ويا لها من نهاية لقصيدة حيث أنهى الأميرعبد الله الفيصل أبياته على صوت كوكب الشرق وهى تشدو:
لاتقلْ أينَ ليالينا وقد كانت عذابا
لاتسلني عن أمانينا وقد كانت سرابا
إننى أسدلت فوق الأمس ستراً وحجابا
فتحمل مُرَ هجرانِك واستبقَ العتابَ
ويا للنهاية وروعتها حين شدى صوت أم كلثوم ذلك الصوت الذى يتيه بالعِزة والكبرياء ، تماما كما تتطلبه تلك القصيدة ،
ولنعش بعض الوقت فى دوحة الأمير عبد الله الفيصل مع تلك اللحظة الفارقة و التي يخشاها العشاق.. ، ما أصعبها من لحظة هى لحظة كنبعاث الفجر حينما يطلُ كالحريق ، تلك اللحظة التى تتصارع فيها لوعة القلب ، مع ما تأباه النفس ..
فما أروع العزَّة في الحب ، وما أجل النهايات حينما تقسو البدايات
وهنا فى رائعة الأمير ” من أجل عينيك “
نجده يأخذ بقلوبنا عبر صوت أم كلثوم من بداية القصة بأبيات تتجللى معانيها شغفا يملىء قلبَ المحب حيث جاءى البداية بصورة محب مَلّك قلبَه لحبيبِه راضيا بمصيرِه عدلاً كان أم ظلماً
فهى بداية تؤكد حقيقة ذهاب عقل المحبين ..فيقول:
من أجل عينيك عشقت الهوى بعد زمانً كنت فيه الخلى
وأصبحت عينى بعد الكرى تقول : للتسهيد لاترحل
يافاتناً لولاهُ ماهزنى وجدُ ولاطعم الهوى طاب لى
هذا فؤاى فامتلك آمرهُ فأظلمهُ أن أحببت أو فاعدل
نعم ..”يافاتنا لولاه ما هزني وجدٌ ولا طعم الهوى طاب لي “،
هنا نعم هنا تتجلى الحقيقة واضحة وضوح الشمس ،
فعلى المحبين أن يدركوا أن ” مقاتلهم أحيانا قد يأتى من شفقهم “
لكن هيهات – هيهات أن يدرك المحبون هذا الخطر ،
يكملُ الأمير
: من بريق الوجد فى عينيك اشعلت حنينى
وعلى دربك أنًىَ رحُت أرسلت عيونى
الرؤى حولى غامت بين شكي ويقينِي
والمنى ترقص فى قلبى على لحن شجونىِ
أستشف الوجد فى صوتك آهات دفينة
يتوارى بين أنفاسك كى لا أستبينَ
لستُ أدرى أهو الحبُ الذى خفت شجونه أم تخوفت من اللومِ فآثرت السكينةُ
قيللحيرة ، وما أصعب اللحظة
حين يعود العقل لادراكه الواعى و تتراجعَ امنيات القلب فيعود العقل بأسئلة حائرة تلك الأسئلة التي لا يملك القلب الجواب عنها ، فدوما الحيرة هى العنوان
هي تكون قمة القصيدة وبلوغها قمة الحبكة حينما يبدأ الصراع في قصص الحب
وإن شئت قلت هي اللغز الذى يأتى قبل الكشف
ملأت لى درب الهوى بهجة كالنور ِفى وجنتِ الصبحً الندي
وكُنتُ إن أحسست بى شقوتً.. تبكي كطفل خائفٍ مجهدِ
وبعد ما أغريتنى لم اجد منك إلا سراباً عالقاً فى يدى
لم أجن منهُ غير طيفً سرى وغاب عن عينى ولم أهتدي
حينما نسمع كوكب الشرق تشدو بقولها
” لم أجن منهُ غير طيف سرى وغاب عن عيني ولم أهتدي “
هنا تكون نقطة الادراك عند المستمع فالشاعر لا يزالُ ضائعا في حيرته ،
ففى هذه اللحظة يحين دور العقل ليأخذ الزمام لعله يصل بعدها إلى النتائج التي قد تريحه ..فيقول
: كم تضاحكت عندما كنت أبكي وتمنيت أن يطول عذابي
كم حسِبت الأيام غير غوالٍ..وهى عمري وصبوتي وشبابي
كم ظننت الآنين بين ضلوعى رجعَ لحن ٍ من الأغاني العذابِ
وأنا أحتسى مدامع قلبى حين لم تلقنى لتسأل مابى
فيالقسوة العقل حينما يحتكم اليه وهنا بات من الواضح أن شاعرنا قد استجاب لنداء نفسه الأبيّة التي ترجوه لأن يستجيبَ خلص إليهِ عقلُه ،
فهنا وليس قبلها تأتى إرادة الشاعر لتعبرتعاون وترابط قل ان تجده بين المتصارعين العقل والقلب — ليأتى القرار الأخير ويسدل بنفسه الستار
: لاتقل أين ليالينا وقد كانت عذابا لاتسلنى عن أمانينا وقد كانت سرابا
عجبا أهذا هو الحبيب الذي أضعت سنوات عمرك لاجله ، حانت عليك اللحظة لكى تفارقه بملىء إرادتك حتى أنك قد أبيت حتى العتاب؛ العتاب الذى يعد بابا مواربا للرجوع.. استطعت بانفة وكبرياء أن توصدهُ وتسدلُ باتفاق قلبك وعقلك الستارعن هذا المحبوب