إنهم ليسوا فوق ظهره. ولا توجد رائحة كلابهم حوله . يبدوا أنهم إنسحبوا بعدما نفذ الضرب الذي تسلحوا به للتحقيق معه. قبل القبض عليه كان عنقه قوياً صلباً شامخاً ، فخوراً بحمل رأس داهية . والأن إختلطت أحاسيسه ، وهبط سعره في سوق الرأي. إنه يفكر في طريقة لفك وثاقه . أولاً التخلص من الكلبشات “الخيط” الذي ربطت به أطرافه الأربعة كي لا يتحرك. ثم يتخلص من عصابة سوداء غطت بها الشرطة السرية وجهه كله . لا يدور في باله متهم أخر ، فلا أحد في المدينة والدولة بأكملها لديه الصنف الذي ناله من العقاب . لقد كانوا يسبونه براحة، ويلطمون وجهه بسرية . تبا له كيف يتذكر من هو وماذا حدث له . سيجن إذا لم تمر على ذاكرته المصابة بالهسترية لحظات ما قبل هذه اللحظات. الأن إستطاع الوقوف بعدما مزق عقاله . وتذكر أن الذي ظنه حيواناً صرق علبة سجائره. لا بأس فاليد مكبلة والفم مغلق بكومة قماش صغيرة. ومغلق أصلا بقانون الطواريء. ولا داعي لثورة الدخان ، ثورة الشعب الصامتة.
يرى أمامه رغم أنه لا يزال مكبلاً . يسير بعض الخطوات ليستعيد بعض القوة. ثم يُمزق الخيط الذي ربطت به يمناه فوق يسراه. إكتشف بعد الخطوات أنه بدون قميص . فصاح بصوت خافت ، أين قميصي يا سادة. ولجأ إلى الجدار وأخذ يتحسسه بأصابعه . وبكى كثيراً عندما فهم أن الجدار لغرفة بأربعة جدران محكمة الإغلاق . وفهم أيضا أنه كان في غيبوبة ما بعد الضرب . وهو الأن متواجد في مكان في علم الله حتى يعلم هو . ومع هذا خمنه ، هل هو السجن ؟. أو هل هي غرفته التي دائما يستيقض على إثر كوابيسه ليكتشفها من جديد. فتح عيناه بصعوبة كبيرة. وحرك أجزاء جسمه فوق فراشه الفاره . مُبتسما مُتحاشياً الإستسلام إلى رعب الكابوس الغابر.