بقلم : نبيل أبوالياسين .
في إحدى لقاءاتي مع أعضاء المنظمة ، أثناء مناقشة ندوه بعنوان «المرأة بين تقدمها بجدارة ، وإعدادُها قاده للقيادة » إستوقفني كلام أحد الشباب حينما قال ، لقد تفاقمت الفتن ، وإنعدم الحياء وأصبحت المرأة غير الذي وصفها رسول الله (ص) بالقوارير ، إنزلق من على رأسُها رداء العفه ، منهم من إنساقت وراء الشهوات ، والنزوات ، ولا تبالي للآخرين من لصق عار ماتفعلهُ على جبينهم ، وأصبحنا لانفرق بين هَذهِ ، وذاك كُلهُن وجهان لعملة واحده ، وأنا في حيرةً من آمري في إختيار شريكة حياتي، فقُلتَ ليس كلهم «نعم ليس كُلهُن ..العَفيِفه تتوشح بالحياء »وكان هذا عنوان مقالي .
وبدأت مقالي بوصف «المرأة العفيفه » تتصف المرأة العفيفة بأنَّها حسنة الأخلاق، ورفيعة الأدب، وطاهرة الجنان، وحسنة العشرة، طيّبة، نقيّة، وحسنة الخطاب، ولطيفة المعاملة، وقابلة للنصيحة، وزكية اللسان، وبعيدة عن الكبرياء، والنفاق، والجدال، ومحافظة على صلتها بربها، وتهدف إلى الحفاظ على إيمانها، وتقواها، وتحرص على تقديم رضا الله على رضا الناس، وإرضاء شهواتها ونزواتها
لذا أتمعن في كلمات مقالي هذا وأتمعن وراء السببُ في كون أمهاتُنا الأوائل الذين توشَحن بــ «الحياء » ، والآن نراه قد بدأ يتزلزل من على أكتافهن ، والتمعُن في سبب إندثار الفتنة من قبل وتفاقُمها الآن ، وإنتشار الذنوب وعدم إحتقارها كل ذلك يأتي وراء «وشاح الحياء» .
حياء المرأة خلُقٌ كريم ، يَبعث على إجتِنابُها القبيح مِن الأفعال ، والأقوال، ويَمنع مِن التقصير في حقِّ ذي الحق، الحياء مُشتَقٌّ مِن كلمة «حيى» التي هي أصلٌ لكلمة الحياة، الحياء نور للقلب وحياة للبدن، ومن يفقدهُ يفُقد الحياة فتصير المرأة ميته تَمشي بين الأحياء.
وحياء المرأة أصل في خِلقتها، وصِفَة مِن أهم صفاتُها، وأعظمها فلا تُعرف المرأة إلا بالحياء، وإذا ذُكر الحياء ذُكرَ في مُقدتها المرأة، فهما صاحِبان مُتلازِمان، وقرينان لا يَنفكَّان عن بعضُهما البعض .
المرأة العفيفة ، والحيية هي التي وعت وتربت على أن الحياء شعبة مِن الإيمان فاستمسَكت بحيائها، وعاشت به، وماتَت عليه ، وهي امرأة صانَت نفسَها، وحَفِظت كرامتَها، وتَسربَلتْ برداء العفَّة والحياء؛ فلا تُعرَف إلا بالفضيلة، ولا يُشار إليها إلا بخير، تَنأى بنفسها عن موارد الريبة ومظانِّ الفِتنة.
هي امرأة لها نفس كريمة شريفة رفيعة أبيَّة، تَستحي مِن نفسِها كأن لها نفسَين تَستحي بإحداهما أن تطَّلع مِن الأخرى على ما يَعيب، فهي مُصانة في سرِّها قبل علَنِها، وكما قال رسول الله (ص)، ورواه مسلم «الحياءُ كلُّه خير» .
