يعتبر الوعي هو اكثر القضايا الفلسفية جدلا منذ القدم ، فلا يوجد لحد الآن تعريف موحد للوعي ما عدا أنه ينشأ في الدماغ .
تقول ثنائية ديكارت : يمكن تقسيم الانسان الى نصفين ، جسد مادي و عقلي أو وعي مختلف عنه و لا ينتمي له ، يمكنك دراسة جسدك و النظر إليه من الخارج لكن الوعي لا يمكن اخضاعه للدراسة و النظر إليه من الخارج ، هذه الفكرة المغرية لازالت سائدة الى يومنا هذا في الاوساط الفلسفية ..
علماء الاعصاب يعتقدون ان الوعي هو قضية علمية تخصهم و ليست قضية فلسفية او غيرها ..
تشير أبحاثهم ان مراكز الدماغ تدعم بعضها و تتداخل بشكل كبير جدا و يمكن لمنطقة ان تأتي مكان منطقة اخرى ، و هذا قد يفسر ظاهرة ” الاعضاء الوهمية ” عند المرضى الذين تم بتر أحد اعضائهم ، يبقى المريض يشعر بهذا العضو المبتور و كأنه موجود فعلا ، فعندما تلمسه مثلا في عضو آخر ، تكون منطقته الدماغية بجوار منطقة العضو المبتور ، يشعر و كأن عضوه المبتور موجود فعلا و هذا بسبب تداخل منطقة العضو المبتور التي لم تعد تستقبل الاشارات الكهربائية مع منطقة العضو السليم الذي تم لمسه ، هذه الظاهرة ترجح ان الوعي ليس له مركز محدد في الدماغ و انما هو نشاط دماغي متداخل و متطور .
لماذا الكل يتحدث عن الوعي؟
الكل يتحدث عن الوعي لأن هذة آخر صيحات الفكر. تستطيع أن تقول بأنها موضة جديدة وعندما ينتشر الوعي في كل مكان سيصبح شيء طبيعي وسيمارسه الناس دون أن يتحدثون عنه. ككل الأشياء الجديدة، إنبهر الناس بالوعي لكنهم سيعودون للتوازن قريبا.
هل هذا يعني أن الوعي شيء جديد؟
لا، الوعي قديم جدا، منذ خلق الله البشر والوعي موجود وهذة هي معضلة الإنسان على مر الأزمان. إستخدم الناس آليات مختلفة للوصول للوعي كالتعليم، الدين، الفكر، وحتى الحروب. المشكلة ليست في الوعي بقدر ما هي في عقلية البشر التي يطغى عليها الجانب المادي فيدخل الناس في حروب وآلام ويضيع العلم ويغيب الوعي وبعد مدة من الإستقرار يكتشف الناس حاجتهم للوعي مرة أخرى حتى يستطيعون التعايش مع بعضهم بعضا في سلام.
ما هو تعريف الوعي؟
الوعي ببساطة « هو إدراك من نكون ومن يكون الآخر » وعندما ندرك من نكون ومن يكون الآخر يمكننا أن نستخدم تلك الحقائق من أجل العيش بسلام وتناغم بحيث نصل إلى أقصى درجات السعادة بأقل جهد وأقل ألم ممكن. فالوعي هو عملية تطهر وتجرد من كل الشوائب في النفس. هذة العملية تؤدي إلى إزالة الوهم من عقل الإنسان وهذا بشكل طبيعي يدخله في الوعي وعندما يفعل تتضح له الصورة وتظهر له الحياة على حقيقتها. الحقيقة التي يرفضها أكثر الناس وهي أننا جميعا متصلين ببعضنا بعضا وأن سعادتنا تكمن في أن يحترم كل إنسان حدوده فلا يطغى على حدود الآخرين ولا يحاول السيطرة عليهم وإنما التناغم والتعايش معهم.
