مشكلتنا الأزلية للواقع الذى نعيش فيه يتبلور حول ( التشبث بالرأى ) أو قل ( رفض الرأى الآخر ، أو حتى الاستماع له )
الكل يتخيل أن رأيه هو الصائب ، ومادونه فهو الخطأ ، الكل يتخيل أنه كما يقولون ( نبع المفهومية ) ومادونه لايفقه شئ ، الكل يتخيل أنه الوطنى الأوحد ، أو السياسى الفاهم ، ومادونه لاشئ ، وللأسف لاتجد ذلك فى أى مجتمع غير المجتمعات للأسف ( الفقيرة علميا ، وغير المثقفة )
أما المجتمعات المثقفة ، والمتقدمة فى جميع مجالاتها فنجد الاستماع للرأى ، والرأى الآخر ، وللأسف الشديد هم ينفذون قواعد الاسلام مع أنهم بلا هوية اسلامية ، لأن القواعد الاسلامية تقول كما قال الشافعى ( رأيى صواب يحتمل الخطأ ، ورأى غير خطأ يحتمل الصواب ).
والمتمعن فى الاسلام يرى أن الاسلام غير ذلك تماما ، حتى مع رسول الله وهو ماهو ، الذى قال الله فيه ( وماينطق عن الهوى )
لذلك نجد أن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) كان يستشير أصحابه فى أى أمر كان مستحدثا ، وكان أحيانا ينزل على رغباتهم ، كما حدث فى موقعة الخندق مثلا ، وقد نزلت كثير من الآيات فى القرآن الكريم مؤيدة لرأى ( عمر بن الخطاب ) فى كثير من الأمور .
وكذلك نرى أن الله سبحانه وتعالىوصى بالمشورى ، ووضع قواعد الشورى بين الناس ، ( أى الاستماع للرأى الآخر ) بلا عنجهية ، ولا صلف ، ولا استبداد بالرأى الأوحد أو الفردى ، فقال تعالى ( وأمرهم شورى بينهن ) ، وقال أيضا ( وشاورهم فى الأمر )
وقال الامام مالك رحمه الله ( كل انسان يؤخذ منه ويرد )
فأين نحن فى مدتمعنا هذا من الاستماع للرأى الآخر ، وعدم التشبث بالرأى الأوحد ، هذه هى الطامة الكبرى لمجتمعاتنا للأسف فى بلجنا ، وفى منطقتنا العربية ، لذلك تضيع منا فرصا كثيرة للتقدم بسبب الصلف ، والغرور ، والرأى الأوحد ، والعنجهية الكاذبة .
مع أن الكون كله لو تمعناه لوجدناه أنه قائم ليس على الخلاف ، بل على الرأى ، والرأى الآخر بلا صلف ، ولا غرور .
فهل ياترى سنعود الى استماع لعضنا البعض ، ونترك الفرصة لجميع الآراء أن تقال ، وننفذ منها مايليق بنا ، وبأصولنا ، وهويتنا ، أم أننا سنظل حابسين أنفسنا فى قوالب جامدة لاتتزحزح ، متشبثون برأينا ، وعنجهيتنا الكاذبة .