عمر عثمان شاب نادر الوجود قلّما يجود الزمان بمثله ظهر منذ سنوات على شاشات التلفاز.
شاب فى الخامسه عشر من عمره برع فى الرياضيات بشكل أوضح مدى عبقريته فقد كان طالب فى الأعداديه درس رياضه الثانويه العامه و توجه الى جامعه القاهره و الجامعه الأمريكيه و الألمانيه بُهر به الأساتذه و سمحوا له بأجتياز أمتحانات كليه الهندسه و كليه العلوم قسم الرياضيات و نجح بها جميعا بأمتياز, و لكن بصفه وديه.
و كان أمله أن يلتحق حينها بكليه الهندسه متجاوزاً الثانويه العامه . و ألتقى برئيس الوزراء حينها , و العادى ان نقول انه سمع كلاماً طيباً و وعودً براقه , و لكن الحقيقه ان حتى الوعود البراقه بخلوا بها عليه و قالوا انت عبقرى حقا ولكننا لا نستطيع ان نخرق القوانين و يجب ان نحترم المنظومه التعليميه , وهنا جاءت الصدمه , أى قوانين و أى منظومه تقف عقبه أمام عبقرى – و لكى نعرف عن من نتحدث – فإن عمر عثمان لم يكن مجرد طالب ذكى سابق سنه فى فهم الرياضيات ولكنه من سلاله العلماء الذين لديهم قدره على الأستنتاج و الأستنباط و التحليل و لهم أبتكارات فى أيجاد حلول بطرق جديده فى حل المشاكل الرياضيه , و هذا موثق فى أحدى المجلات العالميه المتخصصه فى الرياضايات , حين اجرت مسابقه تقدم فيها عمر و فاز هو وعالم ألمانى و كان تقرير المجله أن حل عمر أفضل بكثير رغم انهما وصلا الى نفس النتائج و لكن طريقه عمر كانت الأسهل و الأقصر.
ثم تقدم عمر لمنحه صيفيه فى مدرسه بفرنسا للمتميزين على مستوى العالم وتم أختياره وقضى الصيف فى هذه المدرسه ,
ثم عاد – لم يطاوعنى قلبى ان أقول يجر أذيال الخيبه و الفشل – بل سأقول عاد يحمل عقله الألمعى و عبقريته النادره التى تمنى ان يلقى بها فى أعمق بئرٍ للنسيان , تمنى أن يسكت صوت عقله و قلبه الذى يصرخ دائما أن هذا ليس مكانك و هذه ليست أمكانياتك ,
و قبل أن يدخل عمر كهف الأكتئاب و اليأس و الأحباط , جاءت رحمه رب العالمين لتذلل له كل العقبات و تترك اللوائح و القوانين لأصحابها الذين يقدسونها ,
وأذا بأحد الباحثات الفرنسيات التى كانت تناقش حالة عمر فى المدرسه الصيفيه تدعوه للمثول أمام لجنه من علماء الرياضيات لبحث أمكانيه دخوله جامعة باريس ووافقت اللجنه على دخوله الجامعه وحصل على البكالوريوس و المجستير ثم حضّر الدكتوراه و عمره أثنان و عشرون عاماً , و المفاجئه الكبرى ان يحصل الدكتور عمر عثمان على لقب أصغر دكتور رياضيات فى العالم .
خابت و خسرت القوانين و اللوائح , فلو كان لديها عقل أو ضمير لأنتحرت حزناً و خجلا أمام هذا اللقب .
و حين سرد الدكتور عمر سيرته القصيره زمناً و الكبيره قيمه و قامه وجدت نصيب وطنه سطراً واحداً بينما فُردت الصفحات لفرنسا , و السبب فى ذلك هى يد الجهل و الأهمال ,
تلك اليد التى كان يصتدم بها فى كل مره يحاول ان يستخرج ورقه او يترجم شهاده فى سفاره بلده فى فرنسا فيجد أنه قد احيط بكم هائل من الروتين والتعقيد مثله مثل اى انسان عادى ولم يلمس قرارات أستثنائيه تليق بأصغر دكتور فى العالم.
و حين يتجاهلون دعوته لملتقى شباب العالم , له معنى واحد أننا لا زلنا نقدم قرابين من قوتنا الناعمه لأوثان الجهل و الجمود.
و رغم الألم و الأسى أقول كلمه صغيره للدكتور عمر,
أذا كانت البلد بالنسبه لك لوائح و قوانين فقد خذلتك
أما أذا كانت أرض و شعب فالأرض لم تبخل عليك بشئ ,
والشعب يعتز و يفخر بك و يجعل منك قدوه و مثلاً لأبنائه.
و إن كان الإعتذار يطيب خاطرك فأصاله عن نفسى و نيابه عن الشعب الطيب الأصيل اقول لك “إحنا آسفين يا دكتور عمر”