ماذا سأستفيد من الدخول في الوعي؟
فائدة الوعي أنك ستدرك حقيقة الحياة وبهذا تصبح قادرا على التعامل معها بسهولة، فلا تجزع أو ترتكب الحماقات من أجل الحصول على أشياء هي موجودة ومتوفرة للجميع بلا إستثناء. سيتغير منظورك للحياة من حب السيطرة إلى الإستمتاع المتبادل وستشعر بالطمئنينة والسلام في كل شيء تقوم به. ستتخلص من القلق والتوتر وتتمتع بصحة جيدة وستصبح علاقاتك بالآخرين سببا لسعادتك لا شقائك وشقائهم. ترتفع إنتاجيتك في كل شيء وستتمكن من التعبير عن ذاتك الحقيقية دون خوف من الآخرين. ستكون سعيدا بما أنت عليه وهم سعداء لوجودك بينهم. في حالة وجود أشخاص غير واعين أو مزعجين في عالمك فإنك لن تجد صعوبة في التأثير عليهم وتغيير أفكارهم أو التخلص منهم بسهولة. ستبدو الحياة بشكل عام أسهل وأكثر تعاونا معك.
لكن الوعي يسبب الألم كما سمعت.
نعم هناك ألم ناتج عن عملية ترويض النفس. عندما تدخل في الوعي فأنت تواجه نفسك وتواجه أسوأ ما فيها من مشاعر وأفكار ومعتقدات. هذة المواجهة تسبب الألم خصوصا عند مواجهة المخاوف ومشاعر الضعف والهروب من الواقع. هذة أمور لا بد منها والكل يمر من خلالها لتتم عملية التطهر على أكمل وجه فيرتاح بعدها الإنسان. كثير من الناس يخفقون في الوعي لأنهم لا يريدون تحمل مسؤلية حياتهم. هم يريدون حلول جاهزة تجنبهم الألم وهؤلاء هم من تتحول حياتهم إلى جحيم بعد الدخول في الوعي، لأنهم يصبحون مذبذبين بين الطمع والخوف. يطمعون في الحصول على كل خيرات الوعي لكن يسيطر عليهم الخوف من خوض التجربة فيبقون يراوحون في مكانهم ويتأرجحون مجيئا وذهابا. أمثال هؤلاء يتحدثون كثيرا عن الوعي لكن معظم تصرفاتهم تثبت العكس. السبب الرئيسي هو الترقيع. يعرفون نصف المعرفة من معلومات عامة يجمعونها من هنا وهناك ولا يوجد رابط بينها. الوعي يحتاج إلى أكثر من مجموعة معلومات عامة. هي تجربة متكاملة يجب أن ينغمس فيها الإنسان بكل ما تحتويه من ألم ومتعة.
كيف أدخل في الوعي ومن أين أبدأ؟
الدخول في الوعي مرتبط إرتباط وثيق بالقرار الذي تتخذه. يبدأ الوعي بقرار واضح وصريح أنك من اليوم وصاعدًا ستتحمل مسؤلية حياتك وأنك ستقوم بكل الأشياء اللازمة لرفع مستوى وعيك وإدراكك لتصل في النهاية إلى وعي يسمح لك بالعيش بسعادة وتناغم مع الحياة. الوعي ليس للتجربة فإذا لم يعجبنا تركناه. السبب أن الوعي مجموعة معلومات وإكتشافات فكرية إذا عرفناها لا نستطيع التراجع عنها. الصعوبة في الوعي هي أنك إذا أخذت الخطوة الأولى فعليك أن تكملها وتأخذ جميع الخطوات حتى تصل إلى درجة مرموقة من الوعي.
استخدام مقياس هاوكنز للوعي – تحتاج للكثير من الصدق لتعرف نفسك
أشعر بالغربة بعد دخولي في الوعي
بكل تأكيد ستشعر بالغربة فأنت في مكان لم تختبره من قبل. نفسك تنازعك لإعادة إحياء خبراتك السابقة وعلاقاتك بالمحيطين حولك لكنك لا تستطيع العودة لأنك تعلم أنهم على خطأ، أنت تستطيع رؤية الخلل بكل وضوح لذلك تفضّل الإبتعاد عن الناس، تميل إلى الروحانيات بينما يميلون للماديات، ذوقك الموسيقي مختلف بينما هم يستمتعون بألحان مختلفة قد تعتبرها رديئة أو بلا ذوق. تراهم يتحدثون بفوضوية وصخب بينما أنت هادىء، أفكارهم تعلم تماما أنها سبب معاناتهم لكن لا يريدون الإستماع إليك. هذا يزيد من شعورك بالغربة.