فإذا لم يَستَحِي المرأة ، فعلت ما شاءت ، وأصبحت هي والشيطان قرينان ، وتُلقي ثوب الحياء جانباً وتُنزَع رِداء الإيمان، وتُضيَّع عمرها في شهوات ، أو نزوَات ، بلا دين ، ولا عقل ولا حياء، ولا تُبالي أهل ولا غيرهم ولكن لا مفرَّ فلتصنع ما شاءت، فسيَُلحقُها غضب الله ، وسخطهُ ، ومقتُه، فلا تسلْ بعد ذلك عن ضيق صدرِها وإنقباضِها، وهمِّها وغمِّها، وشقائها وتعاستِها، ولَعذابُ الآخِرة أخزى لو كانوا يعلمون.
إن المرأة المؤمنة العفيفة كنزٌ ثمين، يجب التشبث بها ، لانها جوهرة مكنونة، هي أهم سببٌ في سعادة المجتمع فهي تحقِّق لزوجها السكنَ والأنس، ولأبنائها التنشئةَ الصالحة، ولوالديها وإخوانها السمعةَ
الطيبة .
إن التحلِّي بهذه الصفة «الحياء » ليس مجرَّد جِبِلَّةٍ «أرض طيبة » تنشأ عليها المرأة، أو عادة تكتسبها منذ الصغر، بل هي ثمرةٌ أثمرة وترعَرعت لمجاهدة النفس، وأثر لتزكية الروح والتسامي عن الرذائل ، والشهوات ، وإتباع الهوى ، فهنيئًا ثم هنيئاً لمن شرفت نفسها بهذا الخُلق الكريم.
مدح الله عز وجل «مَريَمَ بَنَت عِمرَانَ» في عفتها ، فقال سبحانه: ﴿ وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ ﴾ .
فالحياء من أهم صفات المرأة المؤمنة الصالحة، والعفيفة تتسم بأنها صفة تُزين بها المرأة ألا وهيا الحياء ، وتصون نفسها، لتكون رساله تحمي غيرها من الفتن، وتربِّي أبناءها على مكارم الأخلاق، وتكون لهم قدوةً صالحة وأم مشرفه بسمعة طيبه.
يجب تنشئة المرأة من الصغر على الحياء ، والسِّتر ، ومكارم الأخلاق والتزكية المستمرة للنفس ، والإقبال على الطاعات ، وإختيار الصحبة الصالحة، والبُعد عن كلِّ ما ينحرف بالقلب عن طاعة الله عز وجل ، وإجتناب المشاهِد الخليعة، والإقتصار على القولِ المعروف ، وعدم إتباع خطوات الشيطان ، والإلتزام بالعفة رجاءَ رضا الله تعالى، وليس خوفًاً من كلام الناس بل حفاظًاً على السمعة الطيِّبة ،والإستعانة بالله ، وكثرة الدعاء، وسؤال الثبات على الإيمان والإستقامة ، وحفظ نعمة العفَّة بشكر الله عليها.
وأخيراً العفة توفيقٌ من الله، فلا ينبغي للمرأة أن تنسب الفضلَ لصدق عزمها، وقوة إرادتها وإيمانها، وتتنسىٓ فضل الله عليها وتوفيقه إياها ، وعلى المرأة التي تُريد أن تكون محل تباهي الأهل ، والولد ، والمجتمع الاقتداء بالصالحات العفيفات، وهن زوجاتُ النبي صلى الله عليه وسلم وبناته، ومَن ورد الثناء عليهن في كتاب الله عز وجل ، وأن تصبُر على الفتن، وتتمسُّك بالطهر ، والعفاف في زمنٍ كثر فيه دعاة الشهوات، وسهُل فيه الوصول إلى الملذَّات،وتلتزم بالعفة ، والحياء ظاهراً ، وباطناً ، فلا يكون ظاهرها دالًّا على الحياء ثم تزيغ ببصرها يميناً ويساراً تبحث عن نظرات الإعجاب، أو تخضع بالقول عند مَن لا تحلُّ له ، أو تُفتن غيرها بالنظرات والحركات ، فتكون سببًا في تحريك القلوب نحو ما حرَّم الله عز وجل .