بقلم الدكتور / علي عبد الظاهر الضيف
والله حرام
حدثت لك ظروف ؟ اعْتذِر عن عدم الحضور أكرم لك الف مرة من أن تضيع وقتي وتضيع عليّ يوما في انتظارك كان من الممكن أن أقضي فيه مصالحي !
الوقت من ذهب ولكن الوقت عندنا ذهب!
ذهب فعل ماض، ذهب إلى غير رجعة،
ذهب إلى نقطة اللاعودة، ذهب ولم يعد !
أسوأ كلمة أسمعها لتبرير الاستهتار بالوقت هو عبارة يقولها ذلك الأحمق حين يرفع عقيرته قائلا مستنكرا وعلى وجهه كل علامات التعجب ( هي الدنيا طارت) ؟
أعجب أشد العجب من المصريين في هذه النقطة التي أصبحت ظاهرة لديهم وأصبح العالم يتندر علينا .
الوقت ثروة لمن لا يدرك.. ونحن لا ندرك!
وعند الغرب Time is money
أما عندنا فنحن لا نكتفي بتضييع الوقت بل قتله .. الله يرحمه !
من المآسي أن يضرب لك أحدهم موعدا فتأتي الضربة في رأسك والموعد في أمان من تلك الضربة !
ومن خلال مكوثي في أم الدنيا وجدت أن هذه الظاهرة اوضح ما تكون في فئة الحرفيين والصنايعية الذين لا يلقون بالا بقيمة الوقت، فلا يدرك ذلك الصنايعي المستهتر أنه حين (لطعك) يوما كاملا في انتظاره أنه ارتكب جريمة بل كارثة وهذا هو سر تخلفنا !
لا أخفيكم سرا وسأقولها بصراحة على لسان جلال عامر :
“نحن أمة نامت حتى شخرت فلما أفاقت شخرت لها الأمم”
تلك المقولة التي لخصت حالنا؛ فنحن خبراء في إضاعة الوقت ، ونعود لنتساءل لماذا تراجعنا إلى الدرك الأسفل ؟
يغطّ أحدهم في سبات عميق ويكاد شخيره يصم الآذان وحين تتصل به يقول لك إنه في الطريق وأنت تعرف طرق مصر ! وياحبذا لو حَبَك القصة وسَبَكها ببعض التفاصيل التي لا تملك أمامها إلا الرضوخ والانتظار ، يأتي على رأسها وجود حادث في الطريق أو سيارة عطلانة !
ثم يأتي لك بعد الموعد بساعات بعد خراب مالطة .
رغم أننا لو تدبرنا في الحكمة من جعل الصلاة كتابا موقوتا، ومن سؤال الإنسان عند حسابه حول عمره فيما أفناه لأدركنا الحكمة الإلهية في الإشارة إلى احترام الوقت، ولكن يا للأسى وَيَا للأسف فنحن خبراء في تضييع الوقت .
أنا عن نفسي لا أتخيلني أضيع ساعة من وقتي في مشاهدة فيلم عربي او أجنبي أو مسلسل عربي أو تركي ، ولا أتخيلني أجلس في مقهى بالساعات أقتل الوقت في حكاوي تافهة لا قيمة لها .
أحكي لكم بمرارة من خلال ما عانيته من ظاهرة يمثلها ٩٩٪ من أبناء الشعب
وتلك مصيبة تزداد كوارثها يوما بعد يوم !
ولا يفوتني أن أذكر أن من هؤلاء ال ١٪ شخص وحيد قابلته وهو صديق العمر إذا أعطاني موعدا فهو يحذّر من أنه إن لم يجدني في الموعد بالساعة والدقيقة فسوف يعود من حيث أتى !
رغم صعوبة تحقيق التواصل معه بهذا الشكل إلا أنني أحترمه جدا مع تلك الصرامة في التعامل مع الوقت ولا أتضايق إذا ذهبت متأخرا خمس دقائق عن موعدي معه لأجده قد انصرف لأني تأخرت عليه كثيرا ( خمس دقائق فقط) !
وبالمناسبة هو الآن يشغل منصب مدير عام في إحدى المصالح الحكومية وهو أصغر مدير في مصر، وما نال ذاك المنصب إلا باحترامه للوقت وبصرامته وانضباطه، والجميع يشهد له بالكفاءة ويحظى باحترام مرؤوسيه وحبهم وتقديرهم، كما يخلو المكان الذي يديره من الفساد المشهور بالمؤسسات الأخرى، فلا تضييع وقت الجمهور .. ولا يوجد الدرج الشمال للموظفين و…. إلى آخره.
لم يصل إلى ما وصل له إلا بتقديسه للوقت وحسن استغلاله .
وإذا أردت أن تعرفه عن قرب وتتيقن من صدق معلومتي .. فاسأل في وزارة التأمينات عن شخص اسمه (محمد السايح)
والعمر هو رأس مال الإنسان الذي ينفق منه، ومهما كثُر فهو قليل، ومهما طال فهو قصير، وفي معركة الوعي لا يفوز إلا من أدرك قيمة الوقت، ومن هذا المنطلق ندرك أين نحن الآن وما موقعنا في تلك المعركة .. أفيقوا يرحمكم الله .