حسنًا، كشخص واعي يجب أن تكون قادرا على الدخول والخروج إلى عالم الآخرين بكل سهولة دون أن يسبب لك ذلك أي إحباط. هذا راجع إلى درجة تقبلك للآخرين ولسلوكياتهم. التقبّل هو الصفة التي تطغى على الواعين. فنحن نتقبل الآخرين كما هم ونراهم رائعين وهذة درجة عالية من الوعي كثير من المبتدئين لم يدركوها. تقبلهم كما هم ولا تحاول تغييرهم بالقوة، فقط حاول أن لا تحكم عليهم، إسمح لهم أن يمثلون مرحلتهم كما هي بلا تدخل منك، إمنحهم الكثير من الحب اللا مشروط، إستمر في التقدم والنجاح وترويض نفسك على التقبل. بعد فترة سترتفع طاقتك فوق الجميع وتصبح قادرا على التعامل معهم كما هم بلا عناء.
ّّ لماذا تريد أن تغير الآخرين؟ فقط إسمح لهم أن يتصرفون على طبيعتهم. دعني أخبرك بشيء. أنت لست حزينا عليهم ولكن سبب حزنك أنهم لا يسمعونك، أنت تريدهم أن يتغيرون مثلك. هذا ليس بيدك. أنت لم تخلقهم ولا تستطيع تغييرهم بمزاجك. فقط عندما تصبح أرواحهم مستعدة سينتقلون لوعي أكبر. دورك هو أن تستمتع بالوعي وتستمتع بأيامك ثم بعد فترة قد تطول قليلا أو كثيرا سيشعرون بك ويشعرون بالطمئنينة التي تعيشها وسيسألون ويستفسرون. في مثل هذة الحالة، خذهم خطوة بخطوة وأخبرهم فقط ما يستطيعون تحمله وإستيعابه. فإن توقفوا فتوقف أنت. لا تطعمهم أكثر مما يستطيعون بلعه. على فكرة هم ليسوا الهدف بل أنت الهدف، فوجودهم ضروري لك أنت لترتقي بوعيك وتقبلك. أنت المعني بالأمر وليسوا هم. إن كنت من أصحاب الوعي المرتفع فلن تجد صعوبة في التعايش معهم بدون ألم.
● هل هناك هدف تطوري للوعي ؟
الوعي هو ذلك ” الفلتر” الذي يهتم فقط بالمعلومات المهمة من حولك بينما المعلومات الاخرى تكون في اللاوعي ، مثلا قد تتذكر تفاصيل يومك الاول في العمل بينما لن تتذكر باقي الايام لأن جميع المعلومات التي إلتقطها دماغك مرت عبر الوعي الى اللاوعي ..
الوعي لا يهتم بكل المعلومات التي في المحيط ضمانا لبقاء الكائن الحي على قيد الحياة
أبعاد الوعي الاجتماعي
1. البعد الأول: وجود اتجاه أو موقف إيجابي أو سلبي نحو القضية أو الموضوع المراد استطلاع الوعي بشأنه، وهو ما يُسمى: البعد النفسي الاجتماعي في الوعي.
2. البعد الثاني: ويقوم على إدراك القضية أو الموضوع من خلال تفسيره، وإبراز إيجابياته وسلبياته، وهو ما يُسمى: البعد العلمي للوعي.
3. البعد الثالث: ويقوم على تقديم تصور بديل للواقع الراهن لهذه القضية أو ذلك الموضوع الذي يُستطلع الوعي بشأنه، وهذا ما يُعبر عنه بالبعد الأيديولوجي.
ويتحدد الوعي بناءً على البنية الاجتماعية والاقتصادية والسياسيةللمجتمع .
أنواع الوعي
1. الوعي الاجتماعي
إن كان الوعي الاجتماعي تصويراً وانعكاساً للوجود الاجتماعي ـ أي العلاقات الاجتماعية والحياة الاجتماعية بجميع مظاهرها ـ فهو أيضاً حصاد لمجمل تفاعلات الوعي الطبقي. كما أن الوعي الطبقي نفسه انعكاس وتصوير لوجود الطبقة، ولحصاد تفاعلات وعي أعضائها.
فالوعي الاجتماعي، إذاً، هو منظومة عامة من الأفكار والنظريات للطبقات حول مجمل العلاقات الاجتماعية القائمة، ويمثل فهماً كلياً لها.
