مازال في الأمة العربية من نفخر بهم وأكبر دليل على ذلك هو البطل الذي مازال يعيش بيننا رغم قلة من يعرفه وأعني به :
الأسطورة “سلمان ابو ستّة” .. احفظوا هذا الاسم جيدا !
إنه الباحث الفلسطيني الذي ولد بمدينة بئر السبع، الذي يُعد أكثر الباحثين ارتباطاً بقضايا اللاجئين الفلسطينيين وحق العودة .
عكف هذا المفكر والمؤرخ الكبير على توثيق كل الأماكن العربية في فلسطين حتى يحفظها من التهويد وتزييف التاريخ في غفلة من الأمة العربية التي تأتي فلسطين في ذيل اهتماماتها !
وذلك في عمل ضخم هو (أطلس فلسطين) .
بلا كلل أو ملل ظل أبو ستة عشرين عاما كاملة في رسم خرائط فلسطين، ورصد كل مكان حتى القرى الصغيرة، فالمواطن الفلسطيني لا يكاد يحفظ إلا بعض أسماء القرى الفلسطينية، ومن تسعفه الذاكرة من القلائل أصحاب الذاكرة القوية يحفظ منها العشرات، ولكن هذا الرجل أدرج في موسوعته “أطلس فلسطين” أكثر من 40 ـلف اسم موقع في فلسطين ..حيث قام بإدراج اسماء المدن, والقرى, والهضاب, والأنهار, والجبال, بل أيضا اسماء قطع الارض، كما كان يُسميها اصحابها الفلاحين، مثلاً “القزاحية” و “زلطة” و”رجوم ابو حواس” واسماء اخرى قد تبدو كاللوغارتمات .. ولكنها لا شك، ستكون يوماً سلاحاً في وجه الاحتلال!!
هذه الموسوعة العبقرية تؤرخ بدقة لكل المدن الفلسطينية، التي طالما حاول الاستعمار اليهودي طمس هويتها في ظل عدم وجود عقود أو وثائق تاريخية فتصبح كالريشة في مهب ريح التهويد التي تعمل في الخفاء والعلن على تزييف حقائق التاريخ .
قضى الرجل الأسطورة نحو أربعين عامًا بين مكتبات العالم، ودور المخطوطات في مشروعه التاريخي التوثيقي، للمدن الفلسطينية ، 1964 ونجح من خلال بحثه الشاق، في أن يصل إلى مخطوطات خطيرة تكرس الحقوق التاريخية الفلسطينية، ومن أخطرها مذكرات القائد التركي لمدينة ” بئر سبع “، و من ثم لم نستغرب أن يقول:
“لقد ظللت أجمع كل و أي مادة عن كل شبر من وطني!”.
وفي الحقيقة كنت أتمنى اللقاء به، ولكن لم يحالفني الحظ بمجالسته، وفي أحد اللقاءات الصحفية قابله أستاذي الدكتور حسام عقل الذي قال عنه :
“لا تزال فلسطين بخير؛ لأن فيها أمثال د.سلمان أبو ستة المؤرخ العربي الذى أحدث اختراقًا عالميًا مميزًا من خلال جسر التاريخ، أمثال د. سلمان هم قيادات “كتيبة النبلاء ” لاسترداد التاريخ الحقيقي، من بين أظافر كذبة ليس لكذبهم حدود، وليس لتدليسهم مدى نهايات!
هناك زوايا أخرى من النضال الفكري وعناصر (القوة الناعمة) ، يمثلها د. سلمان ونظراؤه من رجال العلم و التاريخ . هو نضال العلم، والطرح الأكاديمي الرصين، والعمل التوثيقي / التاريخي المحترم، الذى يصدر إحراجًا لمعاهد الغش الصهيوني الأكاديمي، القائمة على الكذب والتدليس المكشوف وابتلاع المدن بدم بارد، فقد استمر د. سلمان في تأليف موسوعته الكبيرة، نحو عشرين عامًا، وثق فيها ما يقرب من ستين خريطة ، وأرّخ بدقة لما يقرب من أربعين ألف اسم مكان، في كل ربوع فلسطين . وتعامل مع شريحة زمنية واسعة بدأت من الانتداب البريطاني حتى الآن. وفي جملة مسحه الراداري المذهل، رصد ما يقرب من ألف وسبعمئة منشأة فلسطينية، ما بين حكومية وزراعية وتعليمية وطرقات وسكك حديدية وآثار تاريخية متنوعة! ويحدث هذا وسط صمت مريب يباشره رؤساء أقسام التاريخ في الجامعات و المعاهد العربية، وهم يواصلون “نومة أهل الكهف ” المقصودة، أو يواصلون النوم والغطيط ( بالأمر) لتمرير الجريمتين معًا: التاريخية والاحتلالية ! “
وضمن نشاطاته المتعددة ألقى الدكتور أبو ستة عشرات المحاضرات والندوات واللقاءات الاعلامية المختلفة عن اللاجئين وحق العودة وذلك في مخيمات ومعسكرات اللاجئين في الكثير من أماكن تجمعاتهم في الدول العربية والأوروبية إضافة إلى الولايات المتحدة الاميركية.
