بينما كان عنتر مشغولاً فى ورشته بصناعة الأبواب الجديدة .. ومنها باب لذلك الرجل الذى سرق اللصوص بيته وجعلوه على الحديدة .. إذا بصوت أمه تناديه وكان اسمها ” لبيبة” فقالت : تعالى يا ولدي فقد جهزت لك الغداء .. وقبل أن تأكل أغسل يديك بالماء .. حتى لا تصيبك الأمراض والأوباء. فرد عنتر وكان يبدو عليه التعب والعناء : لبيكِ أماه .. سأغسل يدي ولكن أين المياه ؟
فقالت الام : لقد نسيت يا عنتر أن أضعك فى الصورة ، فقد قطعت الشركة المياه لأننا لم ندفع الفاتورة .. فغضب عنتر بن حداد ، وذهب ليرى المحبس والعداد ، فوجد عنترة بجوار المحبس ورقة معلقة مكتوب فيها ” ادفعوا فاتورة مياه الشقة وإلا فالغرامة مستحقة “.
فذهب الفارس عنترة ليخرج موتسيكله البطة .. كي يذهب به إلى شبكة المياة والمحطة .. ليقدم شكوى عن المياه المقطوعة .. لعل شكواه تكون مسموعه.
فوصل عنتر الى محطة المياه والصرف .. بعد أن سار مسافة طويلة بين الحَلف .. فوجد بواباً يقف فى الخارج .. فقال عنترة : أيها البواب أريد أن أقدم شكوى … فرد البواب لن تكون لشكواك جدوى .. ولكن اذهب للآنسه سلوى .. ستجدها فى الدور الرابع .. وإذا لم تجدها فاذهب للسابع .. فقال عنتر سأذهب حيثما تكون .. فإن أمر المياه لا يهون .. فانطلق عنترة إلى السلم .. دون أن يشكر الرجل حتى أو يسلم ..
وعندما وصل إلى الدور الرابع وجد عنتر مجموعة من المكاتب .. ولا يوجد عليها موظف واحد أو كاتب .. فقال فى نفسه .. أين ذهب الموظفون .. لماذا هم ليسو فى مكاتبهم ويعملون ؟ وإذا بصوت خطوات أقدام على السلم .. فإذا برجلً ينزل من أعلى ويمر دون أن يتكلم .. فنادى عنتر : يا رجل .. أنت يا رجل .. أين الأستاذة سلوى مديرة قسم البلاوى والشكوى ؟ ..
فضحك الرجل بصوت مرتفع ثم قال : إنها بالأعلى مع الأستاذة سامية .. تخرطن الملوخية ويتحدثن عن البامية .. فصعد عنتر إلى الدور السابع .. بعد أن ضاق صدره وعانى للوصول إلى الرابع .. وحينما وصل عنترة إلى أعلى فإذا بامرأتين جالستين يخرطن الملوخية .. ويتكلمن عن البامية والمحشي والمهلبية .. فقال عنتر : أين الأستاذة سلوى ؟ فردت عليه واحدة منهن وقالت : ماذا تريد من سلوى ؟ هل أنت عريس ؟ هل تريد أن تتزوج من سلوى ؟ إنها استاذة محترمة وحلوى ..
فقال عنتر بصوت منخفض ” يادى البلوى ” .. أنا لم آتى إلى هنا لزواج .. إنما أتيت من أجل تقديم شكواي .. فقالت إحداهن اجلس حتى نحضر لك كوباً من الشاى .. فجلس عنتر ليستريح مما لاقاه فى الصعود من عناء .. وعادت المرأتان ليتحدثن عن الطعام والشراب والكساء .. وجلس عنترة على هذا الحال طيلة نصف ساعة .. حتى غضب وحدثته نفسه أن يقوم ليولع فيهن بالولاعة .. فصرخ عنترة : ما هذه المسخرة ؟ كيف تكونن موظفات .. والشباب جالس على المقاهى فى الطرقات ؟ جئت هنا من أجل شكوى انقطاع المياه ولكن لمن أشكوا ؟ أشكوا لموظفة جائت كي تلعب وتلهو ؟ كيف لنا أن نتقدم بين الأمم .. وقد مسك المناصب الجهال والرمم .. كيف تريدون أن يُرفع لنا علم .. وأنتم تتركون الشباب بلا وظائف وتوظفون من هَرم . فخرج عنتر من المحطة يضرب كفاً على كف .. وكاد عقله يطير أو يخف .. وأخذ يفكر في بلواه ودائه .. ونسي ما كان من أمر غداءه ..
***
إلى لقاء يا أحباب مع الفصل الثالث من قصة عنتر بن حداد صانع الأبواب