2. الوعي الفردي
يستند الوعي الفردي إلى أن الإنسان في الجوهر كائن مدرك لتصرفاته المتعددة (بتعدد أبعاد الحياة اليومية وزواياها، أي جميع أنواع النشاط الإنساني المادي والروحي). ويرتبط الوعي الفردي بالوجود المحدد للفرد في جماعة وطبقة ومجتمع معين، وبكل أساليب وفرص إشباع حاجاته الروحية والمادية. إن هذا الوعي الفردي ظاهرة اجتماعية ذات محتوى اجتماعي يتضمن الوجود الشخصي للفرد والطبقة التي ينتمي إليها، والوسط الروحي والمادي المؤثر في الوجود الفردي. ولهذا لا يستخلص الوعي الفردي من الظروف الفردية الشخصية فقط، بل من وجود الفرد في طبقته وجماعته ومجتمعه.
أما عمّا يحدث داخل الفرد، فإن الوعي هو العملية التي يقوم بها العقل باستخدام المعرفة المختزنة لديه، لتحديد دلالات المدركات الحسية ومعانيها. فالفرد لا يُفسر الرسائل التي يستقبلها في معانٍ مطابقة لها تماماً، ولكن يكون التفسير في إطار التفاعل بين الرموز التي يتم استقبالها، وبين المعرفة السابقة ذات العلاقة التي يستعين بها الفرد المتلقي.
وقد أوضح جون لوك أن الوعي هو إدراك ما يدور داخل عقل الإنسان، وهو انعكاس لملاحظات الشخص أو لملاحظة عقله للعمليات المتداخلة. وأشار إلى أن صور الوعي متعددة ومتباينة؛ فمنها الأفكار المدركة، والتفكير، والمعرفة، والشكوك. ويتم تعلم هذه القضايا الذهنية في أي لحظة. ويسمي لوك هذه العمليات “الإحساس الداخلي”.
أما الوعي على المستوى المعرفي لدى الفرد، فينقسم إلى نوعين: وعي يومي (تطبيق)، ووعي نظري.
· يُقصد بالوعي اليومي، وعي ينشأ من الشروط التطبيقية للحياة الاجتماعية، وفيه تعبر الحاجات والمطالب البشرية عن نفسها.
· ويُقصد بالوعي النظري، وعي يطمح إلى التعبير عن جوهر الظواهر الاجتماعية.
ويكمن الاختلاف بين هذين النوعين ـ اليومي والنظري ـ في أن الوعي الأول يبقى على سطح الظواهر دون أن تصل تعميماته إلى عمقها، ويحاول الثاني التعمق في جوهر الظواهر وكشف قوانين وجودها الفعلي وتطورها.
ومن أوجه الاختلاف بين الوعي والأيديولوجية، أن الوعي الاجتماعي يشتمل على التلقائية والعفوية، في حين تشتمل الأيديولوجية على مستوى عالٍ من الفكر والعلم يأتي بعد الوعي المباشر.
السيكولوجيا الاجتماعية والوعي
تمثل السيكولوجيا الاجتماعية مجموعة من المشاعر والاتجاهات الاجتماعية، التي تتحدد بمقتضيات وديناميات الوجود الاجتماعي للأفراد والجماعات. وتمثل هذه السيكولوجيا حلقة وصل تنقل تأثير الوجود المادي إلى مستوى الوعي.
ولا يُعد الوعي الاجتماعي أيديولوجيا أو سيكولوجيا، بل هو جميعها متفاعلة متبادلة التأثير. ليس ذاتياً ولا موضوعياً، بل هو حصاد تفاعلها جدلياً. وإنه ليس إدراكاً للواقع أو تصوراً له، بل هو نتاج لحركة جدلية يندمج فيها الفردي في الاجتماعي، والذاتي في الموضوعي، والإدراك في التصور. ومن ناحية أخرى، تُعد الأبعاد السيكولوجية والإدراك السيكولوجي الاجتماعي مستوى أولياً للوعي، وتُعد الأيديولوجيا مستوى أكثر تنظيماً.
وهكذا يتضح أن الوعي الاجتماعي هو الحصيلة المستمرة لعملية الإدراك الشاملة للواقع الاجتماعي.