بقلم الدكتور /علي عبدالظاهر الضيف
نزهو فرحا ونختال فخرا حين نسمع عن عالم مصري أو عربي نبغ في الغرب ونحس أن تلك الأمة النائمة مازال بها بصيص من الأمل وأنه مازال لنا يد في التقدم العلمي والفكري الحالي، وفي نفسه لا تلبث تلك الفرحة أن تتحول إلى خوف فنشفق عليه وندعو الله ألا تغتاله يد الغدر المتمثلة في المتهم الأول والمستفيد من اغتيار العقول العربية ألا وهو الموساد الإسرائيلي الذي تخصص في تنفيذ عمليات القتل،لتصفية العلماء العرب، خاصةً المتخصصين منهم في مجالات اعتُبرت -وفقاً للنظرية الأمنية الإسرائيلية- تشكل تهديداً على دولة الاحتلال. مستخدما طرقا شيطانية متنوعة لإخفاء جرائمه ما بين القتل بالرصاص والخنق والحرق والدهس بالسيارات وترتيب الحوادث القاتلة .
وفي هذا المقال والمقالات التالية سوف أتناول العلماء المصريين والعرب الذين طالتهم يد الغدر على حلقات وحلقة اليوم ستكون عن العلماء المصريين.
دكتور يحيى المشد (1932- 1980)
عالم مصري متخصص في هندسة المفاعلات النووية…
بعد حرب يونيو 1967 تم تجميد البرنامج النووي المصري، توقفت الأبحاث في المجال النووي، فتلقى عرضا من الرئيس الأسبق صدام حسين للعمل في برنامج العراق النووي وبدأ العمل بالمفاعل النووي العراقي ما أثار قلق إسرائيل من ازدياد قوة العراق في المنطقة ومنافسة إسرائيل في الجانب النووي الأمر الذي يشكل خطرا كبيرا على التفوق العسكري الذي تحرص عليه قلقا من جيرانها العرب خاصة صدام الطموح الذي لا يمكن التنبؤ بما يمكن فعله بعد امتلاكه للقوة النووية ، فعكفت إسرائيل على دراسة الملف بدقة ومعرفة الشخصية المسؤولة عنه، واستطاع الموساد بطرقه الملتوية تحديد شخصية العالم مصري البارز وهو يحيى المشد الذي يعمل لصالح صدام حسين في باريس .
استخدم الموساد طرقا كثيرة لاستمالته لديهم وتم إغراؤه يشتى الطرق التي يسيل لها اللعاب فعرضت عليه المخابرات الإسرائيلية الجنس والمال والسلطة مقابل إعطاء معلومات عن المفاعل، وعندما وجد الموساد أن المشد يرفض تماما التعاون معهم اتخذوا قرارهم بالتخلص منه في أسرع وقت تمهيدا للقضاء التام على المشروع العراقي فقد بدأ بالفعل في عملية تطوير قدرة العراق النووية !
وجاء اليوم المشهود :
في يوم الجمعة 13 يونيه عام 1980 م وفى حجرته رقم 941 بفندق الميريديان بباريس حاولوا إدخال امرأة ساقطة لحجرته فرفض دخولها بعد عدة محاولات منها … فاستغل فرد الموساد فرصة فتح الباب ودخل وفي يده آلة حديدية كالمطرقة وانهال بها على رأس العالم المصري فهشم رأسه تماما وغطت دماؤه سجاد الحجرة .. ثم تم تقييد الحادث ضد مجهول !
كنوع من التباهي وفي بجاحة متناهية اعترفت إسرائيل والولايات المتحدة رسميًا باغتيال العالم المصري يحيى المشد، من خلال فيلم تسجيلي مدته 45 دقيقة، عرضته قناة «ديسكفري» الوثائقية الأمريكية يتناول تفاصيل ضرب المفاعل النووي العراقي عام 1981، وبررعملية اغتيال يحيى المشد باعتبارها «خطوة تأمينية ضرورية لضمان القضاء الكامل على المشروع النووي العراقي» !
سميرة موسى (1917، 1952)
أول عالمة ذرة مصرية ولقبت باسم «ميس كوري الشرق»،
حصلت سميرة موسي على بكالوريوس العلوم، وكانت الأولي على دفعتها وعينت كمعيدة بكلية العلوم وذلك بفضل جهود العالم الكبير د. مصطفى مشرفة ، وسافرت في بعثة إلى بريطانيا درست فيها الإشعاع النووي، وحصلت على الدكتوراة في الأشعة السينية وتأثيرها على المواد المختلفة.
كانت سميرة تمتلك طموح الشباب فكانت تحلم بأن تحتل مصر مكانتها التي تليق بها في التقدم العلمي والتكنولوجي العالمي والذي لن يكتمل إلا بقوة رادعة تحمي مصر، وأهمها في ذلك الوقت القوة النووية، خاصة أن إسرائيل بدأت في امتلاك أسلحة الدمار الشامل وتسعي بجدية في الانفراد بالتسلح النووي في المنطقة .
وبعد سعي دءوب وفي كل الاتجاهات حققت حلمها بتأسيس هيئة الطاقة الذرية بعد ثلاثة أشهر فقط من إعلان الدولة الإسرائيلية عام 1948 وبدأت تدعو لفكرتها بعقد المؤتمرات العلمية الدولية التي تضم أكبر علماء العالم .
