المعنية العقارات التي ستدفع مقابل التحسين بعد إنشاء الطرق والميادين أو توسيعها أو تعديلها، بحيث ستكون العقارات الواقعة في المنطقة المحددة بخطوط توازي حدود الطريق أو الميدان، ولا يجاوز بعدها عن تلك الحدود بمسافة 150 متراً، كما حدد “القانون”.
تحديد المستفيدين من “مشروعات الصرف”
وبموجب القانون؛ هناك حالتين يسري عليهما المستفيدين من مشروعات الصرف، أولهما العقارات التي تتصل مباشرة بطريق زود بخط من “شبكة المجاري”، أو العقارات التي تطل على طريق ليس به خط من “شبكة المجاري”، متى كانت المسافة بينها وبين أقرب وسيلة جديدة لا تزيد على 100 متراً.
المستفيدين من “إنشاء الكباري والأنفاق”
وستضم قائمة المستفيدين من إنشاء الكباري والأنفاق، العقارات التي تقع داخل منطقة محددة بخطين متوازيين لمحور الكوبري أو الممر السفلي “النفق”، وعلى بعد لا يجاوز 300 متر من هذا المحور، أو خطين متوازيين لنهايتي الكوبري أو النفق، وعلى بعد لا يجاوز 300 متر من هاتين النهايتين، بحسب “القانون”.
تحديد “مقابل التحسين”
وستحدد قيمة مقابل التحسين، بواسطة لجان مختصة، طبقاً للضوابط والإجراءات والاشتراطات المعمول بها في هذا الشأن، وذلك كما نصت المادة الأولى من قرار محافظ القاهرة.
من المُقرر أن يضم تشكيل اللجنة رئيساً للجنة ينتدبه المحافظ، ومهندس التنظيم في الحي المختص، ومندوب عن “المساحة”.
وشدد المصدر على أن المحافظة ستفطن تماماً لعدم “تضارب المصالح”؛ حيث لن تضم تشكيل اللجان التي ستحدد قيمة مقابل التحسين من أي عضو له أقارب حتى الدرجة الرابعة.
قيمة مقابل التحسين
ونظَّم “القانون”، قيمة مقابل التحسين التي ستُحدد على الجهات، حيث نصت المادة العاشرة منه على: “يكون مقابل التحسين مساوياً نصف الفرق بين تقدير اللجنة لقيمة العقار قبل التحسين وبعده”.
السداد “كاش أو بأقساط”
ويتيح القانون للمواطنين سداد “مقابل التحسن”، عبر الدفع الفوري أو التقسيط”؛ حيث أناط بـ”مالك العقار”، خلال 60 يوماً من تاريخ إعلانه بالتقدير العقار اختيار 3 طرق لـ”مقابل التحسين”، أولها أداء المقابل فوراً، أو أدائه على 10 أقساط سنوية متساوية، أو أداء المقابل كله أو بعضه عيناً إذا كان العقد الخاص بملكه أرض فضاء، وذلك وفق الشروط والأوضاع التي تبينها اللائحة التنفيذية للقانون.
الطعن على “القيمة”
وحسب القانون، تشكل لجنة برئاسة رئيس المحكمة الابتدائية الكائن في دائرتها العقار أو وكيل المحكمة، وغيرها من الجهات، لإمكانية الطعن على القيمة المحددة كمقابل تحسين، على أن تفصل اللجنة في الطعون في ميعاد لا يتجاوز شهر من تاريخ ورودها إليها.
عدم الدستورية
وقالت مصادر قضائية، لـ”الوطن”، فضَّلت عدم ذكر اسمها كونها غير مخَّول لها الحديث في وسائل الإعلام، إن المحكمة الدستورية العليا أصدرت حكماً في عام 2002، في القضية (رقم 198 لسنة 20 قضائية “دستورية”)، ألغى فيه تحصين قرارات “لجنة الطعن”، وأن قرارتها “نهائية”، حسبما نص “قانون مقابل التحسين”، وهو ما يتيح للمواطن حال تظلمه من “القيمة”، بعد نظر لجنة الطعون لها وإيفاده بالنتيجة، أن يطعن على قرار لجنة الطعون أمام محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة.
حالة عدم سداد مقابل التحسين
وبحسب القانون؛ فإن عدم سداد “مقابل التحسين”، يكون ديناً ممتازاً على العقار، ويأتي في المرتبة بعد المصروفات القضائية الضرائب، ويكون تحصيله بطريق الحجز الإداري، مع عدم جواز شهر أي تصرف ناقل لملكية عقار إلا بعد التحقق من أنه لا يدخل في مناطق التحسين.
ويجوز للسلطة القائمة على أعمال التنظيم، الحي المختص، الامتناع عن الترخيص في إقامة مباني أو إنشاءات أو تعليتها أو تعديلها إذا لم يقم ذوو الشأن بأداء ما يكون مستحقاً من مقابل التحسين أو أقساطه، كما أشار القانون.
سرعة مراجعة موقف العقارات والأراضي
يأتي ذلك فيما كلَّف محافظ القاهرة، في قراره بفرض “مقابل التحسين”، الإدارة العام لنزع الملكية والتحسين بمحافظة القاهرة، بالتنسيق مع كافة الأحياء والجهات والإدارات المختصة، وذات الصلة، سرعة الانتهاء من مراجعة موقف جميع العقارات، وقطع الأراضي المستحق عليها مقابل التحسين للمنفعة العامة، واتخاذ ما يلزم قانوناً نحو استئداء هذا المقابل، مع عرض تقارير دورية بنتائج أعمالها.
توجيه المبالغ المحصلة لمشروعات خدمية
وتؤكد مصادر حكومية، لـ”الوطن”، أن المبالغ المُحصلة من قبل الأحياء ستوجه لدعم المشروعات الخدمية والتنموية التي تعمل عليها المحافظة في المستقبل، موضحة أن الدولة لا تهدف من وراء تنفيذ القانون في هذا البند لـ”كسب مادي”، خصوصاً أن المبلغ المُحصل هو “نصف الزيادة في قيمة العقار”، وهو المبلغ الذي لن يبلغ القيمة التي تحملتها الدولة من الأساس لتنفيذ تلك المشروعات.