وهو لا ينتمي لأي حزب سياسي حاليا .
أثبت أبو ستة خلال رحلة عمره الذي تخطي به الثمانين عاما ونيف أن الحق يحتاج قوة تحميه، ليست القوة فقط هي قوة الحديد والنار إنما هناك قوة الفكر والنبش في ذاكرة التاريخ وما ضاع حق وراءه مطالب، أثبت أسطورة فلسطين أن الإيجابية هي أقوى سلاح في يد كل مواطن يحب وطنه ولن يستطيع أحد أن يمتطيك إلا إذا كنت منحنيا ..
بقي أن نعرف أن سلمان أبو ستة ولد في بئر السبع في فلسطين عام 1937 حصل على البكالوريوس في الهندسة المدنية من جامعة القاهرة عام 1959 وعلى الدكتوراه في الهندسة المدنية من جامعة لندن عام 1964، زميل لجمعية المهندسين الإنشائيين البريطانية وجمعية أون تاريو للمهندسين في كندا والجمعية الأميركية للمهندسين المدنيين، وعضو سابق في معهد التحكيم البريطاني واللجنة الأميركية لمواصفات منشآت الطاقة والمجلس التنفيذي للمنشآت الفضائية.
ألّفَ أكثر من ثلاثين بحثا علميا وكتابا في الهندسة وحصل على أكثر من جائزة من جمعية المهندسين البريطانية، كما عمل بروفيسيراً في جامعة ويستر أون تاريو في كندا، كان عضو مستقل في المجلس الوطني الفلسطيني بين عام 1974 وحتى توقيع اتفاقية أسلو عام 1993، عضو هيئة التعاون الفلسطينية في جنيف ورئيس لجنة اللاجئين والإنروا بها، ألف أكثر من ثمانين بحثاً ومقالا وأصدر أربعة كتب عن اللاجئين بالعربية والإنجليزية وصمم ورسم خريطة تضم كل قرى ومدن فلسطين، وُزِع منها ثلاثة أربع المليون نسخة بالغتين العربية والإنجليزية .
ومن أقوال المؤرخ الفلسطيني الكبير سلمان أبو ستة التي جمعتها لكم :
– طرح الغرب 55 خطة للتسوية في الشرق الأوسط، منذ عام 1949، وكانت جميعها “ضد المصالح الفلسطينية .
– لقد ظللت أجمع كل و أي مادة عن كل شبر من وطني .
– أطلس فلسطين ليس مجرد توثيق تاريخي وانما خريطة للمستقبل تضمن للفلسطينيين حق عودتهم لبلادهم .
– لم أحصل على فلس واحد من السلطة ولم آمل يوما في دعم منها على الاطلاق .
– اذا فشل المدافعون عن القضية فالأجدر بنا ان نغير المدافعين لا أن نغير القضية.
– كنا في فلسطين قبل وعد بلفور، أو لو كنا في الأردن أو سوريا أو لبنان لما احتجنا إلى إثبات أن الأرض عربية يملكها سواء كانت مسجلة أم لا، سواء كانت ملكاً فردياً أو ملكاً عاماً لمجموع القرية.
– نحن في فلسطين محتاجون، بعد أن أعوزنا السلاح والقوة للاحتفاظ بأرضنا، أن نلجأ إلى التاريخ والقانون، لإثبات هذا الحق البديهى، الذى لا ينكره إلا الطامع في هذه الأرض .
ومن اهم مؤلفاته:
1 – (حق العودة مقدس وقانوني وممكن)
2 – (طريق العودة، دليل المدن والقرى المهجرة والحالية والأماكن المقدسة في فلسطين)
3 – (سجل النكبة 1948 )
4 – (أطلس فلسطين)