وتمت دعوتها من أمريكا لاستكمال بحوثها فقامت بنشر بحوث هامة جدا قلبت الموازين العلمية آنذاك، ما أثار إعجاب علماء أمريكا فبدأت تتلقى عروضا قوية بالتعيين في أكبر الجامعات، ومغريات سخية بأن تستكمل أبحاثها بالولايات المتحدة وأن تستفيد منها أمريكا فرفضت وقررت العودة إلى مصر لتفيد بلادها بتلك الأبحاث، ما أثار قلق اسرائيل التي أرادت أن تستفيد من أبحاثها وكانت تنظر بعين القلق إلى تلك الأبحاث لو وصلت إلى مصر !
حددت سميرة موعد العودة إلى مصر ودخلت مرحلة الخطر .. حيث بدأ الموساد خطته للقضاء عليها خوفا من وصول الأبحاث إلى مصر والأهم من تلك الأبحاث هو العقل المفكر الذي تحمله سميرة .. وبدأ العد التنازلي للتنفيذ..
عرف الموساد موعد عودتها إلى مصر فتم أرسال دعوة إليها لدعوة لزيارة معامل نووية في ضواحي كاليفورنيا قبل عودتها بأيام وذلك في 15 أغسطس، وتم رصد السيارة التي جاءت بها التي يقودها زميلها الهندي الذي يقوم بالتحضير للدكتوراة وتدبير خطة محكمة تبدو كأن ما حدث لها مجرد حادث عارض لا يثير الشكوك، وبدأت رحلة العودة .. وكانت الرحلة الأخيرة ففي طريق كاليفورنيا الوعر المرتفع ظهرت سيارة نقل ضخمة فجأة؛ لتصطدم بسيارتها بقوة وتلقي بها في وادِ عميق، وبمجرد أن حدث الاصطدام قفز سائق السيارة زميلها الهندي والذي اختفي إلى الأبد تاركا العالمة المصرية لتلقى مصيرها المحتوم ! حيث صعدت روحها الى بارئها .
سمير نجيب
أحد أهم علماء الفيزياء في مصر والعالم
تخرج في كلية العلوم بجامعة القاهرة ، وتابع أبحاثه العلمية في الذرة، وقد أظهر كفاءته علمية مميزة رشتحه إلى بعثة إلى الولايات المتحدة الأمريكية، وهناك اطلعوا على أبحاثه المذهلة فعمل تحت إشراف أساتذة الطبيعة النووية والفيزياء المشاهير وانضم لكوكبة من العلماء كان هو أصغرهم حيث لم تتجاوز سنه الثالثة والثلاثين!
ولفت النظار إليه من خلال ما أظهره من نبوغ وعبقرية كبيرة خلال بحثه الذي أعده في أواسط الستينات خلال بعثته إلى أمريكا لدرجة أنه فرغ من إعداد رسالته قبل الموعد المحدد بعام كامل !.
وفي هذه الأثناء احتاجت جامعة ديترويت إلى علماء في مجال الطبيعة وأعلنت عن مسابقة عالمية للحصول على وظيفة أستاذ مساعد بها في علم الطبيعة، وتقدم لهذه المسابقة أكثر من مائتي عالم ذرة من مختلف الجنسيات، وفاز بها الدكتور سمير نجيب، وحصل على وظيفة أستاذ مساعد بالجامعة.
تعد هذه المرحلة نقطة فاصلة في تاريخ حياة العالم المصري فقد توافرت له فرصة البحث بإمكانيات أكبر وفي ظروف أفضل فبدأ في القيام بأبحاث قيمة استطاع بها أن يصحح مفاهيم خاطئة والإتيان بنظريات جديدة أذهلت العلماء ونالت إعجاب كل الأوساط العلمية ما أثار انتباه المجموعات الموالية للصهيونية في أمريكا التي حذرت من العالم المصري في وقت بدأت تنهال عليه العروض المادية لتطوير أبحاثه، وبدأ الموساد يضعه تحت الميكرسكوب ورصد تحركاته التي أثارت قلق إسرائيل ..
بعد هزيمة يونيو 1967 شعر العالم المصري أن دوره قد انتهي في أمريكا خاصة في تلك الظروف الحالكة وأن عليه واجبا تجاه وطنه ودينا لابد أن يسدده لبلاده فاتخذ أخطر قرار في حياته ألا وهو العودة إلى وطنه ..!
وبالفعل بدأ في التجهيز لرحلة العودة ، وكانت الرحلة الأخيرة .. !
كان قرار عودته لاستكمال تطوير أبحاثه في مصر صدمة كبيرة للأوساط العلمية والحكومة الأمريكية فتقدمت إليه جهات أمريكية كثيرة تطلب منه عدم السفر، وعُرضتْ عليه الإغراءات العلمية والمادية المتعددة كي يبقى في الولايات المتحدة، وإثنائه عن قراره الخطير
ولكن كل جهودهم ومحاولاتهم ذهبت أدراج الرياح، ولكن لابد من إيقافه بأي شكل وبأي ثمن فأبحاثه تحمل خطورة كبيرة على الأمن القومي الإسرائيلي ووجوده في مصر سيعمل على تطوير القدرة العلمية ومن ثم العسكرية المصرية .. فوضعت خطة القضاء عليه !
في ليلة سفره وأثناء عودته إلى سكنه فوجئ الدكتور سمير أثناء قيادته لسيارته، بسيارة نقل ضخمة، تسير خلفه فلم يلق لها بالا ولكنها لما كانت تتعقبه بدأ يشعر بالقلق خاصة أنه انحرف بعيدا عن الطريق ليجدها خلفه !
فعاد إلى الطريق وحاول الهروب منها ولكنها كانت مجهزة بقدرات عاليه تفوق سيارته سرعة فاصطدمت به وحطمتها تماما فلقي العالم المصري مصرعه ولحق برفيقيه
وللحديث بقية ..